"السجائر" و"الملثم الرمثاوي"يتصدران المشهد الأردني

الساعة 09:55 ص|26 أغسطس 2019

فلسطين اليوم

قد لا يبدو المشهد كما يظهر تماما. الأوضاع في مدينة الرمثا الأردنية اكتست صيغة “الهدوء” والمحتجون على قرار الجمارك بخصوص “علب السجائر” غابوا عن مشهد وسط المدينة، والدرك لا يزال موجودا وغرفة العمليات في الأجهزة الأمنية المختصة تبحث باهتمام عن “رسالة ما” مريبة في مشهد جزئي باحتجاجات المدينة ظهر فيه رجل ملثم مجهول وهو يطلق الرصاص من سلاح أوتوماتيكي.

الملثم الرمثاوي المجهول لا يزال غامضا.

وحتى الأهالي تعهدوا بالبحث عنه ونددوا بفعلته التي ظهرت مصورة بكاميرات الأمن، معتبرين أنها لا تمثل عشائرهم ولا حتى نشاطهم الحراكي الذي بدا عنيفا ويحاول تقليد “مشهد سوري” دون مبرر.

في عمق الحوارات الحكومية وخلال اجتماع بحضور أمني سأل أحد المسؤولين: هل نتحدث عن احتجاجات شعبية أم عن حراكات عنيفة في الشارع لصالح شريحة “مهربين” تعارض تقنين عبور عبوات السجائر من حدود جابر المحاذية مع سوريا؟

طبعا لا يمكن الحسم في الجواب. فطوال عقود تتعامل السلطات مع “تجارة الحدود” والبحارة الرماثنة وفقا للمعيار نفسه الذي تتعامل به كل الدول مع مدنها الملاصقة لمدن دولة أخرى.

المحتجون أعلنوها مباشرة: “قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق” ووجهوا رسائل مباشرة لوزير الداخلية سلامة حماد.

لكن الأدبيات في احتجاجات الرمثا كانت حساسة وحرجة، أما نتائج حوار الوسطاء مع وجهاء ونواب المدينة فقد انتهت بـ”تنازل وتراجع جمركي كبير” تردد انه يتيح لفئة البحارة والسائقين تسهيلات مختلفة عن بقية المواطنين.

بوضوح لم تكن الحكومة جاهزة لسيناريو اشتعال حريق في خاصرة مدينة الرمثا.

تلك بالمواصفات الأمنية البحتة خاصرة “رخوة للغاية” قائمة اجتماعيا على تشابك ديمغرافي ومصالحي مع حبكة درامية سورية بالجوار.

عليه موقف الحكومة الأردنية كان حرجا للغاية، فالرسائل التي وصلت من دمشق مؤخرا كانت تقول: “أغلقوا معبر نصيب برمته إذا شئتم”.

ثمة رائحة تحاول منع استغلال أي طرف سوري لأي عبث يمكن أن يحصل في مدينة الرمثا التي تتمتع بحساسية جغرافية وأمنية بحكم ملاصقتها للأزمة السورية وتشابكها مع كل تعقيداتها.

لا تريد عمان توتيرا أكبر لعلاقاتها المأزومة مع سوريا. ولا تريد مؤسساتها الأمنية المساعدة في أن يؤدي قرار “جمركي غير مدروس” ومتسرع لأزمة يمكن أن تسمح بأجندة سورية في عمق خاصرة أردنية لا شكوك في ولائها وانتمائها ووطنيتها مثل الرمثا وأهلها، الأمر الذي يعتقد أنه انتهى بنزع فتيل الأزمة، وسعي لعدم تمكين شريحة البحارة والمتضررين لما هو أكبر لاحقا من إحراق إطارات.

لا يخفى هنا على جميع المراقبين بأن التلميح لوجود ملثم ليس من أهل المدينة المعروفين، أطلق الرصاص وغاب عن المشهد يؤشر على الخوف من معطيات لها علاقة بسوريا والأزمة المفتوحة معها.

وبأن التلميح بالمقابل لوجود أطراف خارجية تحرض أهالي الرمثا عبر منصات التواصل يدخل ضمن نفس قاموس المخاوف الأمنية الأردنية مع أن مدينة الرمثا وبصرف النظر عن حساسية موقعها وجهت رسالة إنذار له علاقة بعمق أزمة الأردنيين المعيشية لحكومة تتخبط بالاتجاه الاقتصادي وخصوصا الضريبي وتعاني الأمريّن من عقدة الدخان والسجائر والحيتان.

 

كلمات دلالية