تحالف نتنياهو - ترامب خطر على "إسرائيل"

الساعة 10:34 ص|25 أغسطس 2019

فلسطين اليوم

ترجمة خاصة لاطلس للدراسات 

لا، ليس معاداة للسامية. تصرفات الرئيس دونالد ترامب (وشريكه الكبير نتنياهو) تلحق ضررًا بالدولة اليهودية وباليهود أينما كانوا، ضرر أكبر حتى من ذلك الذي كان سيحدث لو كان ترامب معاديًا للسامية. هناك ما يكفي من معاداة السامية في العالم من دون ترامب، الخطوات والأقوال (أو السكتات) التي تصدر عن الحليفين ترامب ونتنياهو تفكك وحدة يهود العالم وتضامنهم مع الدولة اليهودية، إنها تمزق من الداخل النسيج الحساس اللطيف الذي يشكل دعم يهود الولايات المتحدة لإسرائيل، وتخرب الدعم الحزبي الثنائي للمنظومة السياسية الأمريكية لإسرائيل، وتلوث التحالف القيمي والاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة على المدى المتوسط والقصير؛ وما هذه إلا مجرد بداية.

في الثالث من ابريل 2015، وباللغة الإنجليزية، أدلى نتنياهو بتصريح حول الاتفاق النووي بين الدول العظمى وإيران. شخص ما في وكالة AP ألحق بشكل غير مقصود بمقطع هذا الفيديو حرف الـ R، وكأن نتنياهو سيناتور أمريكي جمهوري محترم؛ هذا الخطأ الفرويدي المضحك لم يكن مصادفة، الحقيقة أن هذا الأمر كان يُمكن أن يحدث في الواقع. لو لم يسقط شقيقه يوناتان نتنياهو في عملية عنتيبي (1976) لكانت فرص بقاء نتنياهو في الولايات المتحدة كبيرة، حيث كان قد حصل هناك على مكانة مرموقة في مجموعة "بوسطن للاستشارات" ويمتهن مهنة أمريكية، لقد غير اسمه ليصبح "بن نيتاي" ولم تكن لديه مخططات للعودة إلى إسرائيل. سقوط يوني جعله "حامل الشعلة" العائلية، دخل إلى عزاء أخيه بصفته بن نيتاي وخرج منه بنيامين نتنياهو، الذي أصبح بعد أقل من عشرين سنة من ذلك الوقت رئيسًا لحكومة إسرائيل.

سارة زوجة نتنياهو اعتادت القول بأن بيبي لو وُلد في أمريكا لأصبح رئيسًا للولايات المتحدة. لستُ متأكدا من كونها مخطئة، لسوء الحظ من ولد في أمريكا كان هو يوني، أما بيبي فوُلد في البلاد فور عودة والديه إلى إسرائيل بعد عام من إقامتها، وكلّ ما بقي مجرد تاريخ. يعتبر نتنياهو نفسه خبيرًا في الشأن الأمريكي، في كل مرة كان يطرح فيها موضوع أمريكي في النقاشات التي شارك فيها، كان نتنياهو يقول "دعوا أمريكا لي أنا"، هذا يتضمن المناقشات السرية في الكابينت والمحادثات مع رؤساء الأذرع الاستخبارية ومحاولاتها تقييم ما سوف تفعله الولايات المتحدة في مختلف السيناريوهات، أمريكا الجالية اللاتينية والسوداء، أمريكا الأقليات والليبراليين.

سفيره في أمريكا وذراعه اليمنى رون دارمر جاء بالضبط من ذات الخلفية بالتحديد: أسرة جمهورية من فلوريدا، هؤلاء الرجلان يقودان في السنوات الأخيرة عملية ذات أهمية استراتيجية ذات طابع كارثي: يتسببون بخراب الدعم الأمريكي ثنائي الحزبية التقليدي لإسرائيل بطريقة ممنهجة، ويزيدون التضامن الإسرائيلي الأوتوماتيكي مع الحزب الجمهوري؛ لكن ما يزال هذا الأمر جيدًا. في العاميْن الأخيريْن، أصبحت إسرائيل هي الدولة المتضامنة تمامًا مع الرئيس ترامب، قبل حوالي عشرة أيام كانت نصف تغريدة لترامب (15 أغسطس) كافية لتغير على الفور الموقف الإسرائيلي بشأن زيارة عضوتيْ الكونغرس طليب وعمر إلى إسرائيل. في 20 أغسطس، وصف الرئيس ترامب 75% من يهود أمريكا بأنهم جهلة أو خونة لإسرائيل، ونتنياهو التزم الصمت.

لعشرات السنين، كان جميع قادة إسرائيل ومبعوثيها - أيًا كانوا - حذرين على ألا يقحموا يهود الولايات المتحدة في السياسة الأمريكية الداخلية، وحقيقة ان إسرائيل كانت تتمتع بالدعم الأكبر من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري اعتبرت من قبل إسرائيل واحدة من الكنوز الاستراتيجية المهمة للدولة اليهودية. رؤساء أمريكيون كانوا هم من "حددوا" رؤساء حكومة إسرائيل، جورج بوش الأب أضر سياسيًا بشامير، وبيل كلينتون (الزوج) أضر بنتنياهو، لكن إسرائيل بقيت على موقفها؛ وهو الابتعاد عن الخلافات السياسية الأمريكية ابتعادها عن النيران. نتنياهو قلب هذا السلوك على وجهه، ودمر جميع هذه التوازنات والكوابح التاريخية لصالح تحالفه الشخصي مع الجمهوريين عمومًا، والرئيس ترامب على وجه الخصوص.

في المقابل، محى نتنياهو عن جدول أعمال إسرائيل يهود الولايات المتحدة، اختار النصارى الإنجيليين في الولايات المتحدة واليهود المتدينين في إسرائيل حلفاء له على حساب الملايين من يهود الولايات المتحدة الليبراليين الذين يصوتون للحزب الديمقراطي. من جانب نتنياهو، يهود الولايات المتحدة هم بمثابة الحاضر الغائب، في المحادثات التي أجراها مع دبلوماسيين إسرائيليين في شمال أمريكا (2017) قال نتنياهو بأنه ليس ليهود الولايات المتحدة مستقبل، وأنهم سيختفون عن الخارطة في المستقبل القريب بسبب نسبة الاندماج المرتفعة، قال بأن اهتمامهم بإسرائيل يضعف سريعًا، نتنياهو ألغى "مسودة الحائط الغربي"، لا يسمح بالاعتراف بالتحويلات الأرثوذكسية التي يقوم بها الحاخامات اليهود، ويدير ظهره لمن اعتبروا حتى الفترة الأخيرة إخوة لليهود في إسرائيل ويمثلون حوالي 75% من مجمل اليهود الذين اعتبروا على مدار السنين إحدى الدعامات الاستراتيجية الأهم لإسرائيل.

 

حذر نتنياهو مرات كثيرة، سواء من قبل المشرعين الديمقراطيين المحبين البارزين لإسرائيل والدبلوماسيين الإسرائيليين العاملين أو من قبل اليهود الأمريكيين الداعمين التقليديين لإسرائيل منذ سنوات طوال؛ واحد من هؤلاء هو الملياردير اليهودي الإسرائيلي حاييم سابان، الذي يعتبر مقربًا حميمًا من الديمقراطيين. هذا كله لم ينفع، نتنياهو محى يهود الولايات المتحدة وألقى بهم تحت عجلات الحافلة، ولم يكلف نفسه حتى عناء النظر إلى الخلف. هذا الأسبوع، عندما استخدم الرئيس ترامب لفظة "غير مخلصين" في السياق اليهودي وركل برجله الجرح المفتوح والأكثر التهابًا وتفجرًا لدى يهود الولايات المتحدة (أتباع قضية بولارد المؤلمة)؛ آثر رئيس الحكومة أن يغض الطرف ويصمت، هذا السكوت له تفسير واحد لا أكثر: الموافقة.

تلقى نتنياهو تحذيرات من جهات رفيعة في المنظومة الأمنية الإسرائيلية. حسب قولهم، إمكانية أن يخسر ترامب انتخابات 2020 قائمة، وممنوع أن تحرق الجسور مع الحزب الديمقراطي ويهود الولايات المتحدة، حتى رؤساء "ايباك" المطيعين بشكل عام لأهواء نتنياهو لاذوا بالصمت، لم يفلح أحد في إقناع نتنياهو بأن الطريق الذي اختاره يؤدي إلى الدمار. نتنياهو مصر على الحفاظ على تحالفه مع ترامب مهما كان الثمن، ما يزال يحاول ان يجر الرئيس إلى زيارة خاطفة أخرى لإسرائيل. هو وترامب أحدهما مرتبط بالآخر وسيفعلان أي شيء لكي لا يكونا مربوطين أحدهما بجانب صاحبه.

السفير الأمريكي السابق في إسرائيل دان شابيرو غرد هذا الأسبوع (22 أغسطس) بأنه لاحت لترامب فرصة عمره بسبب زيارة الدنمارك التي ألغيت بعد ملحمة "شراء غرين لاند"، لن يتفاجأ أحد إذا ما وجد في إسرائيل بديلًا مناسبًا. "إذا حضر فأرجو ان يقدم مقترحًا لشرائنا نحن أيضًا" قال لي دبلوماسي إسرائيلي رفيع سابق، "في الوضع الذي آلت إليه الأمور حاليًا، يبدو لي أنه اشترى إسرائيل، بل وحصل على تخفيض كبير كما يحدث مع المشاهير".

 

 

كلمات دلالية