تقرير في غزة: تُجار يغلقون محالهم التجارية

الساعة 09:37 ص|19 أغسطس 2019

فلسطين اليوم

انعكس استمرار تفاقم الأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة، وشح الموارد المالية، نتيجة التغيرات السياسية والاقتصادية التي طرأت في أواخر الأعوام السابقة أبرزها، الخصومات على رواتب الموظفين لـ50%، وقلة فرص العمل بين الشباب، على أصحاب المحالات التجارية، في تراجع القدرة الشرائية، وبالتالي إجبارهم على إغلاق محالهم التجارية.

فتراجع القدرة الشرائية بشكل كبير، أوقع التجار الغزيين بين فكين بفعل الركود المالي، وذلك في كيفية إتمام سداد إيجار محلاتهم السنوية، وكيفية تسديد تكاليف المحال والتصرف بالمنتوجات المكدسة في حالة أَغلق التجار محلاتهم، وسط مؤشرات وإحصائيات بأنه لا حلول تذكر في القريب العاجل.

فالأسواق الغزية ورغم وجود مواسم تجارية هامة اعتاد التجار على الكسب من خلالها، باتت خاوية، ولم تسعف هذه المواسم التجار الذين انتظروها بفارغ الصبر، إلا أن القدرة الشرائية لدى المواطنين في تراجع، مع انكماش حركة البيع في عيد الأضحى المبارك، ونحن على أعتاب العام الدراسي الجديد، فتكبد على آثرها التجار خسائر مالية كبيرة، وتكدس البضائع والسلع على الرفوف.

"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" حاورت عدد من أصحاب المحلات التجارية في قطاع غزة، لتوضح حجم الخسائر التي تعرضوا لها، نتيجة انخفاض إقبال المواطنين على شراء الملابس بشكل جليّ، ما دفعهم في التفكير بإغلاق محلاتهم التجارية.

انخفاض القدرة الشرائية

وأكد التاجر أحمد النمنم، بأنه قرر إغلاق محاله التجاري المخصص لبيع الملابس، في حال استمر انخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين على شراء معروضاته المصفوفة في المحال.

وأوضح النمنم، بأن القدرة الشرائية للمستهلكين، تراجعت هذا الموسم بشكل كبير جداً، لدرجة أنه لا يُذكر بيع للمنتوجات في بعض الأحيان، مؤكداً بأن نسبة العجز وصلت لأكثر من 80%.

وذكر، بأنه تكبد خسائر بآلاف الدولارات، بمعدل ثلاثمائة دولار في الشهر الواحد، وعجزه عن سداد تكاليف البضاعة وفواتير الكهرباء وأجور العمال، علاوة عن عدمه في توفير سداد إيجار المحل، الذي يبلغ تكلفته 3 آلاف دولار سنوياً.

وأشار صاحب المحل، إلى أن نسبة البيع هذا الموسم ضئيلة جداً، في حين يصل حجم البيع لأقل من مئة شيكل، أما في الأعوام الماضية، حيث كانت كميات البيع تصل من 500 إلى 1000 شيقل في اليوم الواحد، بالإضافة إلى أن نسبة صافي الربح هذا العام لا تذكر، بحسب قوله.

وعزا النمنم، تراجع المواطنين في غزة على شراء الملابس إلى عدة أسباب أبرزها الخصومات المالية على رواتب الموظفين، وقلة فرص العمل للخريجين، وارتفاع نسبة البطالة لأكثر من 60%.

وعن تكلفة منتوجات المحل، قال النمنم، :" إن محاله التجاري وصل تكلفته بمبلغ قدره ـ30 ألف دولار، وهو بالشراكة مع عدد آخرين"، مضيفاً، بأن كميات البيع في هذه الأيام لا تغطي ثلث تكاليف المحل من أجور العمال، وفاتورة الكهرباء وغيره.

وطالب التاجر أحمد النمنم، إلى ضرورة إنهاء الانقسام باعتباره العائق الكبير في توفير فرص مل للخريجين والعمال، وإلى التراجع الفوري عن قرار الخصم على رواتب الموظفين بنسبة 50% من قيمة الراتب الأصلي.

خسائر مالية كبيرة

أما التاجر محمد الخضري، كسابقه، قرر إغلاق محاله التجاري خلال فترة وجيزة تقدر بعشرة أيام القادمة، معزياً ذلك لتردي الأوضاع الاقتصادية، والخسائر الفادحة التي تكبدها في الآونة الأخيرة، لقلة المقبلين على الشراء.

وبين الخضري _صاحب محل لبيع الملابس إيجار منذُ عشرين عاماً_، بأن حجم البيع خلال فترة عيد الأضحى المبارك، لم يتجاوز حركته الـ500 شيقل، موضحاً بأن انخفاض حجم البيع هذا الموسم، لم يسبق له مثيل طوال الأعوام السابقة.

وحول القفز عن انخفاض الشراء لدى المواطنين، أوضح، بأنه وفر حملات تنزيل وتخفيضات على أسعار المنتوجات إلى أقل من النصف من السعر الأصلي 19 شيقل للبلوزة، 39 شيقل للبنطالون، ورغم ذلك فإن القدرة الشرائية لدى المستهلكين بقيت كما هي منخفضة.

ووصف التاجر، حجم البيع للمبيعات هذا العام بالسيء جداً، مشيراً إلى أن حركة البيع لم تغطي تكاليف المحل بشكل المطلوب ككل عام، مضيفاً بأنه يدفع إيجار محل بمبلغ قدره ثلاثة آلاف وخمسمائة دولار.

 

ركود اقتصادي ونقص في السيولة

أكد المحلل الاقتصادي محسن أبو رمضان، بأن الأسواق الغزية تشهد ركود اقتصادي كبير، مشيراً إلى أن هناك تكدس كميات كبيرة من البضائع داخل المحلات التجارية، نتيجة تراجع السيولة النقدية لدى المواطنين وبالتالي قلة الشراء.

وأوضح أبو رمضان في تصريح خاص لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، بأن القطاع التجاري والخدماتي يشكلان 57%، من الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة، والبالغ قدره 4 مليارات دولار، مضيفاً بأن تضرر هذا القطاع التجاري هو تضرر بالاقتصاد الوطني كله.

وأشار، إلى أن حركة الاقتصاد في قطاع غزة، داخلية بمعنى أن حركة السلع تدور في محلها، في حين لا يوجد منافذ خارجية للقطاع على دول العالم تساعده على تفعيل حركة البطء المالي (الهش).

وذكر أبو رمضان، بأن 80% من أهالي القطاع يعتمدون على المساعدات الغذائية من وكالة الغوث "الأونروا"، وأن نسبة الفقر العام 69%، والفقر الشديد 38%، وتصل حالة انعدام الأمن الغذائي للأهالي 51%، موضحاً بأن هذه الإحصائيات تشير بأن الوضع الاقتصادي كارثي في غزة. مشيراً إلى أن حصة غزة تراجعت من المقاصة بفعل القيود على حركة الاستيراد والتصدير من 40% إلى25 %.

وعن إمكانية وجود أفق اقتصادي في الوقت القريب، ردَ المحلل المالي أبو رمضان، بأنه لا يوجد مؤشرات ملموسة وحقيقية تدل على تعزيز وإنعاش الوضع الاقتصادي المتردي في القطاع في الوقت المنظور، مؤكداً بأن الأمر مرتبط بمعالجات سياسية، كإنهاء الحصار على غزة، وإنهاء الانقسام بين الإشفاء الفلسطينيين البغيض.

ودعا التجار وأصحاب المحلات التجارية من أجل تجنب الخسارة المالية قدر المستطاع، إلى تقليص النفقات والمستهلكات غير الضرورية، والاهتمام بالسلع ذات الأولوية التي تسوق في الأسواق الغزية.

وطالب أبو رمضان في مستهل حديثه، ضرورة إعادة الوحدة الوطنية المتمثلة في إنهاء حالة الانقسام، وأن تضع في أولوياتها إنعاش الأوضاع الاقتصادية، وتشكل عملية جذب للمستثمرين في الاستثمار داخل البلاد.

والجدير بالذكر، بأن الاحتلال "الإسرائيلي" فرض حصاراً صعباً على قطاع غزة، منذُ أكثر ما يزيد عن 11 عاماً، وعليه آثر الحصار على شتى مناحي الحياة بين أهالي القطاع، بالإضافة إلى الخصومات المالية على رواتب الموظفين التي تقدر بـ50% من قيمة الراتب الأصلي.

وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني، فقد انخفض عدد العاملين في السوق المحلي في قطاع غزة، بمقدار 19,100 عاملاً، في الربع الثاني من عام 2018، ووصلت نسبة معدل البطالة في القطاع لـ 53.7%، لنفس العام.

يشار، إلى أن وزير المالية "الإسرائيلي" موشيه كحلون، قد قرر خصم 42 مليون شيقل مؤخراً، من أموال عوائد الضرائب الخاصة بالسلطة الفلسطينية فيما تعرف بأموال المقاصة، بحجة أنها تذهب لعائلات منفذي العمليات الفدائية، وعوائل الأسرى والجرحى الفلسطينيين، ويصل مجموع الخصومات لأكثر من مليار ونصف المليار شيقل، الأمر الذي سبب عجز مالي في خزينة السطلة؛ وبذلك يخالف الاحتلال اتفاقية باريس الاقتصادية.

كلمات دلالية