كون مواز - معاريف

الساعة 02:12 م|15 أغسطس 2019

فلسطين اليوم

بقلم: شموئيل روزنر

(المضمون: في هذه الانتخابات سنصوت على المواصلات وعلى الفصل بين الجنسين وعلى العلاقات التي كانت أم لم تكن مع جيفري آفشتاين. لن نصوت على الصين، على روسيا، على أمريكا، على الهجرة، على الجمارك والحرب التجارية، على الاحتباس الحراري العالمي. مصيرنا في ايدينا؟ بصعوبة مصير بضعة سياسيين - المصدر).

يعتقد كليشيه مستعمل جدا بان علينا "أن نأخذ مصيرنا في ايدينا". ستجدونه في بداية عهد الصهيونية، وستجدونه في آخر الحملات. انسحاب من طرف واحد هو "مصيرنا في ايدينا". رئيس بلدية بني براك قال انه حان الوقت "لنأخذ مصيرنا في ايدينا"، وقصد اقامة بركة سباحة في مدينته. لهذه الدرجة مصيرنا في ايدينا.

وبالطبع، فان مصيرنا ليس حقا في ايدينا. يجدر بنا ان نتذكر هذا في ضوء التحولات الدراماتيكية التي تجري في العالم، وتدحر عن النقاش العام وكأنها امورا صغيرة تافهة على هوامش الاخبار. وبينما ننشغل بالثرثرات غير الهامة عن مصير مجرم جنس امريكي انتحر، فان سبعة ملايين شخص من هونغ كونغ يحاولون أخذ مصيرهم في ايديهم – ويكتشفون انه ليس سهلا عمل ذلك في ظل الصين. وبينما ننشغل بامور من مستوى متدن، سموتريتش من هنا، باراك من هناك، فان سكان سبرود-بنسك في شمال روسيا يتعرضون (او لا يتعرضون) لمستوى اشعاع نووي خطير (أو لا) في دولة أجرت تجربة على سلاح نووي جديد (او لا) فشلت (او لا). اذهبوا لتعرفوا ما الذي حصل في روسيا، اذهبوا لتعرفوا من يقول الحقيقة ومن يكذب. على شيء واحد يمكن أن نتفق: مصير السكان ليس في ايديهم. هو في ايدي قوى اكبر منهم، اقوى منهم.

كل هذا لا يعني بالطبع انه لا حاجة للعمل. الاستعداد للشر، والتطلع الى الخير. كل هذا لا يستهدف التوصية بالعجز. العكس هو الصحيح: هدف هذا المقال هو التذكير بالواجب الهام للفصل بين الهام والتافه، والتركيز على الهام، وتنقية الضجيج. حملة الانتخابات في اسرائيل تجري في كون مواز، ليس فيه حرب تجارية مصيرية بين قوتين عظميين، ليس فيه ارتفاع حقيقي في جسارة اليمين القومي المتطرف والانعزالي، ليس فيه هبوط لحركات يسارية خطيرة، ليس فيه احتباس حراري عالمي، حركة هجرة جماعية من الجنوب الفقير الى الشمال المزدهر. يخيل لكم ان حملة الانتخابات عاصفة؟ انظروا حولكم: العالم يجتاز هزة شديدة بينما ننشغل نحن بمسألة اذا كان سيكون حاجز فاصل في ميدان مدينة العفولة ام لا لساعتين من العرض الغنائي.

نحن نفعل هذا، ضمن امور اخرى، لانه من الصعب ان نلخص الهزة العالمية في استنتاج سياسي محلي. فهل حكم الغضب والتغريدات لدونالد ترامب يخلق لاسرائيل فرصة ينبغي لها أن تجرب استغلالها في الساحة الاقليمية؟ هي المعركة المحتدمة بين الولايات المتحدة والصين تلزم اسرائيل باعادة النظر في منظومة التوازنات التي تقيمها مع القوتين العظميين؟ هل اوروبا بالفعل ضعفت لدرجة انها باتت غير ذات صلة؟ وكيف سيؤثر ضعفها على التصدير الاسرائيلي؟ ناهيك عن التصدير الهام لبريطانيا بعد البريكزيت؟ هل يعرف أحد ما كيف يجيب على هذه الاسئلة؟ اذا كان يعرف، فهل أجوبة نتنياهو افضل من اجوبة غانتس التي هي افضل من اجوبة بيرتس- واي بيرتس، اياه مع لقب الحاخام أم ذاك مع الشنب؟

اياه مع الشنب اقترح هذا الاسبوع رفع الضريبة الهامشية "للاغنياء" الى مستوى يحدث الدوار بمعدل 65 في المئة. ينبغي الامل في أن يكون يمزح، إذ ان ضريبة هامشية بهذا المستوى ببساطة لن تبقي "اغنياء" في اسرائيل. على الاقل ليس اولئك الاغنياء الذين يأتي غناهم من العمل في المجالات المطلوبة في باقي العالم ايضا. اما الحاخام فقال هذا الاسبوع فانه "يحترم الوضع الراهن"، الذي يجب "حمايته من كل ضر". في حالته ايضا يدور الحديث عن نوع من النكتة. فحزبه بطل في احترام الوضع الراهن حيث يريحه (الدين والدولة) ويتصدر في تحطيم الوضع الراهن حيث يناسبه (جهاز القضاء).

ما الذي يفكرون به حول القضايا الهامة حقا – لن نعرف. ما الذي يفكرون به حول القضايا الهامة حقا – لن يؤثر على تصويتنا. سنصوت على المواصلات وعلى الفصل بين الجنسين وعلى العلاقات التي كانت أم لم تكن مع جيفري آفشتاين. لن نصوت على الصين، على روسيا، على أمريكا، على الهجرة، على الجمارك والحرب التجارية، على الاحتباس الحراري العالمي. مصيرنا في ايدينا؟ بصعوبة مصير بضعة سياسيين. ابطال العالم في التضليل وفي الجدالات العابثة.

كلمات دلالية