علم أحمر- معاريف

الساعة 12:04 م|14 أغسطس 2019

بقلم: زلمان شوفال

(المضمون: انتصار اليسار في الانتخابات، اضافة الى أنه سيعبر عن نفسه ايضا في تشديد الانظمة وفي زيادة عبء الضرائب، من شأنه أن يعبر عن نفسه بشطب معظم انجازات حكومات نتنياهو ووقف تواصل تقدم الاقتصاد والمجتمع على مدى سنوات طويلة - المصدر).

الحركات السياسية التي ترغب في تشويش وجهها الحقيقي تسمي نفسها احيانا باسم هو النقيض التام لجوهرها، مثل "الجبهة للديمقراطية والسلام"، او حداش، الذي هو اسم الحزب الشيوعي الاسرائيلي، الذي ليست الديمقراطية ولا السلام يظهران لي في اعلى طموحاته، بل التآمر الدائم على شخصية دولة اسرائيل. هكذا ايضا المعسكر الديمقراطي، الذي ولد لدمج اسرائيل ديمقراطية برئاسة ايهود باراك وميرتس. "الديمقراطي"، مجرد كلمة، ولكن "المعسكر" موجود بالفعل، كما يعرفه القاموس: "معسكر، آنية مادية"، مثلما كتب غيل برنغر، المستشار الكبير لوزيرة العدل السابقة، آييلت شكيد: "اقامة المعسكر الديمقراطي هو مرحلة اخرى في عملية دخول الديمقراطية الى الجانب اليساري من الخريطة السياسية، أي تغليف الديمقراطية بالوان حمراء فاقعة".

وبالفعل، فان المعسكر الديمقراطي ليس سوى ميرتس زائد، معززة بمقاتلة الشارع ستاف شبير مع ايهود باراك من خارج الكنيست (ما يفعله اللواء احتياط يئير غولان ليس واضحا، على ما يبدو ليس لنفسه ايضا). ميرتس هو جسم سياسي يساري اراه كمتطرف، سواء في المجال السياسي والداخلي، أم في المجال الاقتصادي. فهو ليس اشتراكيا ديمقراطيا على نمط حزب العمال البريطاني في عهد طوني بلير، او الـ SPD الالماني، وبالتأكيد ليس مباي التاريخي، أي ليس وسط – يسار، التعريف الذي يتناسب أكثر مع العمل برئاسة عمير بيرتس. وكما قال زعيم الحزب نيتسان هوروفيتس: "نحن يساريون فخورون". ليس صدفة أن فضل بن غوريون في حينه الا يدخل مبام، أب ميرتس، في حكوماته، فما بالك أن ميرتس اليوم يخجل في نظري حتى مبام. فاليسار المتطرف لمجرد خلقه لا يمكنه أن يعتبر ديمقراطيا، لانه يضع الجماعة فوق الفرد. فالملكية الخاصة والمبادرة الخاصة هما امر مستنكر في نظره، وهو يحتقر قواعد الاقتصاد الحر ويسعى الى التأميم المنهاجي للاقتصاد، كل هذا بخلاف الحجارة الاساس للديمقراطية الليبرالية.

في الايام العادية كان يمكن التعاطي مع المعسكر الديمقراطي كلاعب آخر غير هام في الخريطة السياسية، ولكن هذه ليست اياما عادية، بل ايام جنون للمنظومات، من اليسار ومن اليمين على حد سواء. ولولا هذا، لكان يمكن الادعاء بان حزبا يكون له في اقصى الاحوال سبعة أو ثمانية نواب لا يشكل جهة ذات امكانية كامنة لتأثير هام على طريق الدولة، ولكن في وضع لا يكون فيه بوسع أزرق أبيض، مدعي التاج، حسب الاستطلاعات ان يشكل حكومة، حتى لو حصل على اغلبية الاصوات، دون أن يشرك القوائم العربية، فان من شأن المعسكر الديمقراطي أن يصبح طوقا رابطا سيكون تأثيره يفوق وزنه السياسي الحقيقي. بكلمات اخرى، فان من يصوت في الانتخابات القريبة القادمة لازرق ابيض (وكذا لاسرائيل بيتنا) من شأنه أن يحصل كربح على ميرتس وستاف شبير، وكذا على الاحزاب العربية.

لن نبحث هنا في الاثار السياسية والامنية او بحقيقة أن ميرتس وفقا لتصريحاته يرفض التميز القومي اليهودي في بلاد اسرائيل، ولكن بالنسبة للموضوع الاقتصادي والاجتماعي، من غير المستبعد ان يتسلل اللون الاحمر الى برامج الحكومة التي يكون فيها المعسكر الديمقراطي شريكا اساسيا. ينبغي الامل بان هذا الكابوس لن يكون، ولكن الكرة ليست فقط مدورة، كما يقال، بل انه في الاجواء السياسية البيزنطية السائدة اليوم قد تقع مفاجآت، ولا سيما اذا واصلوا في الجانب اليميني من المتراس السياسي في قذاراتهم.

لقد منح عصر نتنياهو، بداية كوزير للمالية، وبعد ذلك كرئيس للوزراء، اسرائيل فترة من الازدهار الاقتصادي والاجتماعي غير المسبوق. بفضل سياسته (وسياسة المحافظ الاسبق ستانلي فيشر) تجاوزت اسرائيل بنجاح الازمة الاقتصادية الحادة التي ألمت بكل العالم منذ 2008، ولهذا الدرس توجد اليوم اجابات خاصة في ضوء المؤشرات المتكاثرة على أزمة اقتصادية عالمية جديدة. تعتبر اسرائيل اليوم قوة عظمى اقتصادية واحدى الدول الرائدة في العالم في مجال العلم، التكنولوجيا والزراعة. البطالة هي بين الادنى في العالم، ومع هذا تتواصل مسيرة، بخلاف معظم البلدان المتطورة، لتقليص الفوارق. وكما شهد مؤخرا مقال في صحيفة "ذي ماركر" ففي السنوات الخمسة الاخيرة طرأ ايضا جمود في وتيرة ارتفاع الاسعار، وسعر سلة الاستهلاك للعائلة النموذجية انخفض بـ 5 في المئة بالنسبة لدول متطورة اخرى. وفي نفس الوقت يبدو النمو في الاقتصاد ملموسا بالذات في الطبقة الوسطى وفي الطبقة الادنى، حين يكون الارتفاع الحاد في الدخل هو نتيجة الارتفاع في التشغيل والارتفاع في الاجر – ثمرة سياسة الحكومة.

لقد أعلنت شركة التصنيف الدولية S&Pمؤخرا عن أن النمو في اسرائيل سيتواصل بوتيرة سريعة. وبالمقابل، فان انتصار اليسار في الانتخابات، اضافة الى أنه سيعبر عن نفسه ايضا في تشديد الانظمة وفي زيادة عبء الضرائب، من شأنه أن يعبر عن نفسه بشطب معظم انجازات حكومات نتنياهو ووقف تواصل تقدم الاقتصاد والمجتمع على مدى سنوات طويلة.