آخ يا وجع الفراق..

بالصور "ماما طولت".. هكذا يبدو العيد في منزل أم مقدسية أسيرة!

الساعة 12:07 ص|13 أغسطس 2019

فلسطين اليوم

"بابا.. ماما طولتْ".. غصة كبيرة ترافق قلب الطفلة سدين ابنة الثمانية اعوام في كل مناسبة، الأعياد تحولت بالنسبة لها ولأشقائها من مناسبة فرح إلى بيت للحزن، فمظاهر الفرحة معدومة في بيت الأسيرة المقدسية فدوى حمادة في عيد الأضحى المبارك.

وعلى الرغم من أنَّ أطفال الأسيرة فدوى حمادة (32 عاماً) الخمسة لا يتجاوز كبيرهم سن العاشرة واصغرهم الرضيعة مريم التي تبلغ من العمر عامان وستة أشهر؛ إلا أنهم يعون جيداً ظروف أمهم التي تواجه حكماً بالسجن لمدة 10 أعوام.

حمادة وسدين ومحمد وأحمد ومريم إلى جانب والدهم منذر حلت عليهم مناسبات عدة في غياب الأم فدوى قسريا خلف قضبان الاحتلال بعد اعتقالها في أغسطس/آب من العام 2017 بالإضافة إلى غرامة مالية بقيمة 30 ألف شيكل، بزعم محاولتها تنفيذ عمليتي طعن بحق شرطي إسرائيلي ويهودي متشدد من "الحريديم" في منطقة باب العامود بالقدس.

الأطفال الخمسة حتى الرضيعة مريم لا تكف السنتهم عن سؤال ابيهم عن ست الحبايب فيتسألون "متى لقاء الأحبة؟"، متى ستشتري لنا ملابس العيد وكسوة المدرسة؟، ومتى ستعمل لنا الحلوى المفضلة؟، ومتى ستصحبنا إلى المتنزه؟، متى ستقرأ لنا حدوتة الليل التي كان "الوحش" فيها يتقمص دور جنود الاحتلال الذين خطفوا في الحقيقة والدتهم؟، وعلى الرغم من أن والدهم ومعه والدة فدوى يحاولان قدر الامان التخفيف عنهم إلا أن اسئلة اولئك الأطفال لم تلقَ اجابات شافية، إذ عندهم كل الكلام هُراء حتى تحتضنهم امهم بين حنايها.

ويصادق اليوم ثاني أيام عيد الاضحى المبارك دخول الأسيرة فدوى حمادة (32 عامًا) من قرية صور باهر بالقدس المحتلة، عامها الثالث في سجون الاحتلال، حيث تقضي حكمًا بالسجن لمدة عشر اعوام.

المناسبات بالنسبة لمنذر زوج فدوى تتحول من مناسبات للفرح إلى حزينيات خاصة عندما ينظر في عيون اولاده ويستذكر زوجته التي تقبع في سجن الدامون، يقول "احاول قدر الامكان في الاعياد والمناسبات ان أعوض اولادي عن غياب امهم القسري، فاشتري لهم الملابس، والحلويات، والألعاب، وطباعة صورة الام على كيك المناسبات، لكن كل ذلك لا يمكن ان يحلَّ مكان فدوى".

ويضيف: اطفالي اشتاقوا لامهم كثيراً، صحيح أنهم بدأوا يدركوا تفاصيل الحكم على والدتهم وانها ستغيب فترة كبيرة، لكن في بعض اللحظات يموتون قهراً على والدتهم التي كانت ولا تزال بالنسبة لنا ذلك الشيء الكبير، متابعاً "احاول انا ووالدة فدوى -حماتي- التخفيف عن الاولاد لكن الوضع النفسي لهم صعب".

ويشير إلى أنَّ زوجته فدوى التي يزورها احياناً في المعتقلات برفقة واحد من اطفاله في كل مرة دائما ما توصيه بضرورة شراء الملابس لأطفال، وادخال الفرحة على قلوبهم الصغير التي لا تحتمل فراق الألم والبعد، لافتاً إلى انه يعمل بوصاياها، إذ يشتري الملابس والألعاب والحلوى ويذهب بهم إلى اطفاله ويخبرهم ان تلك الهدايات من أمهم.

وعن ذكرياته مع فدوى في الاعياد والمناسبات قبل اعتقالها قال منذر "كانت فدوى تضفي جواً خاصاً على المناسبات، إذ كانت تعد المأكولات والحلويات واشهى الاطباق، وتحرص على كسوة الاولاد".

يقول الزوج منذر "حياتي انقلبت رأسا على عقب، كانت فدوى هي مدبرة الأمور للمنزل وللأطفال، وأنا منتظم بعملي كبقية الرجال، أصبحت فجأة الأب والأم ومسؤولا عن كل كبيرة وصغيرة، وأعظم الهموم زوجتي التي تقبع خلف القضبان".

يؤكد الزوج أن ليله انقلب لنهار منذ اعتقال زوجته التي تبلغ من العمر ثلاثين عاما، وأن الهموم باتت رفيقته، مما أدى إلى إصابته بمرض السكري مؤخرا واعتماده على حقن (الإنسولين) اليومية لتتضاعف معاناته، مشدداً على أنه لا يرى طعماً أو مظهراً للعيد في ظل غياب زوجته فدوى التي كان بمثابة عمود البيت وزينته.

وبين أن حياته انقلبت رأساً على عقب حزناً وقهراً على زوجته خاصة انها تركت خلفها الرضيعة مريم التي تربت في بيت والدة زوجته، نظراً لكبر سن والدته، وهو أمر يحزنه كثيراً أن تحرم تلك الرضيعة من امها بسبب ظلم السجان الإسرائيلي، ومن اكثر الاوقات العصيبة التي مرَّ بها منذ هو فطام ابنته الرضيعة مريم التي فرَّق الاحتلال بينها وبين والدتها وهي في عمر 4 أشهر.

أما أمل ربايعة والدة الأسيرة فدوى عادت بذاكرتها إلى يوم اعتقال فدوى، وقالت إن خبر اعتقال فدوى وصلهم من زوجها منذر، مشيرةً إلى أنها سقطت مغشيا عليها ونقلت لمستشفى المقاصد القريب ومكثت هناك ليلة بسبب إصابتها بتشنجات نتيجة الصدمة، ثم قررت استجماع قواها لتتمكن من الاعتناء بأحفادها الذين فقدوا والدتهم فجأة.

وتحدثت الأم المكلومة عن الحالة النفسية الصعبة لابنتها في المعتقل الإسرائيلي، إذ اضطرت رفيقاتها غب بادئ الامر لإعطائها أدوية خاصة بالأعصاب والاكتئاب، وكثيراً ما كانت رفيقاتها في السجن يحدثن والدتها خلال الزيارات عن أن فدوى تدخل في نوبات بكاء وصراخ صعبة كلما تذكرت أبناءها أو شاهدت صورهم.

وتحرص والدة فدوى على اصطحاب من يسمح لهم من أبنائها باستمرار لزيارتها ليطمئن قلبها عليهم، لعل تلك الأم تطفأ ظمأ اشتياقها ولو قليلاً.

cc167e9e-54c7-469e-816f-4582ce7cc92e
cc167e9e-54c7-469e-816f-4582ce7cc92e (1)
cc167e9e-54c7-469e-816f-4582ce7cc92e (2)
580
 

كلمات دلالية