تحليل " أولي" لقرار وقف الاتفاقات مع إسرائيل.. د. وليد عبد الحي

الساعة 03:16 م|27 يوليو 2019

فلسطين اليوم

قد أتفهم رضا حماس وغيرها من المنظمات الفلسطينية عن قرار سلطة التنسيق الأمني وقف العمل بالاتفاقيات مع إسرائيل، لكني سأكون اقل تفهما إذا كانت حماس " تصدق" ذلك فعلا.

يمكن تحديد اطار العمل بين السلطة واسرائيل من خلال عشر (اتفاقات او بروتوكولات او اعلانات مبادئ) تعد هي الاساس لكل ما يجري بين الطرفين ، وتشمل هذه الاتفاقات : مدريد 1991- اوسلو 1993- غزة اريحا 1994- باريس الجمركي 1994 - طابا 1995- واشنطن 1995- الخليل 1997-واي ريفير الأولى 1998- واي ريفير الثاني 1999- التنسيق الامني 2005.

ولتحليل قرار سلطة التنسيق الأمني الجديد لا بد من اثارة النقاط التالية:

1- الاعلان هو عن " وقف" (وترجمها الاسرائيليون halt) وتعني تعليق الاتفاقات وليس الإلغاء، وهو ما يعني ان استراتيجية التفاوض ستبقى قائمة بمجرد ان تبدي اسرائيل أي اشارة " ايجابية" ، وهي المسألة التي تتقنها اسرائيل كثيرا، وستوفر اسرائيل للسلطة في وقت مناسب هذه الاشارة لتعود حليمة لعادتها القديمة.

2- ان الخبرة التاريخية مع سلطة التنسيق تؤكد انها اتخذت قرارات عديدة بالوقف لبعض الاتفاقات ، وهددت باللجوء للمحاكم الجنائية الدولية وبوقف التنسيق الأمني لكنها لم تنفذ ايا من هذه التهديدات، وسبق وأن اشرت الى ان سلطة التنسيق الامني اعلنت 58 مرة (آخرها قرار من المجلس المركزي) بوقف التنسيق لكن ذلك لم يحدث بل ازداد نطاقه.

3- والسؤال الأكثر اهمية هو : ما هو بديل السلطة في ظل قرارها الأخير؟ فهي ترفض المقاومة المسلحة او الانتفاضة من ناحية ولا تريد الاستمرار-كما تقول- في الاتفاقيات مع اسرائيل من ناحية ثانية، وهو ما يعني ترك الواقع على حاله وهو ما يعني استمرار هدم البيوت والاستيطان وتهجير الريف الفلسطيني نحو مدن الديسكو وغض الطرف عن اتساع نطاق التطبيع العربي الاسرائيلي ..فهل هذا هو المخرج، فالسلطة تعلن انها ضد المقاومة(لأنها عبثية كما تدعي) وضد الاستسلام(لان اسرائيل لا تلتزم) ، وعليه ما هو البديل الثالث لسلطة التنسيق ..انه ترك اسرائيل تفعل ما تريد .

4- سلطة التنسيق الامني تحاول بهذه القرارات التي ليس لها أدنى اثر على الواقع القائم ان تستعيد بعضا من شعبيتها المتآكلة وتبرير استمرارها في موقعها ، وهو موقع فاقد للشرعية منذ عقد كامل، فقراراتها التي تظهر في لحظات أزماتها المتلاحقة هي محاولة لترميم بناء تشققت جدرانه من كل ناحية، فمن يحاصر غزة ويرفض المقاومة بكل اشكالها ويقطع رواتب الاسرى والشهداء لا قيمة " لِحَرَدِه" من اسرائيل.

5- ان الاجراء الصحيح هو انتخاب قيادة جديدة ( رئيس ومجلس وطني فلسطيني) ، وهذه القيادة الجديدة هي التي تتخذ القرار سلما أو حربا.

مرة أخرى ، اتفهم ان تؤيد التنظيمات الفلسطينية خطوة " الحرد " لسلطة التنسيق الامني، ولكني لا أتفهم هذه التنظيمات " إذا صدقت" دبلوماسية الحرد ، فالمؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين ، فماذا لو فاق عدد مرات اللدغ 58 مرة؟...

كلمات دلالية