ورشة جديدة في البحرين لممارسة عادة التطبيع العربي- بقلم: علي الصالح

الساعة 10:04 ص|27 يوليو 2019

فلسطين اليوم

بقلم: علي الصالح

زيارة جديدة للمنطقة ودليل آخر على فشل ورشة البحرين. جاريد كوشنر يخطط لزيارة جديدة للمنطقة على رأس وفد صهيوني كبير، لإيهام نفسه أولا ورئيسه ثانيا، وبعض الأنظمة العربية لاسيما الخليجية ثالثا، بان ورشة البحرين الاقتصادية لا تزال حية، وأنها تؤتي أُكلها. والغرض من هذه الزيارة التي تشمل إسرائيل والسعودية ومصر والأردن والإمارات وقطر، حسب زعمه، هو تشكيل ما وصفه بصندوق دولي لدعم الاقتصاد الفلسطيني، لجمع الـ50 أو60 مليار دولار، يكون مقره البحرين.

وسيسبق هذه الزيارة مؤتمر آخر على غرار ورشة المنامة، سيعقد أيضا في البحرين التي جندت نفسها لخدمة دولة الاحتلال والدفاع عنها والتطبيع معها، لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

لكن، رغم الصورة الوردية التي يحاول كوشنر وموظفه الصغير وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد، رسمها لورشة البحرين، ورغم استمرار الوزير البحريني، الذي هدد بفرض صفقة القرن على الفلسطينيين، حتى إن لم يوافقوا عليها، بلقاءاته والتقاط الصور التطبيعية مع مسؤولين اسرائيليين، رغم كل ذلك يصر ران إدليست كبير المحللين العسكريين في صحيفة «معاريف» على أن «مؤتمر البحرين» انتهى بفشل وليس أي فشل، بل هو فشل مدوٍّ للسياسة الإسرائيلية قبل الأمريكية.

زيارات ما يسمى الوفود العربية لإسرائيل تتم في أوقات فيها الغضب في الأراضي الفلسطينية والقدس في أوجه والمشاعر ملتهبة

ويدعو الكاتب إسرائيل وهي على أعتاب الانتخابات العامة المعادة، أن تتحقق من نتائج «مؤتمر البحرين» الذي يحلو لمسؤولين إسرائيليين كثر أن يصفوه بقصة نجاح، وهو في الحقيقة لم يكن أكثر من تظاهرة علاقات عامة، تعكس سياسة منهارة للحكومة الإسرائيلية الحالية، التي حاولت بواسطتها أن تغطي على إخفاقاتها المدويّة في جبهات أخرى.

ويصف ادليست البحرين بقاعدة أمريكية في حي سعودي، ويصف العائلة الحاكمة هناك بسلالة محلية سيطرت على حقول النفط بمساعدة بريطانيا والولايات المتحدة. أما نظرته للنظام السعودي فلا تختلف كثيرا، ويصفها بالأكثر سوءاً بين الدول على جميع الصعد من حقوق الإنسان والمرأة، والفساد المستحكم، بلد كما يقول تحول كل مواردها القومية لمصلحة ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يستخدم البحرين كمحطة تجارب في قضية التطبيع مع دولة الاحتلال، وهو الممول الحقيقي لورشتها الاقتصادية طبعا بأمر من الراعي الاكبر.

أما آفي بنياهو الذي يكتب في الملحق الأسبوعي لـ«معاريف» فيعتقد، أن أحد أهداف بن سلمان من ورشة البحرين إضافة إلى إغراءات التطبيع، هو إقناع بنيامين نتنياهو بشن حرب على إيران، وهذا يعكس جهل بن سلمان وحاشيته بعقلية إسرائيل، التي لا يمكن أن تضحي بظفر أي من جنودها من أجل عيون السعوديين وغيرهم، وبناء على ذلك فإن النتيجة التي انتهى إليها هذا المؤتمر، في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، هي أسوأ من الفشل. لم تكن ورشة المنامة أكثر من حفل ساهر يشعر فيه المسؤولون العرب بقمة النشوة والسعادة وهم يتحدثون لمسؤولين إسرائيليين، أيا كان مســـتواهم الســياسي، والذين يرون فيهم مفاتيح لأبواب واشنطن، ويلتقطون الصور معهم ويقدمونها لاسيادهم كبطاقة مرور ونيل الرضى.

نعم ورشة البحرين لم تكن أكثر من حفل للتطبيع الرسمي، الذي يتفاخر به نتنياهو ويعتبره إنجازا بينما هو ليس أكثر من مناسبة أخرى تضاف إلى المناسبات التي يتكرر فيها ظهور الوجوه العربية الرسمية المطبعة مع المسؤولين الاسرائيليين. ودليل آخر على فشل نتنياهو في تحقيق الاختراق التطبيعي الشعبي، الذي يصبو إليه، تلك الضجة الإعلامية التي أثارتها إسرائيل حول زيارة ستة صبية مجهولي الهوية من السعودية والعراق والأردن باحثين عن شهرة ويزعمون أنهم صحافيون، وهل هناك مجال لتحقيق الشهرة المطلوبة اكثر من زيارة اسرائيل في هذه الظروف ولقاء مسؤولين فيها!

وهل هناك إفلاس أكثر من أن يضيع رئيس الوزراء الاسرائيلي وقته في استقبال مجموعة من الصبية، يدّعون أنهم صحافيون، كدليل على الاختراق الذي يتحدث عنه في التطبيع العربي الشعبي. ولم تقتصر الاستقبالات على نتنياهو الذي لا يضيع فرصة للحديث عن إنجازاته على هذا الصعيد، مع اقتراب موعد الانتخابات، بل شملت العديد من المسؤولين الآخرين.

ولا أدري من أين تنتشل أجهزة المخابرات الإسرائيلية مثل هؤلاء، في اللحظة المناسبة لصرف الانظار عن جرائمها بحق الفلسطينيين. فقد تزامنت الزيارة الأخيرة مع الغضب الفلسطيني العارم جراء جريمة هدم منازل جنوب القدس، وتشريد المئات من الفلسطينيين لفرض التطهير العرقي في القدس. وبينما تكتمت وزارة الخارجية الاسرائيلية صاحبة الدعوة ووسائل الإعلام الإسرائيلية على أسماء هؤلاء الصحافيين وهم إن كانوا حقا صحافيين فإنهم من الدرجة العاشرة وغير مؤثرين في الرأي العام العربي، لم يكشف النقاب إلا عن هوية السعودي لغرض في نفس يعقوب، منها إثارة الفتنة بين الفلسطينيين والسعوديين. وجرى تسليط الأضواء على هذا الشاب السعودي واسمه محمد سعود، وأفرجوا عن شريط مصور له قالوا إنه مقابلة مع إذاعة جيش الاحتلال قال فيها باللغة العبرية، إنه يحب إسرائيل ويشعر بأن الإسرائيليين مثل عائلته. وبعدها أطلقه مضيفوه ودون حراسة في البلدة القديمة، وهي التي يكون فيها عدد جنود الاحتلال ورجال الشرطة في العادة أكثر من عدد المارة، ووجهوه من دون حراسة نحو المسجد الاقصى، الذي لا تبعد حواجزهم عنه سوى عشرات الامتار، وهم يعلمون انهم ربما يخاطرون بحياته، خاصة أن المشاعر في القدس والأراضي الفلسطينية ملتهبة بسبب عمليات هدم المنازل، ولكن الفلسطينيين أضاعوا الفرصة على الاحتلال فكانوا اكثر حذرا، واكتفى الصبية باستقباله بما يليق به بالبصق والشتائم بدون إلحاق أي أذى به، وطردوه من باحات الأقصى وعدم السماح له بتدنيسه، داعين إياه لأداء الصلاة في البرلمان الاسرائيلي «الكنيست».

وفي محاولة أخرى لإثارة الفتنة بين الفلسطينيين، والأخوة السعوديين الذين عبروا بمعظمهم على مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم لما أقدم عليه المدعو محمد سعود، فقد جرى تسريب شريط فيديو يعتدي فيه أشخاص يرتدون دشاديش أشيع انهم سعوديون على أشخاص قيل إنهم فلسطينيون، ولكن سرعان ما تبين زيف هذا الشريط وتدارك الامر.

واللافت للانتباه ان زيارات ما يسمى الوفود العربية لاسرائيل تتم في اوقات فيها الغضب في الاراضي الفلسطينية والقدس في اوجه والمشاعر ملتهبة، فقد تمت زيارة تطبيعية لوفد بحريني للبلدة القديمة في القدس لصرف الانظار عن هبة بوابات الاقصى التي سقط فيها شهداء وجرحى، وجاءت زيارة «الإعلامية» الكويتية فجر السعيد أثناء هبة مصلى باب الرحمة. وتمت الزيارة الاخيرة بينما كانت سلطات الاحتلال تهدم حي وادي الحمص في بلدة صور باهر جنوب القدس لعزلها عن جنوب الضفة الغربية.

واخيرا وحسبما قالت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية فـ«إن كل من يعرف ولو معرفة سطحية الشعب الفلسطيني يدرك أن لا أمل في التوصل إلى أي تسوية تنهي الاحتلال مع استمرار سيطرة إسرائيل على القدس الشرقية والحرم القدسي الشريف. هكذا، بحماقة وفي حفل واحد، (اقصد ورشة البحرين الاقتصادية) يقطر عسلاً وابتسامات، حكمت إدارة ترامب على سكان إسرائيل بالعيش في صراع دائم أو في دولة فصل عنصري «أبارتهايد»، يعيش فيها نوعان من السكان، أحدهما يتمتع بالحقوق والثاني بلا حقوق».

واختتم بالقول إن هذا الشعب بصغاره وكباره، بنسائه ورجاله، يؤكد مجددا انه شعب واع، شعب لن يموت وسيظل يقاوم مهما طغى الاحتلال وطبَّع «الاشقاء»، ويبقى هو أهل البقاء وهو الجدير بفلسطين، والفناء والزوال سيكون مصير الاحتلال.

 

كلمات دلالية