بالصور في صالة كمال الأجسام.. قصة تحدٍ لأربعة شباب مبتوري الأقدام

الساعة 08:28 م|20 يوليو 2019

فلسطين اليوم

ليس من السهل أن تفقدَ مالًا، أو أي شيءٍ عزيزٍ عليك، فما بالك عندما تفقد جزءًا منك، عندما تفقد أحد أطرافك، هذا ما عايشه أربعة شباب في مقتبل العمر من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، لكن صوتًا ما جاءهم من بعيد، هدهد على قلوبهم المضطربة، وانتشلهم بعد أن غرقوا في الألم والإحباط والتعب.

أربعة شباب قرروا أن يخلعوا ثوب الألم والإعياء الذي ينخر أجسادهم، ويتوجهوا لواحدة من أصعب الرياضات حتى يتحدوا أنفسهم وإعاقتهم، والاحتلال الذي تسبب ببتر أقدامهم، ويكملوا مسيرة الحياة بنضال وشغف كبيرين، وطموح بزغ كنور في آخر النفق.

باسم الدخني أحد أبطال حكايتنا يروي تفاصيل الألم الذي تحول لأمل، فبعد أن بترت قدم الشاب الثلاثيني عقب إصابته برصاص الاحتلال الإسرائيلي على حدود قطاع غزة، وقع فريسة للإحباط والاكتئاب نظرًا لتغيُّر طابع الحياة، وفقدانه لعمله البسيطة كسائق "توكتوك"، وتبدل حاله وحركته وحياته.

لكن رابطة صغيرة لمبتوري الأقدام في رفح كانت بذرة حسنة لتزرع فيه وأصدقائه روح التحدي، فمنهم من كان يمارس كمال الأجسام قبل إصابته ومنهم من أصبح يمارسها بعد الإصابة، والسبب الأول والأكثر إلحاحًا لخوض غمار التجربة، هو حماية أجسادهم في حال تعرضهم لأي طارئ، وتقويتها لتصبح عونًا لهم بعد أن فقدوا أقدامهم.

ويقول الدخني لمراسل "فلسطين اليوم الإخبارية": "تعبت من كثرة العمليات بعد إصابتي في يونيو 2018، وتدهور أوضاعي الصحية بشكل عام، وبدأت أشعر أن جسمي يفقد قوته، مما أثر على وضعي النفسي بشكل كبير، ثم جاءت رابطتنا لتنقذني من الدوامة التي ضعت داخلها".

الدخني الذي يقطن وعائلته الصغيرة المكونة من 4 أفراد في بيت عائلته، أصبح اليوم شعلة من حماس، وبدأت آثار التمارين تظهر على جسده الذي يزداد صلابة وقوة، الأمر الذي دبَّ السعادة والأمل في روحه من جديد رغم صعوبة الأوضاع المادية التي يسعى أن يحسنها بأي صورةٍ كانت.

ويسعى الشاب الثلاثيني ورفاقه إلى تطوير قدراتهم آملين أن يمثلوا فلسطين في رياضة كمال الأجسام يومًا ما، وأن يستطيعوا مقاومة الاحتلال الذي أراد أن ينهي حياتهم بأسلوب جديد، حتى يصبحوا قدوة لكل المصابين ولكل من فقد الأمل.

أما محمد الأخرس فقد ذاق مرارة الاحتلال قبل إصابته، فقد تم أسره في عام 2007، وتحرر في عام 2013، ثم أصيب في شهر نيسان/آيار من عام 2018، في رحلة من الكفاح والألم كادت أن تطيح به في وحل الاكتئاب والعزلة، لولا عزيمته وصلابة الشباب من حوله.

صاحب الـ32 عامًا عاد لهوايته القديمة من جديد بتحفيز من الرابطة، ليس ذلك فحسب، بل كان محفزًا لهم كونه يملك الخبرة التي استغلها للعودة إلى بناء جسده بشكل صحي، ومعاونة رفاقه للاستمرار رغم الجهد الكبير الذي يبذلونه.

وعن تفاصيل حياته يقول محمد لمراسل "فلسطين اليوم الإخبارية": "أسكن بالإيجار مع زوجتي وطفلتي، لكنني قادر اليوم على القيام بأعمالي اليومية بطريقة اعتيادية، حيث أن كمال الأجسام يقوي عضلات الجسم مما يساعد أصاحب الإعاقة في الاعتماد على أنفسهم، وتجنب أي إصابات أو حوادث نتيجة فقدانهم لأقدامهم".

وثالث الشباب هو خميس فوجو ابن الـ32 عامًا، وصاحب العزيمة الصلبة، الذي أخذ على عاتقه منذ إصابته أن يتحدى الاحتلال الإسرائيلي، ويسعى بكل قوته أن يصبح مثالًا وقدوة لكل مصاب، حماسه الكبير انعكس على طريقة كلامه، ولمعة عينيه التي تدلُّ على إصرار صلب.

ويقول خميس لمراسل "فلسطين اليوم الإخبارية": "أصبت في يوليو 2018 وبعد بتر قدمي اتخذت قرارًا بالتغلب على الإعاقة، لأن الاحتلال يريد أن نبقى سجناء في أجسادنا، لذلك عدت إلى ممارسة الرياضة من كرة قدم وكمال أجسام".

ويبحث الشاب عن أي وسيلة للنضال في وجه الاحتلال، ويرى في الرياضة هذه الوسيلة القادرة على إيصال الصوت الفلسطيني لضحايا الاحتلال، لذلك يسعى لتمثيل فلسطين في كرة القدم أو كمال الأجسام.

الإصابة حرمت خميس من العودة إلى عمله في مزارع الدجاج، لكن أطفاله الثلاثة كانوا دومًا عاملًا محفزًا ليقوم من جديد عندما يشعر بشيء من الإحباط، أو عند اشتداد الألم، لكن في قلبه غصة خرجت على شكل سؤال قائلًا: "نحن نريد أن نعيش كرامًا، فعلى الجميع أن يساعدنا، وأن يوفر لنا عملًا كريمًا، لنكمل حياتنا بشرف وعزة".

أما أصغرهم سنًا محمد حسين طالب تكنلوجيا المعلومات وصاحب الـ21 عامًا، الذي ساعدته رياضة كمال الأجسام في الخروج من حالته الصعبة بعد إصابته وبتر قدمه في أيار من عام 2018، والعودة إلى مقاعد الدراسة.

ويركز محمد كثيرًا في دراسته، آملًا أن يجد فرصة في سوق العمل في المجال الذي أحب، مؤكدًا أن الطموح لا يتوقف عند الإصابة، ويضيف: "أريد أن أعمل في مجالي وأساعد عائلتي لتحسين أوضاعنا المادية، كما أريد استكمال مشواري في رياضة كمال الأجسام".

ويتعمد الاحتلال الإسرائيلي إطلاق النار بشكل مباشر على المشاركين في المسيرات السلمية على حدود قطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد 311 مواطنًا، وإصابة 17443آخرين.

 

كمال الأجسام 1
كمال الأجسام 2
كمال الأجسام 3
كمال الأجسام 4
كمال الاجسام 5
كمال الأجسام 7
كمال الأجسام 8
كمال الأجسام 9
كمال الأجسام 10
كمال الأجسام 11
 

كلمات دلالية