الجيش الاسرائيلي، الامن القومي -يديعوت

الساعة 12:07 م|20 يوليو 2019

فلسطين اليوم

وما بينهما

بقلم: رئيس الاركان الفريق افيف كوخافي

(المضمون: الجيش الاسرائيلي هو شرط لوجود الدولة، ولكن تأثيره يجد تعبيره ايضا في مساهمته في المجتمع، الاقتصاد وقيم الدولة، وهذا نصيبه العام في الامن القومي - المصدر).

يستهدف الأمن القومي السماح بوجود الامة، واكثر من ذلك السماح بوجودها على مدى الزمن، بشكل آمن، محترم وقيمي. والقوة العسكرية ليست العنصر الحصري في الامن القومي، ولكنه بلا ظل من شك العنصر الحيوي، الضروري والاكثر مركزية.

منذ قيامه، يحمي الجيش الاسرائيلي الدولة والشعب، يساعد في سياقات النمو والازدهار ويساهم في الاقتصاد بشكل مباشر وغير مباشر. الامن والاستقرار هما البطانتان اللتان تحميان دواليب الاقتصاد وتسمحان لها بالتحرك بحرية. يوجد عدد لا حصر له من البحوث التي تثبت العلاقة الواضحة: كلما ارتفع مستوى الامن، كان مستوى الخطر وانعدام اليقين اقل، وقدرة الاستثمار وفرصه اكبر والنمو أعلى. اكثر من هذا، فان الجيش الاسرائيلي نفسه هو واحد من محركات النمو المركزية لدولة اسرائيل. فهو القاطرة التي تدفع وراءها مئات قاطرات الصناعة الثقيلة والصناعة الغنية بالتكنولوجيا، للمصانع والشركات الداعمة لسياقات الانتاج، الصيانة والتفعيل، ويؤثر على الاقتصاد الاسرائيلي من الاقصى الى الاقصى – يوفر اماكن عمل، ويساهم في تنمية بلدات المحيط الجغرافية والاجتماعية لدولة اسرائيل.

ان مساهمة الجيش الاسرائيلي في الاقتصاد مثبتة، ولكن يجدر التركيز على مساهمته القيمية والاجتماعية. الجيش الاسرائيلي هو جهاز الاستحداث الاكبر في الدولة، وربما احد اكبرها في العالم.

الاستحداث لتنمية القوى البشرية والمجتمع بوسائل واساليب مميزة. جهاز يتلقى في صفوفه طابورا طويلا من ابناء الشبيبة، من طبقات السكان المتنوعة، ويعطي للجميع فرصة متساوية للتطور وفقا لقواهم. مكان السكن، الانجازات الرسمية في التعليم، الدين، الطائفة وفي معظم الاحوال النوع الاجتماعي، لا يكون لها وزن حين يعرض على الجندي او المجندة مسار مهني او قيادي. يفتح امامهم جملة واسعة من الامكانيات. اضافة الى ذلك، في حالات عديدة تكشف وتظهر الخدمة في الناس مزايا كانت تبرز اقل حتى هذه المرحلة. الجنود الذين يأتون كجزء من فريق وتحت الضغط يظهرون المبادرة والنباهة، قدرة التنفيذ وقدرة الادارة والقيادة، يبرزون، يحظون بالاعتراف والتقدير ويرفعون.

هذه مزايا لا تنكشف غير مرة في أطر التعليم التقليدية، والخدمة العسكرية تخلق الظروف والحافز المشجعين لهذه المزايا على أن تخرج وتجد تعبيرها. تؤدي هذه الحقيقة الى ظهرة اخرى في تميزها – وهي احساس الثقة بالنفس التي يطورها الجنود والقادمة. فالتحديات والتجربة التي يجمعها الجندي والقائد في الجيش، الانجازات التي حققها بقواه الذاتية او كجزء من الجماعة، القدر على قيادة مهام واظهار القيادة، ترفع لديه احساس القدرة الشخصية وترفع قامته، وتتواصل معه حتى بعد أن يخرج من بوابات الجيش. ان دولة اختبر رجالها التحديات وتغلبوا على المصاعب، وادوا ادوارهم كجزء من فريق، وحركوا الاخرين، ونفذوا المهام – بعضها في مستوى عال من الخطر – واختبروا بالقيادة، هي دولة تشحن كل الوقت بطاقة منعشة في شكل اناس مع ثقة بالنفس، تكون المبادرة، احساس القدرة، الابداعية والجسارة هي الرمز الداخلي الذي اعتادوا عليه. في نظرة وطنية – هذه ظاهرة لا يمكن التقليل من اهميتها.

 

ان احد الاسباب التي تجعل دولة اسرائيل تتصدر في المبادرات بشكل عام، وفي محيط الحداثة بشكل خاص، هو الظاهرة الانسانية – الاجتماعية التي تنشأ من مجرد وجود تجنيد الزامي في اسرائيل. بلا رتوش، وانطلاقا من الواجب الامني، نشأت ظاهرة مميزة لا مثيل لها في شكل تأهيل الجماهير – تأهيل على القيادة الشابة والجسورة، مع تجربة تنفيذية، عملياتية ووعي تكنولوجي متطور، في ظل تجسيد مسؤولية كبرى على كتفين شابين، وغير مرة في اوضاع متطرفة تنطوي على الحياة والموت. هذا المقدر البشري، الذي تبارك المجتمع الاسرائيلي به، هو بالضبط المقدر الذي يوجد في نقص في الاقتصاد العالمي، ولو كنا أخرجنا نموذج "جيش الشعب" عن سياقه الاسرائيلي، لكان الاقتصاد والمجتمع في اسرائيل سيفقدان ذخرا هاما.

ان كل هذه السياقات تؤدي الى ظاهرة اخرى، هامة ونادرة – اندماج متسارع وريادة اجتماعية. فالخدمة العسكرية تشوش الحدود التي تنشأ بين اجزاء البلاد، بين المدن والاحياء، وبين الطبقات والفئات السكانية. فالخدمة العسكرية تمحو مخلفات النار بين القطاعات، الطوائف، مستويات التعليم والوضع الاجتماعي الاقتصادي. الخدمة العسكرية تربط وتوحد، وتخلق تراصا اجتماعيا عاليا، لا يوجد أي مجتمع أو دولة لا يتطلعان اليه ويضعانه كهدف. واضافة الى ذلك، فان المساواة في الفرص، والرسمية واكتشاف

المزايا التي تظهر بتشجيع الخدمة العسكرية تجعل الجيش الاسرائيلي محفزا للريادة هو الاكبر في الدولة، والظاهرة الخاصة في نظرة عالمية. ولهذا السبب، وبفضل كل هذا، فان الجيش الاسرائيلي هو ظاهرة مميزة، ظاهرة قومية، تعود للشعب، مساهمتها في المجتمع، الاقتصاد، وبالطبع وفوق كل شيء الامن – هي استثنائية.

يوجد شيء هام آخر – الجيش الاسرائيلي يعزز الهوية والتماثل لمن يخدم فيه مع الدولة ومع قيم الشعب اليهودي – ويثبت مبدأ الرسمية والديمقراطية. الجيش الاسرائيلي، الذي يدخل الى بواباته جنودا من كل الطبقات والقطاعات – يشكرهم في يوم التسريح، يودعم ويحييهم بتقدير، وهم اكثر تجربة، اكثر ثقة، مزودين بمزايا حيوية للحياة، متماثلين أكثر مع دولتهم ومؤمنين اكثر بأنفسهم.

الجيش الاسرائيلي هو شرط لوجود الدولة، ولكن تأثيره يجد تعبيره ايضا في مساهمته في المجتمع، الاقتصاد وقيم الدولة، وهذا نصيبه العام في الامن القومي.