التوتر في الخليج كفيل بأن يؤدي الى اتفاق نووي جديد

الساعة 05:02 م|12 يوليو 2019

التوتر في الخليج كفيل بأن يؤدي

الى اتفاق نووي جديد

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: يوجد على الاجندة حلف دفاع عام. والسؤال هو هل ستضحي اسرائيل بحريتها في العمل مقابل تعهد امريكي بالدفاع عنها. بعد سنوات من الهدوء تنتظر الجيش معركة مع وزارة المالية. وفي الجيش كان هناك من فضل اخفاء ما حدث في عملية خانيونس - المصدر).

هناك علاقات متبادلة خفية بين الانتخابات في اسرائيل في شهر ايلول القادم والانتخابات في الولايات المتحدة. أول أمس كتب بن مسبيت في "معاريف" أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يفحص امكانية استئناف الاتصالات بشأن تشكيل حلف دفاعي مع الامريكيين. المنطق السياسي من وراء هذه الخطوة مفهوم: نتنياهو استغل بشكل جيد لصالحه علاقته الجيدة مع زعماء الولايات المتحدة، روسيا، الهند، البرازيل ودول اخرى، عشية الانتخابات الاخيرة. ترامب كان هو الاكثر سخاء منهم جميعا باعلانه عن الاعتراف بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان الذي انضم لقراراته السابقة، الانسحاب من الاتفاق النووي ونقل السفارة الامريكية الى القدس.

ولكن في هذه الاثناء الحاجة السياسية لنتنياهو وترامب اصبحت متبادلة. ولأن مكانته في الاستطلاعات تتراجع فان نتنياهو يحتاج الى عملية مدوية في الساحة الاستراتيجية. في حين أن ترامب يستطيع الاستعانة بنتنياهو من اجل الانتخابات كشخص يقدم توصية بالاستقامة لدى ناخبيه الافنغلستيين، الذين في معظمهم هم من مؤيدي اسرائيل. الحلف يمكن أن يتلخص في النهاية باتفاق دفاع عام. أو باعلان مباديء فقط. ولكن اذا جاء ترامب الى البلاد قبل الانتخابات من اجل الاعلان عن ذلك فهو بذلك يقدم معروف كبير لصديقه. في جهاز الامن المواقف على قضية الحلف الدفاعي مختلفة منذ عقدين. السؤال الرئيسي هو هل اسرائيل ستضحي بجزء من حرية عملها – مثلا في حالة الحاجة الى القيام بعملية مبادر اليها ضد حزب الله – مقابل تعهد امريكي للخروج للدفاع عنها في زمن الحرب.

قبل بضعة اسابيع تملك ذعر معين عدد من الوزراء بسبب سيناريوهات وضعتها المخابرات حول امكانية استفزاز ايران على حدود اسرائيل في محاولة لحث الامريكيين على العودة الى طاولة المفاوضات. بتقدير متمعن ولاحق يبدو أن الخطر الاساسي يكمن في قطاع غزة بسبب تراكم ظروف خارجية وداخلية. يوجد للايرانيين تأثير كبير على رجال الجهاد الاسلامي هناك. هم يمكنهم استغلال الكترون حر وخطير لاغراضهم في القطاع – قائد اللواء الشمالي للجهاد، بهاء أبو العطا، سبق واتهم من قبل اسرائيل بمحاولة تقويض التهدئة في نيسان الماضي. هذا الشخص يمكن أن يحاول ويقود مرة اخرى الى تصعيد جديد لاعتباراته الشخصية أو بتوجيه من بعيد.

في هذا الاسبوع كشف الجيش الاسرائيلي عن النفق الهجومي الـ 18 الذي اكتشف اثناء العمل في بناء السور على الحدود. ويتبين كما يبدو أنه التفرع الاكثر استراتيجية منها جميعا الذي بواسطته اخترق نشطاء حماس الاراضي الاسرائيلية وقاموا باختطاف الجندي جلعاد شليط في حزيران 2006. قائد حماس في القطاع، يحيى السنوار، هو واحد من الـ 1027 سجين فلسطيني الذين قررت حكومة نتنياهو اطلاق سراحهم في صفقة شليط بعد خمس سنوات. حسب تقديرات الاستخبارات العسكرية، السنوار يواصل قيادة الخط العقلاني في حماس في القطاع، الذي يطلب تسهيلات في الحصار، وفي نفس الوقت لا يسارع الى الحرب مع اسرائيل.

في هذا الاسبوع نشرت في "هآرتس" تقارير عن تسهيل آخر رتبته اسرائيل سرا، زيادة عدد العمال والتجار المسموح لهم بدخول اسرائيل، من 3 آلاف الى 5 آلاف شخص. السنوار الذي قضى 22 سنة في السجن الاسرائيلي، يتحدث اللغة العبرية بطلاقة وهو يعتقد أنه يفهم جيدا المجتمع الاسرائيلي. في هذه الاثناء هو يكتفي باطلاق بالونات حارقة من اجل تحقيق اهدافه. أمس ظهر خطر أن تشوش حادثة محلية على جهود التهدئة، بعد أن قام جنود الجيش الاسرائيلي باطلاق النار وقتل أحد نشطاء حماس المسلحين قرب الجدار في شمال القطاع. حسب اقوال حماس الامر يتعلق بخطأ اسرائيلي والقتل استهدف ابعاد شباب اقتربوا من الجدار بدون موافقة.

تأثير معاكس

التطورات الاقليمية الاخيرة تبشر في نظر الجيش الاسرائيلي بعملية اوسع. تتراكم دلائل مقلقة في عدة قطاعات تشير الى اغلاق الفرصة المريحة نسبيا من ناحية أمنية، التي كانت لدى اسرائيل على خلفية الهزة في العالم العربي، الحرب الاهلية في سوريا والتهدئة على حدود القطاع، التي بدأت بعد عملية الجرف الصامد في صيف 2014.

غزة تعصف مرة اخرى، منذ نهاية آذار 2018، الموعد الذي بدأت فيه حماس المظاهرات الجماهيرية على الجدار. منذ ذلك الحين هي ملعقة بشعرة. ايران عادت الى خط مضاد مع الغرب ازاء الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي وتجديد العقوبات. في سوريا، رغم الهجوم الجوي الواسع ضدها، فان ايران لا تتنازل عن جهود التواجد العسكري لها. في نفس الوقت سيطر نظام الاسد من جديد على معظم الدولة وبدأ في اعادة تأهيل جيشه. روسيا توفر لسوريا بطاريتي صواريخ مضادة للطائرات متقدمة من نوع "اس300" التي ستتحدى نشاطات سلاح الجو الاسرائيلي في سماء سوريا ولبنان، الى جانب النظام المتقدم جدا "اس400" الذي تشغله هي نفسها. في لبنان حزب الله اعاد معظم قواته من سوريا، وعاد الى تركيز اهتمامه بتحضير المواجهة المستقبلية مع اسرائيل (رغم أنه لا يبادر الى مواجهة كهذه حتى الآن).

في كل هذه الساحات تواصل اسرائيل استخدام "المعركة بين حربين". خلال سنوات سوق الجيش المعركة بين حربين في كجهد من اجل ابعاد الحرب. الهجمات المختلفة تمس بقدرة العدو وتردعه عن فتح حرب شاملة. ولكن هذا الجهد يمكن أن يؤثر ايضا بشكل معاكس: الهجمات تعزز شعور المواجهة المستمرة، وهجوم فاشل (أو فتاك اكثر مما خطط له) من شأنه أن يدهور المنطقة الى شفا الحرب. هذا تقريبا اوشك على الحدوث مرة واحدة في كانون الثاني 2015 بعد أن نسب لاسرائيل قتل جنرال ايراني وشخصية كبيرة في حزب الله في هجوم في هضبة الجولان السورية. حزب الله رد بقتل ضابط وجندي اسرائيليين في مزارع شبعا، والطرفين وجدا انفسهما في حرب لم يخططان لها ولم يرغبان فيها.

هذه صورة قاتمة جدا، لكن لا يمكن الفصل تماما بين الطريقة التي تعرض بها وبين ما ينتظر وراء الزاوية: الخطة متعددة السنوات الطموحة التي يبلورها رئيس الاركان افيف كوخافي والمعركة المتوقعة مع وزارة المالية التي يخطط لها من اجل تقليص كبير ازاء العجز في الميزانية بعد انتهاء الحملة الانتخابية الثانية التي فرضها نتنياهو على الدولة. عشرات الطواقم العسكرية ما زالت تنشغل بعملية التخطيط دون أن يكون لها أي فكرة ماذا سيكون اطار الميزانية المتوفر لها. جزء من مصادر تمويل الخطة يمكن أن يرتكز على تحويل داخلي لموارد في الجيش الاسرائيلي. وضمن امور اخرى، النية هي انشاء نظام واسع من اجهزة المحاكاة في القوات البرية، يمكن من القيام بتدريبات اكثر فعالية وأرخص، الى جانب التدريبات الميدانية مثلما يفعل سلاح الجو منذ عشرات السنين.

في هيئة الاركان يتولد الانطباع بأن رئيس الحكومة خبير في الخطط ومصغي لاحتياجات الجيش. ولكن نتنياهو سبق وتعهد في حياته بكثير من الامور لكثير من الاشخاص. لا يمكن بالتأكيد معرفة أين سيكون بعد الانتخابات وهل سيجتاز بسلام مشكلاته القضائية. في المقابل، من الواضح أن شهر العسل مع وزارة المالية انتهى. وانتهى سريان التفاهمات التي توصل اليها وزير المالية موشيه كحلون ورئيس الاركان السابق غادي آيزنكوت التي مكنت الطرفين من الامتناع في السنوات الاربعة الاخيرة عن القيام بصراعات البازار التركي التي ميزتهما في السابق. نمو الاقتصاد ينخفض، العجز يرتفع ووزارة المالية تحذر من أنه ستكون حاجة الى اغلاق الفجوة التي تبلغ 25 مليار شيكل في الميزانية. وزارة الدفاع ستضطر الى التنافس على نصيبها مع وزارة الرفاه ووزارة الصحة ووزارة التعليم.

ما الذي يحدث في وحدة العمليات الخاصة

في بداية الاسبوع نشر الجيش بصورة استثنائية بيانات واستنتاجات مفصلة نسبيا بشأن العملية الخاصة التي تعقدت في خانيونس في تشرين الثاني 2018. في حادثة قتل فيها المقدم م. وسبعة نشطاء لحماس. رجال قسم العمليات الخاصة في الاستخبارات العسكرية اعتقدوا أن ما يحدث في وحدة العمليات الخاصة يجب أن يبقى داخلها، واعتقدوا أن الجيش ايضا يمكنه الاختفاء تحت غطاء السرية، مثلما يفعلون في الشباك والموساد في حالات مشابهة. رئيس الاركان كوخافي ورئيس الاستخبارات الجنرال تمير حاييم قررا اعطاء التفاصيل، بذريعة أن الجيش يجب أن يبلغ الجمهور عن حدث صعب جدا ودراماتيكي، طالما أن الضرر الامني الذي يمكن أن يسببه النشر مسيطر عليه ومحدود. هكذا ظهرت للعالم العناوين الكبيرة في صحف يوم الاثنين، التي وصفت الحادث كـ "بطولة وفشل" – شجاعة مقاتلي القوة الخاصة الذين نجحوا في النجاة بواسطة اطلاق النار بعد احتجازهم من قبل قوة لحماس، والفشل الذي يبدو عندما قتل المقدم م. بالخطأ من قبل زملائه.

فعليا، الضابط الذي اطلق النار على نشطاء حماس هو الذي اصاب كما يبدو زميله في السلاح. هذا لا يعتبر فشلا، بل هو أداء في ظروف صعبة جدا، الذي من المشكوك فيه أن يقوم شخص من الخارج بالحكم عليه. حسب كبار ضباط الجيش القرار باطلاق النار انقذ حياة رجال القوة الآخرين ومنع سقوط بعضهم في الأسر. قريبا ستجتمع لجنة الاوسمة الخاصة بالقيادة العامة من اجل أن تقرر كم وأي الاوسمة يجب منحها للمقاتلين الذين شاركوا في العملية. وسائل الاعلام تنافست على نشر قصص جيمس بوند في العملية، لكن مهما كانت ممتعة ومدهشة هذه الاوصاف إلا أن عملية اتخاذ القرارات والاعداد للعملية اكثر اهمية. وهذه تنتمي الى عالم كتب جون لاكارا، وليس عالم ايان فيلمنغ.

عملية القوة الخاصة، يعترف الآن الجيش، لم تحقق هدفها. لذلك فان كشف القوة والاصابات التي تلقتها تعكس فشل صارخ، الذي بالتأكيد سيحدث هزة ستؤثر على جهاز الاستخبارات الاسرائيلية كله. وسيكون لها هزات ثانوية سيتم الشعور بها لفترة طويلة. ليس صدفة أن ضباط كبار يتركون عملهم الآن، من بينهم رئيس لواء الوحدة الخاصة العميد ج. وقائد في الجهاز، ضابط برتبة مقدم. وعلى خطورة الازمة يدلل ايضا القرار الاستثنائي لكوخافي باعادة رئيس الوحدة، العميد احتياط أ، الى منصبه الذي شغله الى ما قبل ثلاث سنوات وتسرح من الجيش.

خلال سنوات كان القطاع في اسفل سلم اولويات الاستخبارات. معظم الجهود والموارد تم توظيفها بتوجيه من نتنياهو في محاربة ايران ومبعوثيها الاقليميين وعلى رأسهم حزب الله. المعلومات الاستخبارية التي معها تقدم الجيش الاسرائيلي لعملية الجرف الصامد في 2014، مثلما كشف في تقارير صحفية وبعد ذلك في تقرير مراقب الدولة، كانت جزئية فقط. بعد الحرب تقدم الجيش لعملية الاصلاح، لكن يبدو أن هذه ايضا كانت مترافقة مع عمليات ذات خطر مرتفع. يمكن التقدير أن القطاع المكتظ والمغلق والشكاك تحول الى منطقة اصعب القيام بعملية عميقة فيها مقارنة مع مناطق اخرى. ليس كل اختبار اجتزته بنجاح في مكان ما يمكن أن يحدث بالضرورة في مكان آخر. من قرر ارسال المقاتلين الى العملية في التوقيت و المكان الذي تم اختيارهما، يبدو أنه اخذ في الحسبان هذه الاعتبارات.

من الوصف الذي اعطاه الجيش الاسرائيلي فان م. صمد بنجاح في الـ 45 دقيقة من الاستجواب الشديد واحيانا العنيف لرجال حماس الى أن توصل زميله في القوة الى استنتاج بأنه لا مناص من اطلاق النار من اجل النجاة. التحقيقات العسكرية المفصلة والتي شاركت فيها جهات رفيعة في اذرع الاستخبارات الاخرى عملت في هندسة الى الخلف في سلوك القوة، الاعداد لها ونظام اتخاذ القرارات.

بسبب الظروف الاستثنائية سيعود المقدم أ الى الجيش كمدني يعمل في الجيش الاسرائيلي، وفقط بعد أن يوقع على اتفاق تضارب مصالح. بعد تسريحه من الجيش فان الكثيرين من خريجي الوحدة الخاصة يواصلون العمل في عالم الظلال لشركات تكنولوجية واستخبارية وسايبر. هذا مدخل محتمل لصراعات اخلاقية يجب علينا الأمل بأن تحول هذه المرة الى المدعي العسكري الرئيسي كي يحسم فيها بنفسه، ولن يصادق عليها من قبل مستوى متدني.

الضابط أ هو ضابط كبير وله انجازات كبيرة ومقاتل شجاع، الذي في بداية العقد تم استدعاءه لاعادة تأهيل وحدة استخبارية مختارة كانت في ازمة. ولكن ايضا في هذه الحالة من الافضل أن نذكر: لاكارا وليس جيمس بوند. اسماء عدد من ابطال الحادثة الحالية انضمت لقضية احدثت هزة في السابق، حول صداقتهم مع المقدم احتياط بوعز هرباز، خريج الوحدة الخاصة والرجل الذي اعترف بتزوير الوثيقة التي نتجت عنها القضية المعروفة باسمه. من تقرير مراقب الدولة حول هذه القضية، نجوا بجلودهم بعد قيام رئيس الاستخبارات في حينه كوخافي ووقف بتصميم من اجلهم. ايضا هذه الحقيقة يجب أن تشكل تذكير بأن الامر لا يتعلق هنا بأبطال كبار أو اشخاص قديسين. مثلما يميل عدد من المقالات الى وصفهم، بل اشخاص من لحم ودم يعملون في واقع معقد.