خبر من الأفضل لنا أن نقوم بالتحقيق بانفسنا

الساعة 02:50 م|28 يناير 2009

من الافضل لنا ان نقوم بالتحقيق بانفسنا

بقلم: ايال بنفنستي

(برفيسور في كلية القانون في جامعة تل ابيب)

 

خلال القتال في غزة طرحت اسئلة تتعلق بتجاوزات للقانون الدولي. جهات عسكرية في الجيش والحكومة تدعي بصورة قاطعة ان العمليات كانت قانونية. لهذا السبب بالتحديد يتوجب على تلك الجهات ان تقوم الان بالتزام قانوني اخر - استيضاح تلك المسائل وتقصيها.

 

واجب التحقيق في العمليات خلال الحرب والتي تمضخت عن اضرار واسعة في صفوف المدنيين والتي تثير الشكوك بوجود خروقات قانونية هو مسألة ينص عليها القانون الدولي. قرار محكمة العدل العليا بصدد الاغتيالات الممركزة امر باجراء "فحص جذري" حتى بعد اصابة من شارك في القتال بصورة مباشرة، هذا ناهيك عن الحالات التي تلحق فيها الاضرار بالسكان المدنيين.

 

"الفحص الجذري" لا يعني لجنة تحقيق رسمية او تحقيق جنائي، هدف العملية هو تدارس العلميات المنفذة وليس البحث عن مذنبين. (الا ان تكشفت خلال ذلك ادلة تلزم بذلك)، هناك مسافة كبيرة بين خرق القانون ان حدث اصلا وبين جرائم الحرب التي يتطلب تاكيدها البرهنة عن وجود نية لتنفيذها اصلا.

 

القانون الدولي والقانون الاسرائيلي يحددان خطوطا هيكلية لهذا الفحص. هذه عملية تحقيق فعالة قادرة على توضيح اغلبية الحقائق والتوصل الى استنتاجات ويجب ان تكون مستقلة، ذلك لان احدا لا يستطيع ان يحقق مع نفسه. عملية التحقيق يجب ان تتم بكل سرعة ممكنة. على المحققين ان يتطلعوا للشفافية قدر المستطاع وان يتيحوا لكل معني ان تطرح ادعاءاته وادلته. ويجب ان يتم الفحص بطريقة تتوخى العدالة. هذه ليست مجرد مسالة متعلقة بواجب قانوني.

 

ولهذا الفحص والتقصي نتائج عملية ضرورية. الدولة التي تفي بهذا الالتزام والواجب وتحقق في اعمالها انها تحمي جنودها من خلال ذلك من التقديم للمحاكمة في الخارج. الحماية هنا ثلاثية الابعاد:- اولا مجرد وجود التحقيق الداخلي هذا يقلص الحاجة لتدخل دولة اجنبية مثلما حدث مع محاكمة شارون في قضية صبرا وشاتيلا حيث ادعى محاموه ان التحقيق الاسرائيلي قد استنفد ذلك. ثانيا استخلاصات عملية التحقيق قد تبدد الادلة وتدحض الادعاءات التي ستطرح في اجراءات قانونية في الخارج ان جرت. ثالثا حدود المسموح والممنوع خلال القتال ليست واضحة دائما (ما هي مثلا عملية المس العابر بالمدنيين بصورة "مفرطة"؟) المحاكم تميل الى تفحص البدائل ووجود التقصي المسبق قد يكون اساسا للتبرئة من التهم.

 

وفضلا عن ذلك، فبمجرد اجراء الفحص تبعث اسرائيل برسالة مفادها انها تتعاطى بجدية مع قوانين القتال. القتال في غزة اثبت مرة اخرى ان للحفاظ على القانون اهمية عسكرية وسياسية. في ظروف القتال المغطاة اعلاميا، سمعة الجيش كمحافظ على القانون تمنحه طول نفس ابعد. وعليه يستند الجيش الاسرائيلي الى مشورة قانونية في الزمن الحقيقي. ولكن المشورة في الزمن الحقيقي لا يمكنها ان تاتي على حساب المراجعة التالية على اساس جملة الحقائق.

 

لقد شكلت الحكومة طواقم فحص مختلفة. فهل ستسمح هذه الطواقم بـ "فحص جذري"؟ هل ستكون هذه مستقلة؟ هل يمكنها ان تقيم مظهرا للعدل؟ اذا كان لا، فان ليس مهمتها فقط لا داعي لها بل مجرد وجودها من شانه ان يدل على نية اخفاء وتملص من المسؤولية.