بالصور "الذهب الأصفر" ينتشر على قارعة الطريق وينعش جيوب الفقراء

الساعة 05:30 م|15 يونيو 2019

فلسطين اليوم

"يفرك" الشاب محمد غنيم "أبو عمر" عينيه ويرتدي ملابس العمل، وقبل أن يترك أبنائه ويغادر المنزل يرتشف فنجان من القهوة عله يساعده في تنشيط الدورة الدموية وإزالة النعاس، ويتجه الشاب غنيم منذ ساعات الفجر إلى أراضي "بيت حانون" شمال قطاع غزة، أو إلى أراضي البحر أقصى الشمال الغربي للقطاع.

يقضي "غنيم" (35 عاماً) أكثر من ساعة على طابور الانتظار؛ ليحصل على ما يزيد عن 20 (بُكسة) من محصول الذرة الذي يطلق عليه أيضاً "الذهب الأصفر"، وما أن يحصل على نصيبه من الكمية المحدودة، حتى يعود إلى سوق معسكر جباليا أملاً في أن يبيع الكمية ويحصل على ما يسد رمق أطفاله.

فمع مطلع شهر مايو من كل عام، وعلى أعتاب فصل الصيف تنتشر في شوارع وأحياء قطاع غزة ظاهرة بيع الذرة بأنواعها المختلفة (المسلوقة - المشوية – المملحة بالليمون والفلفل)، ويعتبر بيع الذرة مصدر رزق لمئات الأسر التي وضعها الحصار ضمن قائمة البطالة.

مصدر رزق 

عشرات الشبان يتجولون في الأسواق الشعبية في قطاع غزة، يصدحون بأعلى أصواتهم (الـ12 بـ5 شيكل أو الـ13 بـ5 شيكل، ذهب أصفر يا ذرة، فرح ابنك بكوز ذرة) ويستمر مسلسل المنافسة بينهم حتى غروب النهار؛ ثم نشهد منافسة جديدة قرب شاطئ البحر حيث بيع الذرة (المسلوقة أو المشوية) ذات الملاذ الطيب.

الشاب غنيم يقول لمراسل فلسطين اليوم الإخبارية": "هذه السنة الثانية التي أعمل فيها ببيع الذرة في الأسواق، وهو أفضل بكثير من الجلوس في البيوت، فالبيع يُعلم الصبر، والايمان بقدر الله، والسعي للرزق، ويعرفنا طبيعة وأنواع البشر".

وأضاف: "عملي الأساسي هو بيع الخضروات؛ لكن اتجه لبيع الذرة في أيام فصل الصيف كونه موسم، ويكون عليه طلب كبير من الناس"، مشيراً إلى أن الطلب على شراء الذرة يكون حسب الوضع الاقتصادي للناس، ففي الأيام التي تسبق صرف الرواتب تكون الحركة ضعيفة، أما بعد عملية الصرف تتحسن الحركة ونشعر بنشاط في عملية البيع.

ويعتقد الشاب غنيم، أن الوزارات المختصة لا تراقب على أسعار ولا جودة المنتج، لافتاً إلى أنه تعرض للغش من بعض التجار حيث وجد عددٍ من (الكوزان) تالفة بفعل الديدان في (البُكسة) مما عرضه لقلة الأرباح وعدم تناسبها مع المدة التي يقف فيها تحت أشعة الشمس ليحرق أيامه بعيداً عن عيون أطفاله.

وعن أرباحه قال غنيم: "أحصل في نهاية اليوم من (40 إلى 50 شيكل) وهي بالكاد تكفي لسد حاجيات المنزل والأطفال"، علماً بأن الشاب غنيم يُعيل 8 أفراد.

يبيع بالجملة

وعلى قارعة الطريق قبل الدخول إلى سوق المعسكر، تجد الشاب "أبو خليل" (26 عاماً) يرتب بسطته المليئة بأكواز الذرة لتظهر أمام المارة بالشكل اللافت الجذاب، ثم يلقي الماء على الأرض علها تخفف من حدة الشمس الحارقة.

الشاب "أبو خليل" يسرد لمراسل "فلسطين اليوم الإخبارية" رحلته اليومية منذ بزوغ الفجر وحتى غروب الشمس، قائلاً: "في الصبح الباكر اتجه إلى بيت لاهيا قرب شارع جكر لأحصل على الكمية المطلوبة للبيع، ثم اتجه إلى سوق المعسكر"، مشيراً إلى أن عملية الشراء هي التي تحدد طبيعة البيع إما مفرق أو جملة.

ولفت "أبو خليل" إلى أنه أجبر في كثير من الأيام على البيع بالجملة، لقلة الحركة من قبل الناس، لذلك كان العائد المادي وراء عملية البيع ضئيلة جداً وفقاً لقوله.

وأشار إلى أنه يشتري من 20 إلى 30 بُكسة ذرة من التجار يومياً، وكل بُكسة تحتوي على 20 كوز، ويبلغ سعر البكسة الواحدة حسب جودتها من (5 إلى 9 شيكل).

أوضح "أبو خليل" إلى أن الكثير من الأطفال يلجؤون إليه لشراء الذرة بهدف بيعها على الطرقات سواء ذرة مسلوقة أو مشوية أو حتى الذرة المملحة بالشطة والليمون.

عبر عن سعادته

عندما يأتي المساء تجد الشاب محمد صلاح في العشرينات من العمر منهمكاً في اشعال النار، على شاطئ بحر غزة حيث الكورنيش، أملاً في بيع ما يملك من الذرة والحصول على ما يسد رمقه أسرته.

ويُعيل صلاح 8 أفراد من أسرته (إخوته وخواته ووالديه) ويستغل جميع المواسم بهدف الاسترزاق وتوفير لقمة العيش لأسرته في ظل استمرار أزمة البطالة والفقر المدقع في قطاع غزة لأسباب متعددة أهمها الحصار والانقسام.

ويُشير إلى أن الناس يرغبون في بداية الصيف تذوق الذرة بأنواعها المسلوقة والمشوية خاصة على شاطئ بحر غزة، معبراً عن سعادته لتوفير دخل يومي لأسرته متمنياً دوام النعمة وزيادتها.

معلومات صحية عن الذرة

تعتبر الذرة من أكثر الحبوب استعمالاً في العالم، كما ويعتمد الكثير من سكان الأرض عليها كمادة غذائية رئيسية بسبب احتوائها على كمية عالية من السعرات الحرارية، إضافة إلى أن بذورها تحمل أغلب العناصر الغذائية الجيدة؛ ويمكن أن تنمو البذور بعدة ألوان، ويعتمد ذلك على مكان الزراعة والبيئة التي تنمو فيها الذرة، وللذرة فوائد هامة للصحة، أبرزها:

-غنية بالفيتامينات: فهي مصدراً مهماً لتزويد الجسم بفيتامينات "أي" و"بي" و"إي" والمواد الغذائية المهمة، وتحوي على الثيامين وهو أحد فيتامينات "بي" المركبة والقابلة للذوبان في الماء، وله أهمية في القيام بالمهام الحيوية للجسم، مثل تقوية أداء العضلات والجهاز العصبي، وتنشيط عمل الإنزيمات المختلفة وإنتاج حمض الهيدروكلوريك المفيد في عملية الهضم، إضافةً لاحتوائها على فيتامين نياسين المهم في رفع مستويات البروتينات الدهنية المرتفعة الكثافة والتي تعرف باسم الكوليسترول الجيد.

-غنية بالمعادن: تزود الذرة الجسم بالكثير من المعادن كالمغنيسيوم والزنك والحديد والنحاس والتي توجد بكثرة في جميع أنواع الذرة، بالإضافة إلى ذلك تحتوي الذرة على معادن أخرى مفيدة للجسم، مثل السيلينيوم المفيد في تكوين مضادات الأكسدة والذي يحرس خلايا الدم والقلب والكبد والرئتين، بحسب موقع "أورغانيك فاكت.

-مضادة للأكسدة: الذرة مصدر غني بمضادات الأكسدة، كما نشرت دراسة حديثة من جامعة كورنيل الأميركية، وتعد الذرة لذلك غذاء مهما للوقاية من السرطان، إذ تعمل مضادات الأكسدة على تدمير الخلايا السرطانية في الجسم، وتقي الخلايا السليمة.

-غنية بالطاقة: الذرة غنية بالسعرات الحرارية، إذ يحتوي مئة غرام من الذرة على 342 سعرة حرارية، وتعد الذرة بذلك أكثر أنواع الحبوب احتواء على السعرات الحرارية، وينصح بتناول الذرة لغرض زيادة الوزن، كما تساعد الجسم على القيام بعمليات الأيض اليومي.

-غنية بالألياف الغذائية: تحتوي الذرة على نسبة كبيرة من الألياف الغذائية، ويغطي كوب واحد من الذرة نحو 18.4% من احتياجات الجسم اليومية من هذه الألياف، لذا تعتبر الذرة مهمة جداً لمساعدة الجسم في عملية الهضم والوقاية من الإمساك، وكذلك الوقاية من أمراض السرطان، وخاصة سرطان القولون، كما ذكر موقع "أورغانيك فاكت" الإلكتروني.

٢٠١٩٠٦١١_٢١١٧٢٥
٢٠١٩٠٦١١_٢١١٨١٨
٢٠١٩٠٦١٥_١٧٢٧٢٧
٢٠١٩٠٦١٥_١٧٢٨١٨
12
13
 

54
545
 

كلمات دلالية