بالخوف لا نردع - معاريف

الساعة 01:25 م|13 يونيو 2019

بقلم: عاموس غلبوع

 

 

(المضمون: تعرف حماس ان السير على حافة الحرب قد يؤدي في النهاية الى حرب شاملة وهي على ما يبدو مستعدة لان تخاطر لانها تعرف ان المشكلة هي عندنا واننا ببساطة نخاف من الحرب - المصدر).

 

في الاسبوع الماضي تحدث رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" اللواء تمير هايمن في مؤتمر مركز تراث الاستخبارات. ومن اقواله أبرزت وسائل الاعلام نقطتين: الاولى، أن "حماس مردوعة جدا من الحرب... ولا تريدها". والثانية، ان ليس لحزب الله اليوم "قدرة عملياتية في كل ما يتعلق بالصواريخ الدقيقة".بالفعل، اقوال تهدئة وتشجيع لشعب اسرائيل.

 

بودي أن أتناول في هذا المقال اقواله عن ردع حماس من الحرب. برأيي هذا العنوان ليس كاملا ولا يعكس كل الواقع. بتقديري العنوان الاصح هو التالي: حماس تطلق الصواريخ على اسرائيل، عند الحاجة، وتستخدم العنف الدائم، رغم أنها لا تريد لهذا العنف أن يتطور الى حرب شاملة. وسأشرح نفسي: في الجرف الصامد، حماس (وملحقاتها) اطلقت 3.852 صاروخ. في العام 2015 اطلقت 15 صاروخ، في 2016 ايضا 15 صاروخ، وفي 2017 اطلقت 29 صاروخ. ولكن منذ اذار 2018 بدأت بسياسة جديدة تماما حين اطلقت في 2018 ما لا يقل عن 1.119 صاروخ. وحتى حزيران 2019 تمكنت من أن تطلق 784 صاروخ. هذا مجرد عنصر واحد من السياسة الجديدة: العنصر الثاني هو ضغوط عنيفة مدروسة تستهدف ابقاء السكان المدنيين عندنا في غلاف غزة في حالة توتر متصاعد ومتنازل، وازعاج الجيش الاسرائيلي في قائمة طويلة باعمال على مستويات ترتفع وتنخفض: بالونات، ضجيج في الليل، مسيرات، اطلاق نار.

 

حماس لا تسمي هذا "استنزافا". ولكن هذا بالضبط نوع من حرب الاستنزاف. شهدنا قبل 50 سنة بالضبط حرب استنزاف وبالاساس في الجبهة المصرية. في حينه كان الاستنزاف ضد جنود الجيش الاسرائيلي وبعيدا على ضفاف قناة السويس. ولم يكن مواطنو الدولة يشاركون في ذلك. اما اليوم فالمواطنون يشاركون حتى الرقبة، كل الجنوب يعاني وكذا غوش دان، بما فيها تل أبيب من شأنها أن تكون هدفا للاستنزاف. في حينه لم تكن مشكلة دولة اسرائيل ردع المصريين عن الحرب، ولكن كيف الردع باستمرار الاستنزاف المصري الذي جبى ضحايا من الجنود، الطيارين والطيارات. ما ادى الى انهائها كان اتفاق وقف نار بادر اليه الامريكيون.

 

النقطة الاهم في موضوعنا في سياق حماس هي أنها في اغلب الظن لا تجدها حقا تريد حربا شاملة ومع ذلك فهذا لا يمنعها من ان تتصرف بوقاحة، تهدد كل الوقت وتعلن على رؤوس الاشهاد: نحن سنواصل العنف. حقيقة أنها تتصرف هكذا، حقيقة أنها لا ترتدع عن اطلاق مئات الصواريخ على اسرائيل في اطار تنفيذ تهديداتها – تشهد برأيي على أنها مستعدة لان تخاطر وان تسير مع اسرائيل حتى شفا الحرب أو كما يسمون هذا بالانجليزي Brinkmanship. بتعبير آخر تعرف حماس بان مثل هذا السير حتى حافة الحرب من شأنه في نهاية المطاف ان يؤدي الى حرب شاملة. وهي على ما يبدو مستعدة لان تأخذ هذه المخاطرة. لماذا؟ برأيي، حماس واعية وعالمة جيدا بكل عراقيل اسرائيل التي تمنعها من الخروج الى حرب شاملة معها. أولا وقبل كل شيء، الخوف من خسارة الجنود في الحرب البرية. وهي لا تحتاج من اجل هذا الى الكثير من الاستخبارات. فهي تسمع هذا من على كل تلة في اسرائيل؛ تقرأ ان نائب رئيس الاركان السابق يقول في مقابلة صحفية ان اسرائيل "تخاف". بالفعل، يوجد فارق شاسع بين عالم القيم وطبيعة الحرب اللذين كانا قبل 50 سنة في الاستنزاف مع مصر، حين لم يكن يوم بلا اقتحام، كبيرا كان أم صغيرا، ضد المصريين؛ واذا لم اكن مخطئا، فان لواء المظليين وحده نفذ 18 اقتحاما في شهر واحد. اما اليوم فنحن "نحتوي" فقط ولكن بالخوف لا نردع.