اللثام يغطي وجوههم، يعرفهم القريب والبعيد، مقاومون ولهم باع طويل في ميدان القتال، لكن هذه المرة تركوا سلاحهم متيقظًا على ظهورهم، وانشغلوا بتوزيع التمور والمياه على الصائمين قُبيل الإفطار في لفتة إنسانية كبيرة.
لم يقتصر دور المجاهدين في سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وكتائب المجاهدين على حماية ثغور الوطن في قطاع غزة، ورصد تحركات العدو والإعداد للقاء، بل نزلوا اليوم لينخرطوا في يوميات الشعب الذي احتضنهم وكان درعهم الحامي على طول الأمد.
في منطقة تل الهوا غرب مدينة غزة أوقف المجاهدون المواطنين والسيارات المسرعة للحاق بطعام الإفطار قُبيل آذان المغرب، وقدموا لهم الماء والتمور في مشهد كبيرٍ يعبر عن مدى التواصل والمحبة والثقة بين المقاومة وحاضنتها الشعبية.
مراسل "فلسطين اليوم" تجوَّل مع المجاهدين ورصد ردة فعل المواطنين على المبادرة، والتي كان صداها كبيرًا على الناحية المعنوية، وحققت الكثير من الأهداف التي تسعى المقاومة دائمًا لزرعها في نفوس المواطنين أولها أن المقاومة هي ذراع الشعب وقوته، وهي منه وإليه.
الشاب صالح أحمد أكد أن تواجد المقاومين اليوم في شهر رمضان المبارك للمشاركة في إفطار الصائمين له دلالة كبيرة على مدى حرص المقاومة على الانخراط في صفوف الشعب، والاقتراب من تفاصيل حياتهم اليومية.
وأشار إلى أنه شعر بسعادة كبيرة وفخر عندما أوقفه أحد المجاهدين وقدم له الماء والتمر، لافتًا إلى أن القيمة العاطفية التي تحققها المبادرة والشعور الجميل الذي يكتسبه المواطنين منها هي أكبر وأجمل النتائج منها.
ذات الفرحة اكتست وجه السائق محمد الشاعر الذي لم يكتفي بأخذ الماء والتمر والمضي قدمًا فقط، بل قام بالنزول من مركبته ودار حديث مقتضب بينه وبين المقاومين المتواجدين، انتهى بكلمات حبٍّ وامتنان للدرع الحامي للشعب.
وقال: "عندما نرى المقاومون بالشوارع نشعر بالطمأنينة والفخر بهذا الشعب المقاوم القادر على دك الاحتلال الإسرائيلي رغم الحصار والفقر وتكالب العالم أجمع عليه".
وعن المبادرة أوضح المجاهد في سرايا القدس أبو أحمد أن المبادرة جاءت للعديد من الأسباب أهمها الاقتراب من الناس والاطلاع على أوضاعهم، وكسب الثواب والأجر في شهر رمضان المبارك.
وأكد أنه وجميع المجاهدين بصحبته شعروا بسعادة غامرة مع كل كلمة شكر أو ابتسامة من مواطن أو سائق، مما كان له أثر كبير على نفوسهم، مبينًا أن المقاومة ستكون في كل ميدان يحتاجها، وستكون دومًا سندًا للشعب الذي احتضنها طويلًا.
مبادرة المقاومون في سرايا القدس لم تكن الأولى خلال شهر رمضان، فقد حرص المجاهدون على التواجد في أكثر الأماكن ازدحامًا ليقدموا ولو جزء بسيط من الخدمة لأبناء شعبهم خلال شهر رمضان المبارك.