خبر عاشت الاخطاء الجديدة ..هآرتس

الساعة 10:19 ص|26 يناير 2009

عاشت الاخطاء الجديدة

بقلم: امير اورن

        (المضمون: باراك واشكنازي تجنبا الوقوع في اخطاء لبنان الا انهما ارتكبا اخطاء جديدة في معركة غزة - المصدر).

        الفزع الذي اصاب الحكومة وهيئة الاركان من خطر تعرض ضباط شاركوا في عملية "الرصاص المصهور" لدعاوي قضائية في الخارج، يلقي بظلال من السخافة على ادعاء ايهود اولمرت، ايهود باراك ، وجابي اشكنازي في انهم الاذكياء والحكماء الذين يرون الوليد والذين صوبوا نواقص واخطاء صيف 2006 في لبنان. يتبين انهم لم يتوقعوا في اواخر كانون الثاني 2008 انهم سيضطرون بعد اعمال القتل والدمار التي لم يتوقعها صناع القرار الذين اصدروا قرار اطلاق النار، الى توفير مظلة لحماية قادة الكتائب في غزة. الرقابة العسكرية التي تخفي اليوم ايضا وفقا لتعليماتهم تفاصيل الهجوم على المفاعل النووي في سوريا في ايلول 2007، لم تؤمر مسبقا بمنع نشر اسماء القادة الميدانيين. اسماء هؤلاء القادة نشرت خلافا ما حدث مع اسماء الطيارين وبتشجيع من الجيش الاسرائيلي، في كل صحيفة وقناة اعلامية. قصف ارشيف حماس لن يجدي نفعا لان شبكة الانترنت حية ترزق.

        كانت هناك عجرفة كبيرة وتهور في مساعي رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان لتسويق انفسهم باعتبارهم المسؤولين عن اعادة بناء قوة الجيش الاسرائيلي. الفجوة القائمة بين التهور وبين الواقع هي مسألة مقلقة ان نظرنا للمرة الاتية، لانه رغم ان اولمرت يتوجه اخيرا في طريقه المتباطىء نحو البيت والمحكمة، سيبقى باراك واشكنازي شركاء في القرارات الحاسمة الصعبة. هما يمتلكان مدة طويلة من الوقت ومن دون قيود في الواقع، لتخطيط العملية التي يتوجب ان تكون مناقضا لما حدث في لبنان. هناك في لبنان كانت الفكرة الميدانية (والحظر السياسي الذي سارع اولمرت لفرضه على هيئة الاركان) الاكتفاء قدر المستطاع باطلاق النيران من الجو بصورة اساسية من دون عملية برية. في غزة خططوا اضافة المناورات الى اطلاق النار من الجو، والتي تشكل الامتداد البري للضربات الجوية.

        باراك تحدث في شهادته امام فينوغراد من تجربته الغنية عن اخطاء الحكومة وهيئة الاركان في لبنان، سواء من حيث الانظمة الادارية المتبعة او من حيث المضمون. لماذا تسرعوا في اتخاذ قرار بصدد عملية طويلة، بينما كان عليهم ان يردوا بصورة حادة وقصيرة بدلا من التخطيط طوال اسابيع للعملية القادمة. ولماذا سمحوا باطلاق النار على العمق الاسرائيلي الداخلي طوال 36 يوما في الوقت الذي كان فيه تقليل "الحاق الضرر بالجبهة الداخلية مبدأ مقدسا عند بن غوريون". كما قال ان الجيش الاسرائيلي هو "جيش مسلح حتى اسنانه، والجيش الافضل في العالم، وهنا يوجد ضرورة لتحديد الاهداف وطرحها عند تحريك هذا الجيش".

        ان اخذنا الوقت الذي تمتع به باراك واشكنازي من دون الضغط الذي ميز السنوات التي سبقت 2006 – كبح الارهاب والتصدي للمستوطنين الرافضين للرحيل عن غزة – لا تبرهن النتيجة على ان القيادة الجديدة تفوق سابقتها.

        المعادلة القديمة القائمة على مبدأ النار مقابل المناورات بقيت كما كانت، منذ ان تأكدت المجتمعات الديمقراطية في الغرب كعبرة من حرب فيتنام ، ان استخدام القوات البرية التي تلحق بها اصابات كثيرة، سيترتب عليه ثمن شعبي واخيرا سياسي ايضا. العراق 1991، البوسنة وكوسوفو في سنوات التسعينيات، والعراق كذلك وبدرجة اقل في 2003 – كل هذه المعارك جسدت تفضيل الهجمات من الجو على الهجوم البري، ليس لاعتبارات عسكرية صرفة، وانما لضرورات تتعلق بالمحيط السياسي. اعادة الاحترام للعملية البرية في غزة كانت اعادة وهمية. في الواقع استخدموا المناورات لتجنيب الجيش سقوط ضحايا في صفوفه وفقا لمقاييس ثمن حياة الاسرائيليين كان ذلك جيدا، ولكن اظهار هذه الحقيقية باعتبارها بدعة مهنية تصوب خطأ 2006 هو مراهنة فارغة من المضمون. باراك رغم مبدأ بن غوريون المقدس سمح باطلاق النار على العمق الاسرائيلي طوال 20 يوما (ومعها بضع سنوات اخرى).

        الشاباك هو الذي يقف وراء النجاح الاستخباري في تحديد الاهداف لسلاح الجو وللقوات البرية في غزة. هذا الشاباك يستطيع الوصول الى كل بوابة مثل موظفي الاحصاء في الاحصاء السكاني. ولكن استغلال الاستخبارات لم يتضمن في غزة اية خديعة او نهج التفافي او وصول من ناحية غير متوقعة، او اخراج العدو من توازنه من خلال القوات الخاصة التي بناها الجيش الاسرائيلي طوال عشرات السنين. قيادة هيئة الاركان التابعة لاشكنازي نسيت رغم مركزية مهربي الصواريخ بعيدة المدى، تحويلهم والاعلان عنهم الى اهداف جديرة بالتصفية الممركزة، تماما مثل من يقومون بتخطيط العمليات التخريبية.

        مسرحية غزة هي تكرار شمولي للازمة القادمة في مواجهة حزب الله او ايران. من الاجدر ان نتعلم من التنفيذ في هذه المرة ان الجهاز الامني جاهز دائما تقريبا بنفس المستوى. ربما لم يكرر باراك واشكنازي اخطاء من سبقوهما، ولكنهما ارتكبا اخطاء جديدة.