الجيش يحتفل في رمضان.. هآرتس

الساعة 05:31 م|17 مايو 2019

بقلم

(خمسة تجمعات للرعاة البدو من خربة حمصة في شمال غور الاردن يستخدم الاخلاء القسري من خيامهم وحقولهم ضدهم بذريعة التدريبات بالنار الحية للجيش الاسرائيلي).

خشية الحرائق، الفلاحون بكروا في حصاد القمح رغم أنه لم ينضج بعد. الحديث لا يدور عن حقوق الكيبوتسات المحيطة بقطاع غزة، بل عن اراضي الفلسطينيين التي تقع في شمال غور الاردن. الحرائق الستة التي لم تصل الى العناوين في اسرائيل اندلعت هناك منذ منتصف الاسبوع الماضي، اربعة منها فقط في هذا الاسبوع وجميعها في اعقاب تدريبات عسكرية.

عندما علم أن الجيش ينوي اجراء خلال معظم ايام شهر رمضان وايام العيد، تدريبات بالنار الحية داخل حقولهم وفي مناطق الرعي، العمل الاول الذي قام به كثير من اصحاب الاراضي والمستأجرين هو استئجار حصادات وارسالها الى حقول القمح والشعير. متعلمين من تجربتهم، عرفوا أن التدريبات الكثيفة وفي الحر الشديد ستؤدي الى الحرائق، لذلك ارادوا انقاذ اكبر قدر يمكن انقاذه من عملهم واموالهم. هم ايضا افترضوا أنه لن يكون هناك من يطفيء الحرائق التي تبعد مسافة كبيرة عن المواقع العسكرية وعن المستوطنات، لكنها قريبة من تجمعات الرعاة. بصورة طبيعية عندما تشتعل النار، الرعاة يحاولون اطفاءها بأنفسهم، خاصة في ايام التدريب بالنار الحية الخوف هو أن جزء من الذخيرة سينفجر بين أيديهم.

مثل لوحة باهتة لفان كوخ، مكعبات القش تنتشر بين سيقان السنابل المقطوعة، استقبلنا يوم الثلاثاء في مدخل خربة حمصة الفوقا، خمسة تجمعات للرعاة البدو من عائلة أبو كباش، التي يبعد الواحد منها عن الآخر عدة أمتار والتي تقع في اطراف التلال المصفرة بعشرات الالوان. شرق طريق الون، التجمعات تربي اكثر من ألف رأس من الاغنام وتزرع القمح والشعير للاغراض البيتية. في الاراضي التي قاموا باستئجارها قبل عشرات السنين من سكان بلدة طمون، والآن هي توجد في ما يسمى مناطق ج التي تقع تحت سيطرة اسرائيل الكاملة. التجمعات تسلمت قبل اسبوع أوامر لاخلاء الخيام بسبب التدريبات في المنطقة، التي تسمى منطقة نيران 903.

"تفاجأنا، من الواضح أننا تفاجأنا"، قال حرب أبو الكباش، "لم نعتقد أنهم سيأتون من اجل التدريب في شهر رمضان. في السابق احترموا هذا الشهر، والآن لا يحترمونه". أحد ما في خيمة العائلة يتذكر أنه كان تدريب في شهر رمضان، ولكن ليوم واحد فقط. وهذا هو جدول التدريبات هذه السنة الذي اعطاه لهم يغئال، مركز الادارة المدنية الذي جاء في جيب مع ثلاثة آخرين من اجل تسليم اوامر الاخلاء لـ 98 شخص منهم 56 طفل: في يوم الاحد، من الثانية ظهرا وحتى العاشرة صباحا من يوم الاثنين. يوم الاثنين في الرابعة ظهرا وحتى العاشرة صباحا من يوم الثلاثاء، يوم الاربعاء من السابعة صباحا وحتى الثانية ظهرا. هكذا هو الامر خلال اربعة اسابيع بما في ذلك اليوم الاول من عيد الفطر.

لم نحصل على المياه

في يوم الاحد الماضي قبل الثانية ظهرا بقليل تجولت بين الخيام خمسة جيبات عسكرية، في احدها كان يغئال، من اجل ضمان أن الجميع سيتركون البيوت. "اذهبوا الى عاطوف"، قال الجنود لياسر أبو الكباش من الخيمة التي تقع في اقصى الشرق. عاطوف هي تجمع في المناطق ب. ايضا في اخلاء سابق وفي هدم للبيوت في الماضي تحدث اشخاص عن ممثل الادارة المدنية أو الجيش الذي قال لهم اذهبوا الى المناطق ب (التي تقع تحت السيطرة المدنية الفلسطينية). أي بشكل دائم.

الناس بدأوا بالاخلاء، منهم من ذهب في شاحنات ومنهم من ذهب في تراكتور ومنهم من ذهب في سيارة سكودا قديمة ومنهم من ذهب سيرا على الاقدام، جميعهم صيام من الرابعة فجرا. وكان امامهم اكثر من خمس ساعات من الصيام. الى خيمة حرب أبو الكباش وصل سبعة مراسلون فلسطينيون وباحث ميداني من منظمة حقوق الانسان الفلسطينية "الحق" من اجل توثيق عملية الاخلاء. الباحث، فارس الفقها، قال للصحيفة إنه تم توقيفهم جميعا بذريعة التواجد في منطقة نيران مغلقة، وتم نقلهم الى معسكر للجيش في محمية أم زوكا (أسود الاردن)، التي تم احتجازهم فيها حتى الثامنة والنصف مساء. وكل ما وثقوه تم مسحه بأمر من الجنود. الفقها لم يسمح له بالاتصال مع عائلته ومع مكان عمله وشرح ما حدث لهم. عندما حان وقت الافطار كانوا لا يزالون في المعسكر. "لم نحصل على ماء للشرب أو شيء للأكل"، قال فقها للصحيفة. سيارات المراسلين تمت مصادرتها بسبب الوقوف في منطقة نيران، لكنه علم أنه تمت اعادتهما في يوم الاربعاء.

عائلة حرب ابو الكباش وشقيقيه، 26 شخص، قاموا باخلاء الاغنام الكبيرة والحملان الصغيرة التي عمرها هو شهرين واسبوعين (طرية مثل الفراخ) والاغنام الحوامل تم ابقاءها في الحظائر. في الاستراحة من التدريبات، يوم الاثنين بين العاشرة والرابعة، سارع الرجال الى الخيام من اجل العناية بالحملان الطرية. وبعد ذلك تركوها خلفهم. "عندما عدنا في صباح يوم الثلاثاء" قالت زوجته ليلى التي وهي تبكي من الخوف والعطش، "لقد اجبرونا في السابق على المغادرة، ولكن لماذا في شهر رمضان وفي هذا الحر"، 43 درجة، اظهر مقياس الحرارة في السيارة. في الخيمة الابعد لياسر بقيت كل الاغنام في الحظيرة في الوقت الذي اضطر فيه ابناء العائلة الـ 12 الى تركها في ظهيرة يوم الاحد.

في مسار الاغنام الطريق طويلة جدا للوصول الى السهل الذي يقع بجانب الشارع حيث توزعت فيه التجمعات خلال ليلتين متواصلتين. "كل الوقت فكرت ماذا سيحدث لها. ذات مرة قبل بضع سنوات سقطت قذيفة قريبة جدا منا، أنا اصبت مرة من الشظايا، ماذا لو سقطت قذيفة على الاغنام، ماذا لو وصلت اليها النار، لا يوجد هناك من سينقذها"، قال ياسر. عند عودتهم في يوم الثلاثاء أول أمر فعله إبنه سند هو اخراج الاغنام التعبة الى المرعى. الابن البكر احمد الذي يتعلم طب الاسنان في السنة الرابعة في جامعة القدس. فورا عندما علم عن الاخلاء سافر الى الشمال كي يكون مع عائلته في هذه الايام الصعبة. "اريد أن تصبح ابنتي محامية"، قال ياسر الاب وهو نفسه انهى الصف الرابع.

"لم نتمكن من النوم ليومين كنا فيهما خارج البيت"، قالت الزوجة ليلى. لقد جلسوا تحت قبة السماء، نساء واطفال رضع ورجال وشباب، دون أن يكون سقف يحميهم، ومع القليل من البطانيات واوعية المياه. كل تجمع بعيد قليلا عن التجمع الآخر. في السهل الذي يقع قرب الشارع الرئيسي بين مستوطنة روعي ومستوطنة بكعوت. "الفتيات الصغيرات لعبن بالتراب والماء، الاولاد الاصغر بقوا وخافوا من كل صوت وناموا. لقد شاهدنا في الشارع سيارات اسرائيلية مدنية، ولم نعرف اذا كانوا قد رأونا". وقالت بأنها سمعت صوت انفجارات واطلاق نار وخافت. وكان هناك من قالوا إنه تولد لديهم الانطباع بأنه لم تكن تدريبات ثقيلة بشكل خاص، "اطلاق نار عادي"، قالوا. وماذا أكلوا في الافطار الذي هو الوجبة اليومية الاحتفالية التي ينتظرها الجميع دائما؟ وماذا سنأكل؟ الجميع اجابوا بتساؤل "خبز، بندورة، لبنة، زيتون وتمر". واجمل ياسر "هم يعرفون أن هذا يضيف ضغط نفسي علينا عندما يكون هذا في رمضان".

في يوم الاحد كتبت المحامية روني بيلي من جمعية حقوق المواطن رسالة مستعجلة للجنرال نداف بيدن، قائد المنطقة الوسطى، وطلبت عدم اخلاء العائلات واشارت الى الاخلاء والتدريبات من هذا النوع تعارض القانون الدولي. "حجم التدريب القريب هو غير مسبوق"، كتبت. "الاخطر من ذلك هو حقيقة أن الشهر القادم هو شهر رمضان". الرائد حاجي روتشتاين، رئيس قسم العمليات في مكتب المستشار القانوني العسكري في الضفة، اجاب بأن التدريبات ضرورية وأن السكان هم غير شرعيين لانهم وصلوا الى المنطقة بعد الاعلان عنها كمنطقة نيران مغلقة. لذلك "التدريبات في منطقة النيران ستستمر كما هو مخطط مع اخلاء السكان بصورة مؤقتة وفقا لبرنامج التدريب"، ولم يتطرق بكلمة واحدة عن شهر رمضان وعن مدة التدريب الاستثنائية. ايضا المتحدث بلسان الجيش لم يتطرق لاسئلة الصحيفة حول اجراء التدريبات بالذات طوال شهر رمضان. في الجيش تطرقوا الى حريق واحد (من الحريقين اللذين ذكرتهما الصحيفة في الاستجواب)، "خلال التدريبات العادية لقاعدة تدريبات كفير في منطقة نيران قرب مستوطنة بكعوت، الجنود قاموا باستدعاء قوات الاطفاء، لم يكن هناك مصابين".

مستوطنون في منطقة نيران

في 1 آب 1967، بعد شهرين على احتلال الضفة الغربية، سارع قائد الضفة الغربية عوزي نركيس في التوقيع على أوامر اغلاق لتسع مناطق لاغراض التدريب على طول القطاع الشرقي لسفح الجبل. 903 كانت من بينها في منطقة طمون. وذلك في الفترة التي كانت فيها مناطق التدريب للجيش الاسرائيلي ما تزال في اسرائيل. كما اشار الى ذلك باحث سياسة الاستيطان درور ايتكاس في بحثه بعنوان "حديقة مغلقة" في العام 2015 الذي اظهر فيه كيف أن "اغلاق مناطق واسعة بذرائع مختلفة استهدف من البداية التخفيف على السيطرة الاسرائيلية على الاراضي الفلسطينية.

مساحة المنطقة 903 الآن هي 80 ألف دونم. وحسب البحث فقط 19 في المئة منها تستغل للتدريبات. حوالي 15.700 دونم من اجمالي المنطقة تم الاعلان عنها "اراضي دولة"، أي أنه حتى اسرائيل تعترف بأن الاغلبية المطلقة مسجلة ومنظمة كارض بملكية خاصة. في العام 1979 تمت اقامة مستوطنة حمدات كموقع للناحل في داخل منطقة النيران هذه، وتم تحويلها الى مستوطنة مدنية في العام 1991. في العام 1999 تم تعديل حدود منطقة النيران بحيث اضيف لها حوالي 700 دونم، ايضا بدون صلة مع هذا التعديل، كتب ايتكاس "من الواضح أن مجرد اقامة مستوطنة مدنية في قلب منطقة تدريبات، التي يحيط بها من كل الجهات، يدل على أنه من غير الممكن أن يكون الامر يتعلق بمنطقة تستخدم جميعها للتدريبات العسكرية لأنه لا يمكن لمستوطنة مدنية أن تتواجد في قلب منطقة تدريبات نشطة".

أمس قدمت روني بيلي التماس للمحكمة العليا باسم ياسر ووليد أبو الكباش. مطالبة بأن تأمر المحكمة بمنع اخلاء العائلات في شهر رمضان وبداية ايام العيد لاغراض التدريبات العسكرية. وقد كتبت في الالتماس أن "الجيش سبق واعترف بأنه يستخدم التدريبات من اجل محاولة اجبار الفلسطينيين في الغور على ترك المكان. اذا لم يكن التنكيل الثابت كافيا، فهذه المرة زادوا الامر وقرروا المس بالسكان خلال الفترة الدينية الاهم وخلال صومهم.