إسقاط بالليزر.. معاريف

الساعة 05:12 م|17 مايو 2019

بقلم

 

(المضمون: بينت الجولة الاخيرة تراجعا في قدرة القبة الحديدية على اعتراض كميات مكثفة من الصواريخ. وبالتالي تتزايد الاصوات لتطوير منظومة ليزر لاعتراض الصواريخ والتي اضافة الى نجاعتها فهي اقل كلفة بكثير من القبة الحديدية).

بعد نحو عشرين سنة، حسم الامر لدى جهاز الامن: فهو يفكر بجدية باستئناف البحث والتطوير لليزر كوسيلة اضافية لمنظومات الدفاع ضد الصواريخ والمقذوفات الصاروخية. لقد استغرقت عملية اعادة النظر، المفاجئة كما ينبغي أن يقال، بضعة اشهر، ولكنها لاقت التعزيز في اعقاب الايام القتالية الاخيرة مع غزة. في ستين ساعة قتال في بداية الشهر اطلقت حماس والجهاد الاسلامي الفلسطيني نحو سبعمائة صاروخ نحو اسرائيل. اربعة اسرائيليين قتلوا، وبضع عشرات اصيبوا، وعشرات المباني تضررت. هذه كانت الضحايا المدنية الاولى منذ حملة الجرف الصامد. وفقط لتلطيف الوقع على الاذن، ففي خمسين يوما من الحرب في 2014 اطلق من غزة نحو 4.500 صاروخ وقذيفة هاون، متوسط 90 في اليوم. في يومين ونصف من ايام المعركة الاخيرة كان المتوسط اليومي ثلاثة اضعاف، نحو 280 في اليوم.

غير أن هذه ليست مسألة كمية بل ونوعية ايضا. في الجولة الاخيرة اطلقت حماس والجهاد الاسلامي 117 صاروخا في ساعة واحدة. والامر يشهد على قدرة تنفيذ مؤثرة، قيادة، تحكم وتنسيق. بعض الصواريخ كانت موجهة نحو بطاريات القبة الحديدية، بهدف تحديها وتشويش عملها.

لاسرائيل توجد عشر بطاريات قبة حديدية (واحدة في الاحتياط)، ولكل واحدة منها يوجد بين ست وثماني وسيلة اطلاق. في كل وسيلة اطلاق نحو 20 فوهة. وكما نشر في الماضي، فان البطن الطرية للبطاريات هو زمن الرد: فهي تجد صعوبة في اعتراض الصواريخ او قذائف الهاون التي زمن طيرانها قصير نسبيا. منظومة الدفاع الجوي لسلاح الجو ومهندسو شركة الانتاج رفائيل نجحوا في السنوات الاخيرة في تحسين وتقصير زمن الرد بمعونة تكنولوجيا حديثة. كما أن استخدام الرادار الاستكشافي (من انتاج التا) تطور. فرادار واحد يمكنه ان يخدم عدة بطاريات، الامر الذي يسمح بنشر وسائل اطلاق قليلة وليس فقط بطاريات كاملة ومعيارية. تحدٍ اخر للقبة الحديدية هو مواجهة صليات الصواريخ.

ان المشكلة الاكبر هي ثمن التشغيل. فكل صاروخ اعتراضي ("تمير") يكلف نحو 70 الف دولار. اما ثمن صاروخ قسام فهو بضع مئات الدولارات وثمن جراد نحو 1.500 دولار. منظومة الدفاع الجوية تطلق صواريخ تمير كي تتأكد من أن الصاروخ دمر، ولا سيما اذا كان يستهدف ضرب بلدة مدينية المناطق المفتوحة فيها ضيقة. في ايام المعركة الاخيرة (حملة حديقة مغلقة) اعترض نحو 240 صاروخ. حتى لو كانت كلفة انتاج تمير واحد ادنى وتبلغ نحو 50 الف دولار، كما المحت اوساط رفائيل، يمكن التقدير ان كلفة الاعتراض في المعارك الاخيرة كانت لا تقل عن 25 مليون دولار.

لا يعتزم سلاح الجو طلب زيادة ميزانية على ايام المعارك. ولكنه يتوقع ان يعوض في أن يتمكن من استكمال مخزون صواريخ تمير، التي ابقي عددها في السر. ونقل انتاجها منذ بضع سنوات الى الولايات المتحدة، مقابل مشاركة بمبلغ نحو 900 مليون دولار (وفقا لقرار الكونغرس وادارة اوباما) في تمويل بناء القبب الحديدية.

نحو 300 صاروخ سقط في مناطق مفتوحة، وبالتالي فلم تطلق نحوها صواريخ تمير. بضع عشرات نجحت في اختراق منظومة الدفاع وتسببت بضحايا بالارواح، بالجرحى وباصابة المنازل. وفقا لسلاح الجو، فان نجاح الاعتراض يصل الى نحو 85 في ا لمئة. وبزعم سلاح الجو، ففي الجرف الصامد بلغ حجم الاعتراض حتى 93 في المئة، بحيث أنه في المعارك الاخيرة طرأ انخفاض بنحو 10 في المئة في الاداة، حتى لو كان الحجم أدنى، وهو دون الـ 80 في المئة، كما يدعي خبراء مستقلون، فان هذا لا يزال مثيرا للانطباع.

ومع ذلك، حين يكون لدى حماس والجهاد الاسلامي وفقا للتقديرات نحو 15 الف صاروخ، اكثر مما قدرت الاستخبارات الاسرائيلية قبل المعارك، وبضع عشرات منها (وربما حتى مئة) لمدى 160 كيلو متر، يمكنها ان تصل حتى الخضيرة، واضح أن القبة الحديدية ليست جوابا كافيا. وحتى لو انتجت في السنوات القادمة اربع – خمس قبب حديدية اخرى توفر انتشارا وتغطية افضل لكل دولة اسرائيل، من الجنوب حتى الشمال، فلا بد أنها لن تتمكن من الصمود في وجه صليات من عشرات الاف الصواريخ (جراد) لمدى حتى 40 كيلو متر، اذا ما اطلقتها حزب الله في اثناء حرب من لبنان.

كما أن حقيقة أنه لا يعرف حتى الان عن اي دولة اشترت المنظومة بكاملها (باستثناء شراء رادار قبة حديدية من قبل سنغافورة، ومنظومة تحكم ورقابة من قبل بريطانيا، وفقا لمنشورات سابقة) هي حقيقة صارخة. مع أنه كانت تقارير في العالم عن ان اذربيجان، الهند، كوريا الجنوبية، بولندا وحتى السعودية معنية بها. في كانون الثاني 2019 اعلنت الولايات المتحدة انها ستشتري منظومات بثمن 373 مليون دولار.

***

كما أن شريحتي الدفاع الاخريين ليسا كاملتين. مقلاع داوود (العصا السحرية)، التي تطورها رفائيل وريتاون الامريكية تستهدف اعتراض صواريخ اثقل، حتى 200 كيلو متر. رفائيل، وزارة الدفاع والجيش الاسرائيلي اعلنوا قبل نحو سنة عن دخول بطارية اولى للنشاط العملياتي (ولكنها لا تزال في مراحل التجربة. وقد شغلت مرة واحدة على الاقل امام صاروخي ارض ارض اطلقا في تموز 2018 من سوريا من قبل مبعوثي ايران، وفشلت في اعتراضهما. احد صواريخ الاعتراض دمر ذاتيا اما الثاني فسقط في سوريا. وثمن كل صاروخ اعتراض هو نحو مليون دولار.

منظومة الدفاع الاخرى والاقدم هي حيتس 2 التي تم تطويرها في التسعينيات في الصناعة الجوية بمساعدة البنتاغون وتستهدف اعتراض صواريخ سكاد. ثمن كل صاروخ اعتراض هو نحو 3 مليون دولار. وكان استخدم في الماضي ضد صاروخ من سوريا. ولما كانت هذه منظومة قديمة فقد تقرر قبل بضع سنوات في وزارة الدفاع، في الجيش الاسرائيلي وفي البنتاغون تطوير صيغة حديثة لها – حيتس 3 – كي تتمكن من مواجهة تهديد صواريخ شهاب الايرانية، التي مداها نحو 1.200 كيلو متر فأكثر. في السنوات الماضي اجريت تجاري على صاروخ حيتس 3، فشلت بعض منها. في جهاز الامن يفضلون تسمية هذا (NO TEST) في ظل شروحات انكشفت كاخفاقات في المنظومات الارضية او في الصاروخ الذي يمثل دور الهدف، وبالتالي فانه لم تجرى التجربة عمليا.

في كل الأحوال، تبين ان الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو فهما الان بانه مع كل شرائح الدفاع (هناك محاولة لتطوير منظومة لاعتراض قذائف الهاون لمدى قصير من بضعة كيلو مترات) مطلوب منظومة أخرى: الليزر.

منذ قبل نحو 20 سنة اقترح خبراء في إسرائيل شراء منظومات ليزر لاعتراض الصواريخ من الولايات المتحدة. في البداية وافق جهاز الامن لفحص "نوتيلوس"، ولكن بضغط الصناعات الأمنية والجيش تراجع. ونبع القرار من عدم الوضوح بشأن قدرة "نوتيلوس" وادائه (بما في ذ لك صيغته الحديثة، سكايغارد)، ولكن أساسا عقب رغبة الصناعات الأمنية لاسناد من وزارة الدفاع لانتاج منظومة دفاع "ازرق ابيض". والقرار للامتناع عن الشراء او التطوير الذاتي لليزر تسبب بخلاف شديد بين المؤيدين والمعارضين، الذين جاء معظمهم من خارج جهاز الامن، وان كانت في الجيش أيضا أصوات اعتقدت بانه مرغوب فيه مواصلة فحص تطوير الليزر بالتوازي مع القبة الحديدية. ان الفضيلة الكبرى للمنظومة القائمة على أساس الليزر هو أن كلفة كل شعاع يطلق لاعتراض صواريخ العدو هي نحو الف دولار فقط.

والان، بتأخير زائد، في الجيش وفي سلاح الجو (الذي ينبغي المرة تلو الأخرى التذكير بانهم عارضوا انتاج القبة الحديدية أيضا) يغيرون القرص ويفحصون الحاجة الى تطوير وإنتاج منظومات ليزر. ومع ذلك، من الأفضل ان يكون الامر متأخرا على الا يكون أبدا.

كلمات دلالية