تقرير الحاج أحمد دُغمان ... وبلدته كفرين القريبة من القلب البعيدة عن العين

الساعة 10:43 م|15 مايو 2019

فلسطين اليوم

يستغل الحاج " أحمد عبد الله دُغمان" كِبر سنه (84 عاما)، والسماح له بالمرور على الحاجز العسكري الذي يفصله عن قريته المهجرة الكفرين، القريبة من مدينة حيفا، لزيارتها كلما أستطاع، هذه الأيام لم يعد يستطيع القيام بذلك إلا برفقه أحد أبنائه، وهو ما يجعله ينتظر حتى يستصدر الأبن تصريحا ويرافقه إلى قريته، سيتمكن من ذلك بعد عيد رمضان الحالي، حيث سيزور قريته "لربما تكون المرة الأخيرة" كما قال.

الحاج "دغُمان" يكبر النكبة 13 عاما، قضاها في "البلاد" يتذكرها عن ظهر قلب كما يقول:" كلشي من ريحة البلاد محفور بذاكرتي ولا بنسى أشي منها" .

وهجرت قرية الكفرين، التي تقع على بعد 30 كم جنوبي شرقي حيفا، بالكامل في نيسان من العام 1948 بعد اعتداءات مباشرة من قبل العصابات الصهيونية على سكانها وهدمت بالكامل ولم يبق من منازلها التي بلغت في حينه 95 منزلا سوى بقايا منازل ومسجد ومدرسة.

من بقايا القرية كان منزل والد الحاج " دغمان" الواقع على سفح الجبل من الجهة الشرقية من القرية، قال عندما سألناه عنه" بيتنا لسه هناك، مهدوم ولكن حجارته في المكان، كلما زرت القرية جلست عليها لأرتاح".

وبالعودة إلى خروجهم من القرية قال الحاج "دغُمان" إنه خرج وشقيقه ووالدته ووالده من القرية بعد استشهاد شقيقه محمود الذي أطلقت الجماعات الصهيونية النار عليه أثناء رعيه الغنم في أطراف القرية، محمود شقيقه الأكبر كان عمره 18 عاما في حينها:" عاشت أمي طوال حياتها حزينة عليه"، وتابع:" عمي أستشهد أيضا ودفن في الكفرين".

خرجت العائلة من الكفرين مشيا على الأقدام حتى وصلت إلى قرية سيلة الظهر، ومن هناك انتقلت للعيش في بلدة قباطية، بعد سنة إلى مخيم الجميز بالقرب من جنين، وفي العام 1953 عصفت بخيمهم عاصفة ثلجية انتقلت على إثرها إلى منطقة الفارعة شمال مدينة نابلس، حيث أسست وكالة الغوث المخيم وسكنت العائلة فيها حتى الأن.

يقول الحاج "دغُمان" إن والده عمل أجيرا في البناء الزراعة في المخيم، حتى تمكن هو من أكمال دراسته التي بدأها في الكفرين، وفي المخيم كبر وتزوج وعاش حتى الأن.

وبالعودة إلى حياته في القرية، قال إنه كان منتظم في المدرسة التي أسست في القرية منذ العهد العثماني، وكان يدرس فيها أستاذ واحد فقط أسمه " نعيم دروزة" من مدينة حيفا القريبة، كان يدرسهم كل المواد.

ويستذكر الحاج "دُغمان" أيضا الفتاة الوحيدة التي كانت تدرس معهم في القرية وتدعى " خوله" درست معهم لعامين قبل أن يطلب الطلبة من والدها أن تترك المدرسة:" كانت فتاه وحيدة وكلنا صبيان، ولم نستطيع التعامل معها في المدرسة فذهبت أنا وزملائي لوالدها وطلبنا منه إخراجها من المدرسة".

كان الحاج "دُغمان" الطفل المدلل في العائلة، وكان وضع عائلته المادي جيد، حيث كان يعمل على توزيع الخضار التي يشتريها من المزارعين ويبيعها للقرى المجاورة، ولكن هذا الحال أنقلب خلال حياته في المخيم:" عشنا حياه فقر وعازة في المخيم، كل أيام الدلال والعز تركناها في كفرين".

ورغم أن فرص عودته إلى كفرين تبدو ضعيفة، إلا أنه لم يفقد الأمل يوما، قال في نهاية حديثه معنا:" أولادي وأولادهم كلهم يعرفون القرية وبيت أبي في كفرين وسيعودوا هم يوما إلى هناك"..