خبر النواة الصلبة .. يديعوت

الساعة 04:24 م|23 يناير 2009

بقلم: اورلي ازولاي - واشنطن

بدأ علاج موضوعات اقتصادية، لكنه لم يهمل العراق ايضا. لا شك في ان الازمة الاقتصادية في راس سلم اولوياته، لكن الشرق الاوسط موجود في منزلة غير منخفضة بيقين. ينوي اوباما التدخل شخصيا في موضوعين يتصلان باسرائيل: فهو ينوي الضغط على اسرائيل والفلسطينيين للتوصل الى اتفاق يفضي الى اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل، ومحاربة البرنامج الذري الايراني. يريد في الاسابيع القريبة ان يزور دولة مسلمة وان يخطب فيها خطبة تدعو الى المصالحة بين العالم الاسلامي والغرب. يحتمل ان تقف وزيرة الخارجية كلنتون الى جانبه لكنها لن تكون الوحيدة.

لم يتم التعيين بعد على نحو رسمي، لكن المرشح ليكون مبعوث الرئيس الخاص الى الشرق الاوسط هو جورج ميتشل (73)، الذي كان في الماضي زعيم الاكثرية الديمقراطية في مجلس النواب والذي كان مبعوث كلينتون الى ايرلندا الشمالية وساعد في احراز اتفاق السلام هناك. كتب ميتشل، وهو ابن لام لبنانية يعرف نفسه انه "امريكي عربي"، كتب في 2001 تقريرا عن امكان احراز سلام بين اسرائيل والفلسطينيين. اخذت الوثيقة في حسابها احتياجات اسرائيل الامنية، لكنهم في البلاد يتذكرونه بالسوء بسبب التوصية بتجميد البناء في المستوطنات. وفي النهاية اصبح التقرير اساسا لخطة "خريطة الطريق" لبوش التي لم ينجح في تحقيقها.

يعتقد اهرون ميلر، الذي كان في الماضي مستشار كلينتون للشرق الاوسط، ان تعيين ميتشل المرتقب يشهد بان الادارة الجديدة ليست موالية لاسرائيل بنسبة 100 في المائة كما كانت ادارة بوش. "يؤيد ميشتل العلاقات الخاصة بين اسرائيل والولايات المتحدة، لكنه يؤمن ايضا بان هذه العلاقات لا يجب ان تكون وحدها"، يقول ميلر "اعتقد انه يتفهم احتياجات اسرائيل لكنه يتفهم ايضا احتياجات الفلسطينيين. اذا شئنا التوصل الى اتفاق فعلينا ان نتفهم احتياجات الطرفين".

سيكون مستشار الرئيس للأمن القومي، الجنرال المتقاعد جيم جونس (66) الذي ولي في الماضي مبعوثا للتنسيق الامني في الشرق الاوسط من قبل ادارة بوش هو الذي سيتلقى التقارير المباشرة عن بعثات ميتشل. في اطار عمل جونس هذا تلقى مديحا من نظرائه الاسرائيليين على الاتفاق الامني الذي نجح في احرازه في جنين، لكنهم في اسرائيل لم ينسوا له تصويته مؤيدا اقامة قوات من حلف شمال الاطلسي في الضفة. عارضت اسرائيل ذلك بحزم، الامر الذي جعل الخطة لا تطبق، وقال جونس انه يعلم انهم في اسرائيل يتحفظون منه لانه اثار الاقتراح.

سيكون شخصان اخران يشاركان في قوة اوباما المنتدبة الى الشرق الاوسط هما نائب الرئيس جو بايدن الذي بنى حياته المهنية في مجلس الشيوخ بعلاج موضوع السياسة الخارجية، ورئيس فريق البيت الابيض، رام عمنوئيل وهو ابن لوالد اسرائيلي ويؤيد مبادرة جنيف. بايدن كاثوليكي لكن ابنه متزوج من يهودية، وهو يحرص على قول انه يعرف من البيت موضوع الاهتمام باسرائيل. في اثناء الحملة الانتخابية اكثر اللقاء رؤساء منظمات يهودية وحرص في كل واحد من اللقاءات على ان يقول بلغة الايدش: "سترون اننا سنكون مثل عائلة".

قوة حكيمة وفم كبير

هذا الاسبوع امر اوباما رجاله بان ينشروا في موقع انترنت البيت الابيض وثيقة تبشر بتجديد الدبلوماسية الامريكية في انحاء العالم. بدأ بهذا النشر في الحقيقة يفي بوعده للجمهور بالشفافية في كل الاجراءات التي ستنفذها الادارة. يذكر اوباما في الوثيقة تأييده غير المهادن لحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، ووعد بان يعمل في احراز هدف الشعبين: دولتين يهودية وفلسطينية تعيشان بامن بعضهما الى جانب بعض.

وهو يكرر في الموضوع الايراني تأييده لبدء حوار مباشر بلا شروط سابقة، وتلتزم هيلاري كلينتون هذه السياسة وان لم تكن موافقة عليها موافقة تامة. عندما تحدث اوباما في اثناء حملته الانتخابية عن محادثات مباشرة مع ايران بلا شروط، قالت كلينتون انه "ساذج" ولا يفهم شيئا في السياسة الخارجية. لكن في النهاية، ولكونها السيدة الاولى في الماضي تعلم من الذي تعامله. في اثناء استجواب تم لها في مجلس الشيوخ قبل ان اجيز تعينها وزيرة للخارجية، سئلت كلينتون هل توافق على سياسة الرئيس في الموضوع الايراني. "يجب على الولايات المتحدة ان تتصرف بقوة حكيمة في الشرق الاوسط"، قالت، واوجدت بذلك مصطلحا جديدا. كان قصدها الى ان الولايات المتحدة يجب ان تعمل بطرق دبلوماسية لاحراز اهدافها، لكن مع اظهار قوتها العسكرية ايضا وان لم تستعملها.

علاقات كلينتون باوباما مشحونة جدا. فقبل يوم واحد فقط من اداءه اليمين الدستورية، علمت على نحو غير متوقع ومهين شيئا ما انها لم تكن اختياره الاول لمنصب وزيرة الخارجية. فقبل ان يسألها اوباما هل تريد المنصب، اقترحه على جو بايدن. تبين الامر في اثناء بث خاص اجرته اوبرا وينفري قبل اداء اليمين الدستورية وفي اطاره اجرت مقابلة مع بايدن وزوجته جيل. "اقترح اوباما على زوجي الاختيار بين العملين"، بدأت جيل تقول. تأهب بايدن وحاول اسكاتها على صوت ضحك الحضور في المنتدى لكن هذا لم يساعد، وهكذا نشرت قصة ان اوباما اقترح على بايدن الاختيار بين العملين – نائب الرئيس او وزير الخارجية.

في السنين الطويلة التي عمل فيها بايدن في مجلس الشيوخ اعتاد زملاؤه تسميته "الفم الكبير" لقدرته على ان يقول احيانا اقوالا محرجة او لا يجب قولها. اثبتت زوجته هذا الاسبوع انها ليست ماهرة في الحفاظ على الاسرار حقا. وقالت في البرنامج الاذاعي انها هي التي اقنعت زوجها بان يكون نائب الرئيس. "قلت له: جو اذا اصبحت وزير الخارجية، فستكون اكثر الوقت مسافرا وسنراك في الوجبات الرسمية فقط"، قالت، "لكنك اذا اصبحت نائب الرئيس، فستكون العائلة كلها مشاركة في العمل. تذكر اننا جميعا عملنا من اجلك عملا صعبا في الانتخابات، لهذا يحسن ان نكون معا، وقد اقتنع".

في محيط هيلاري كلينتون قالوا انها فوجئت بالكشف الصحفي. على اية حال رفضت التطرق اليه وبرهنت مرة اخرى على قدرتها على ضبط نفسها. في الغد من اداء اوباما اليمين الدرستورية وضعت يدها على الكتاب المقدس الذي كان لأبيها الراحل وتولت منصب وزيرة الخارجية. وكعادتها اكثرت الابتسام، لكن من يعرفها جيدا يزعم ان حكاية بايدن ستنضاف الى سلسلة الرواسب التي تحملها في علاقاتها باوباما منذ المنافسة بينهما في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.

ذئب وحيد

بعد فوز اوباما في الانتخابات، وقبل ان تقبل كلينتون المنصب، سافرت الى شيكاغو وتحدثت لمدة ساعتين الى الرئيس المنتخب في مكتبه. قالت انها تستطيع قبول المنصب اذا تحقق شرطان. الاول ان تستطيع ان تعين بنفسها وبلا تدخل البيت الابيض، الفريق الرفيع المستوى في وزارة الخارجية. والثاني ان يكون لها وصول حر الى الرئيس وان تستطيع محادثته في كل موضوع من غير ان تجوز مصافي مستشار الامن القومي ورئيس الفريق. ووافق اوباما.

"وزير الخارجية الذي لا يصل الى الرئيس بحرية يفقد مكانته في العالم"، قال هذا الاسبوع شخص عمل مستشارا كبيرا للرئيس كلينتون. "اذا التقى زعيم دولة وزير خارجية امريكيا وهو يعلم ان الكلمة الاخيرة للرئيس، فانه يتمغط في اريكته ويكتفي باقوال مهذبة لانه يعلم ان القرارات ستتخذ في مكان اخر. لكنه اذا علم ان لوزير الخارجية قناة مفتوحة الى الرئيس فسيجلس متأهبا على طرف الكرسي".

من المحقق ان هيلاري كلينتون لا تريد ان يجلس محادثوها بارتياح كثير في اللقاءات معها. لكن من يعتقد انها هي التي ستقرر السياسة الخارجية الامريكية، لا يعرف صورة عمل اوباما. يبين تاريخه القصير في الميدان المعلن انه يعلم حقا العمل مع فريق، لكنه عندما يحتاج الى الحسم يكون ذئبا وحيدا. يقول اصدقائه عملوا معه عندما كان يحرر مجلة معهد الحقوق في جامعة هارفرد انه يملك قدرة نادرة على الاصغاء: يستطيع ان يجري نقاشا لساعات، وان يمكن كل مشارك من الحديث بلا تحديد للوقت، لكن في النهاية بعد ان يتحدث الجميع يتخذ القرارات وحده. ينبغي ان نضيف الى هذا حقيقة ان اوباما لاعب بوكر ممتاز، وقد اتى بقدراته الممتازة في اللعب الى السياسة: ففي احيان قليلة فقط يعلم محادثوه ما الذي يفكر فيه. قال مساعدوه في اثناء الحملة الانتخابية انه كان في اثناء الجلسات الطويلة يصغي الى الجميع، ولم يكن احد قادر على ان يعلم ما الذي يفكر فيه والى اي اتجاه يميل.

كلينتون من جهتها تنوي ان تعين دينس روس لمنصب مستشار كبير للشرق الاوسط من قبل وزارة الخارجية. عمل روس مدة 22 سنة في محاولات وساطة في الشرق الاوسط، من قبل الرئيس بوش الاب ومن قبل الرئيس كلينتون ايضا. وهو يحفظ عن ظهر قلب تفصيلات النزاع والتقارير التي كتبت على السنين في محاولة الاتيان بحل. وفي الانتخابات الاخيرة عمل ملازما لاوباما وكان من مؤيديه البارزين.

وما احتمال ان يحرز كل هؤلاء الاهداف؟ "المشكلة هي انه توجد زعامة ضعيفة في الجانب الاسرائيلي وفي الجانب الفلسطيني ايضا"، قال اوباما هذا الاسبوع في مقابلة صحفية مع "واشنطن بوست"، "ولهذا سيصعب التقدم. لا ارى امكان ان يعقد في الزمن القريب مؤتمر سلام على شاكلة كامب ديفيد، لا في الشهور الاولى من ولايتي بيقين".

مع ذلك لا ينوي رئيس الولايات المتحدة الجديد الانتظار الى ما بعد الانتخابات في اسرائيل. فقد بينت له الاحداث الاخيرة في غزة انه لا وقت للانتظار في الشرق الاوسط: فسيعلن في الايام القريبة ماذا ستكون خطوته المقبلة لاعادة اعمار غزة والمحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين برعاية امريكية. وينوي ايضا اعلان متى ستخرج وزيرة الخارجية كلينتون في رحلة مكوكية الى المنطقة.