بدت علامات تقهقر كبير، على قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، مساء الخميس، عند محوري السواني - الزهراء، والعزيزية، على تخوم العاصمة طرابلس، بحسب وسائل إعلام ليبية وبيانات رسمية.
وباتت القواعد الخلفية لقوات حفتر بمدينة غريان، مهددة بالسقوط، عقب التحام "كتائب مصراتة"، و"كتائب الزاوية" "فرسان جنزور"، والقوة الوطنية المتحركة بـ"كتائب الزنتان"، التابعة جميعا لحكومة "الوفاق الوطني" المعترف بها دوليا، وفق ما أكده محمد قنونو، المتحدث باسم الأخيرة، في تصريح خاص لمراسل الأناضول.
وكان حفتر الذي يقود قوات الشرق الليبي، قد أطلق عملية عسكرية في 4 أبريل/ نيسان الجاري، للسيطرة على طرابلس، في خطوة أثارت رفضًا واستنكارًا دوليين، وبعد أيام على انطلاقها، فشلت العملية في تحقيق تقدم على الأرض، جراء تصدي قوات الوفاق لها.
ومع مطلع الخميس، سيطرت قوات تابعة للوفاق، وعلى رأسها الكتيبة 166 (إحدى أقوى كتائب مصراتة عددا وتسليحا)، على منطقة السواني (30 كلم جنوب غربي وسط طرابلس)، بعد أن قطعت عليها خطوط الإمداد القادمة من مدينة الزهراء (40 كلم جنوب غرب طرابلس)، والتي لم يطل بها الأمر حتى انهارت هي الأخرى وسقطت في يد الوفاق.
وفي الوقت الذي كانت قوات المنطقة الغربية التابعة للوفاق بقيادة أسامة الجويلي (أغلبها من مدينة الزنتان) تخوض حرب شوارع بمدينة العزيزية (45 كلم جنوب غرب طرابلس)، بعد أن سيطرت على مركز المدينة ومقر اللواء الرابع، وصلت قوات الوفاق من محور السواني الزهراء، والتحمت القوتان، وسيطرتا على كامل المدينة والمناطق المحيطة بها.
ولم تكتف قوات "الوفاق" بدحر "حفتر"، في محوري السواني والعزيزية على طول نحو 20 كلم، بل تتحدث مصادر إعلامية عن سيطرة قوات الوفاق على منطقة القواسم، التي تعتبر المدخل الشمالي لمدينة غريان (80 كلم جنوب طرابلس)، وتقدمها نحو تخوم المدينة، التي تمثل نقطة إمداد رئيسية، ومنها يتم توزيع الرجال والأسلحة والمؤن والوقود على بقية محاور القتال.
وحسب مصادر إعلامية محلية ودولية، فإن مجموعات مسلحة من داخل غريان انتفضت ضد قوات حفتر المحتشدة في المدينة، واشتبكت معها، لكن قوات حفتر نفت سقوط المدينة في يد "الوفاق"، واعتبرت أنها "تعاملت خلال الساعات الماضية مع بعض الخلايا النائمة" داخل غريان.
بينما سحبت قوات حفتر جميع جرحاها البالغ عددهم 36 من مستشفى غريان.
ويعتبر خسارة قوات حفتر في محوري السواني والعزيزية، وتراجعها السريع إلى قواعدها الخلفية داخل غريان، أكبر هزيمة لها منذ انكسار هجومها على مدينة الزاوية (45 كلم غرب طرابلس)، وتوقف زحفها على الطريق الساحلي الغربي.
وفي حالة سقوط غريان، فهذا يعني أن قوات الوفاق تمكنت من غلق قوس كبير من محاور الاشتباك، يمتد من مدينتي "الزاوية" إلى غريان، مرورا بالسواني والزهراء والعزيزية، على مسافة تمتد إلى أكثر من 100 كلم.
** القوس الشرقي يشهد معارك ضارية
وفي المقابل، تتميز المحاور الشرقية والوسطى لحفتر عن الغربية، بأن أغلب قواتها تنتمي إلى اللواء التاسع (نحو 5 آلاف مقاتل)، المنحدر من مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس)، والتي تَعرف جيدا جغرافية الأرض التي تقف عليها.
كما أن إمدادات تلك القوات تأتي من ترهونة نفسها، مرورا بمدينتي سوق الأحد (45 كلم جنوب شرق طرابلس) وسوق الخميس (40 كلم جنوب طرابلس)، مما يعني أنها لن تتأثر بشكل فادح من قطع محور الإمداد الطويل القادم من بنغازي مرورا بالجفرة إلى غريان (أكثر من ألف كلم)، رغم قيام قوات الوفاق بإغلاق طرق الإمداد الرئيسية عن محوري وادي الربيع وعين زارة.
وبناءً على ذلك، فإنه من المتوقع أن تشهد المحاور الشرقية والوسطى معارك أشرس، مقارنة بالغربية، التي اعتمد فيها حفتر على قوات قادمة من الشرق، والتي ليس لها معرفة جيدة بأرض المعركة، كما أن الخلايا النائمة بالسواني، ليس لديها خبرة في القتال، رغم معرفتها بالأرض، لذلك انهارت خلال أيام وسقطت في يد قوات الوفاق.
ومن المحتمل أن تنتقل قوات الوفاق للتركيز على القوس الشرقي من محاور القتال بعد إغلاق القوس الغربي إثر سحق قوات حفتر في الزاوية (45 كلم غرب طرابلس) والسواني والعزيزية ولم يتبق سوى غريان.
وحاليا ما زال محور مطار طرابلس الدولي، تحت سيطرة قوات الوفاق، وتم تثبيته، إلا أنه ما زال قريبا من نقاط الاشتباك في "قصر بن غشير"، التي تقول الوفاق إنها أزاحتها من مراكزها، لكن قوات حفتر تقول أنها ما زالت تزحف نحو "خلة الفرجان" شمالا.
وما زال محور "خلة الفرجان"، يشهد معارك ضارية قرب معسكر اليرموك (أكبر معسكر في طرابلس) ومعسكر التكبالي، خاصة وأن حفتر دفع بأقوى كتائبه الشرقية في هذا المحور (الكتيبة 155 التي يقودها نجل حفتر).
وفي عين زارة، التي تعتبر رأس حربة بالنسبة لقوات حفتر (اللواء التاسع ترهونة)، والمتقدمة شمالا، تمكنت قوات الوفاق من محاصرتها رفقة القوات المتواجدة في وادي الربيع، ومع ذلك فإن الإمدادات لا زالت تصلها من ترهونة، عبر طرق فرعية (ترابية)، وهو ما يفسر عدم تقهرقها لحد الآن.
وعموما يمكن القول أن قوات حفتر، خسرت جناحها الشرقي في هجوم طرابلس، الذي بدأته قبل 15 يوما، لكن جناحها الغربي لا زال يقاوم بضراوة، رغم أن خطوط إمداده الأمامية يتم قطعها على مستوى وادي الربيع وقصر بن غشير.
أما مراكز إمداده البعيدة في الجفرة وسوق الخميس يتم قصفها جوا، كما تم استهداف قاعدة تمنهنت الجوية (700 كلم جنوب طرابلس) في هجوم بري، مما يعني ازدياد الضغط على قوات حفتر المتقدمة.