هل الرياض تفقد السيطرة على صنبور النفط؟.. هآرتس

الساعة 03:21 م|19 ابريل 2019

هل الرياض تفقد السيطرة على صنبور النفط؟

 

بقلم: دفنة مئور

 

(المضمون: السعودية ربما سيطرت في السابق بيد قوية على زبائنها، لكن الآن تجد نفسها اكثر فأكثر واقعة تحت رحمتهم. رافعة النفط فقدت من قوتها وتأثير السعودية في العالم تغير معها - المصدر).

 

السعودية توجد الآن في ذروة تغيير. حكام المملكة فهموا أن السائل الاسود الذي شكل بالنسبة لها خلال عقود رافعة سيطرة عالمية، هو سيف ذو حدين. سبب ذلك بسيط: الاقتصاد السعودي يعتمد في معظمه على النفط، وكل انخفاض في حجم التجارة أو انخفاض اسعار النفط العالمي يتم الشعور بها جيدا في المملكة. ولي العهد محمد بن سلمان اعترف بهذه المشكلة وقال إن السعودية "عليها الفطام من النفط".

 

حسب معطيات كارتل "اوبيك" (منظمة الدول المصدرة للنفط) الذي تقوده السعودية، فان المملكة أنتجت 13 في المئة من اجمالي النفط في العام 2017. نصيب مشابه لنصيب روسيا. الولايات المتحدة أنتجت في نفس السنة 12 في المئة من النفط العالمي. الاوبيك تملك معظم احتياطي النفط في العالم – افضلية واضحة وكبيرة للسعودية.

 

ولكن المعطيات لا تعكس وضع الامور في السنوات الاخيرة. في منتصف العقد السابق على سبيل المثال، فان السعودية أنتجت تقريبا ضعف انتاج الولايات المتحدة. وهكذا الهيمنة السعودية تجلت خلال السنين بالاعتماد الامريكي الذي مصدره في الايام التي اعقبت الحرب العالمية الثانية، في حينه مرت الولايات المتحدة بعملية سريعة للتصنيع والنمو الاقتصادي. ازمة الطاقة في السبعينيات شهدت اكثر من كل شيء على قوة المملكة – في اعقاب حرب يوم الغفران اعلن اعضاء اوبيك الحظر على الولايات المتحدة. والتقليص التدريجي في انتاج اوبيك أدى الى الركود العالمي.

 

هذه الازمة اشارت ايضا الى بداية نهاية سيطرة السعودية. الحظر استخدم كدعوة للنهوض بالنسبة للغرب. الذي فهم أن الاعتماد على النفط هو عبء ثقيل وخطير. دول كثيرة بدأت بالتفكير في التأثيرات الجيوسياسية لاستخدام النفط. وفي موازاة ذلك، الاضرار البيئية لاستخدامه ظهرت على أجندة العمل العام.

 

في العام 2005 سقط شيء ما. ثورة "التكسير" – التكنولوجيا التي مكنت الولايات المتحدة من استخراج النفط من طبقات الصخور الزيتية بصورة ناجعة – أطلقت عملية آخذة في ضعضعة السيطرة الكاملة للسعودية على صنبور النفط. كلما ارتفعت اسعار النفط في اعقاب اغلاق الصنبور السعودي، وكذلك ايضا كنتيجة لاحداث عالمية خارج سيطرة أمريكا، يكون من الاجدى بالولايات المتحدة أن تستخرج النفط من الصخور الزيتية في اراضيها. منطقة التنقيب في الحوض البرمياني في تكساس تحولت الى منظم نفط عالمي، وهو دور قامت به السعودية في السابق. السعودية تدرك التغيير منذ زمن بعيد. هي في الحقيقة لا تستطيع وقف سير الولايات المتحدة نحو الاستقلال، لكنها تستطيع تغيير نفسها. ففي العام 2016 أعلن محمد بن سلمان عن خطته الطموحة التي هدفها أن تغير من الاساس اقتصاد السعودية وتنوع مصادر دخل المملكة. من اجل ذلك اراد ولي العهد أن يعيد تنظيم صندوق الاستثمارات الحكومي للسعودية وأن يستدعي عمال اجانب اكثر للدولة وأن يطور صناعات خدماتية وأن يخصخص شركة النفط الحكومية "ارامكو".

 

ولكن بعد اقل من سنتين على اطلاق الخطة اضطرت السعودية الى الغاء تأميم "ارامكو"، والمواطنون السعوديون يكتشفون الآن أن عليهم دفع ضرائب اعلى وأن اسعار الكهرباء والوقود قد ارتفعت. شبكات تجارية اغلقت مئات فروعها كجزء من الاصلاح. ومن اجل مكافحة العجز الذي يبلغ 100 مليار دولار، فان السعودية بدأت في 2017 بجباية ضريبة القيمة المضافة. النظام ايضا أوقف عدد من المشاريع الثمينة بشكل خاص، وقلص رواتب الوزراء وجمد رواتب موظفي الحكومة. المملكة اعتادت العيش على النفط، ومثل دول اخرى اعلنت عن الرغبة في تنويع مصادر دخلها لاسباب مشابهة، فقد وجدت صعوبة في تحقيق اهدافها التي وضعتها.

 

بصيص ضوء بضمان محدود وجدته السعودية في الصين. الرئيس الصيني شي جي بينغ سرع تدخله في الشرق الاوسط. هو يدفع قدما بالتجارة والاستثمارات، يعزز العلاقات الدبلوماسية ويوطد العلاقات العسكرية. اليوم الصين هي المستوردة الكبرى للنفط السعودي. في العام 2016 جاء 13 في المئة من اجمالي تصدير السعودية الى الصين مقابل 11 في المئة الى الهند واليابان و10 في المئة الى الولايات المتحدة.

 

ولكن مثلما كان النفط سيف ذو حدين بالنسبة للسعودية، هكذا ايضا علاقاتها الاقتصادية مع الصين التي لا تتردد عن استخدام محفظتها كنبوت. هكذا مثلا عندما وجدت الصين نفسها في نزاع مع السعودية حول اسعار النفط في ايار 2017، قلصت الاستيراد. هذه الحادثة تمثل الواقع الجديد الآخذ في التبلور: السعودية ربما سيطرت في السابق بيد قوية على زبائنها، لكن الآن تجد نفسها اكثر فأكثر واقعة تحت رحمتهم. رافعة النفط فقدت من قوتها وتأثير السعودية في العالم تغير معها.