تحليل قواعد العمل تجاه حماس وغزة- أطلس للدراسات

الساعة 09:46 ص|18 ابريل 2019

فلسطين اليوم

كتب يائير غولان، نائب رئيس الأركان سابقًا والباحث الكبير في معهد يورشالايم للاستراتيجية والأمن، مقالًا مهمًا نشرته صحيفة "يديعوت احرونوت" حول رؤيته للخروج من المأزق الإسرائيلي في قطاع غزة، وبرؤيته هذه فهو يكرر وزراء وجنرالات وباحثين سبقوه إليها، حيث تعتمد على أن الفلسطينيين يُمكنهم أن يتخلوا عن مقاومة المحتل والقبول بالأمر الواقع إذا أغدِق عليهم بالمال ووُسع عليهم بالرزق، وقد استخدمها أفيغدور ليبرمان عندما كان وزيرًا للجيش من خلال التحكم في المعابر.

غولان الذي كان مرشحًا ليصبح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الحالي يقول: في الحملة الانتخابية، كان هناك من دعا للانتصار على حماس وتباهى بالقدرة المؤكدة على فعل ذلك. حتى لو كانت أقوالًا سياسية أثناء الانتخابات مآلها أن تُنسى؛ يجدر بنا أن نتعمق بهذا الطلب للانتصار بشكل منهجي أكثر قليلًا.

ويضيف: بمراجعة الشروط الأساس بيننا وبين حماس، تقفز إلى العين خمس حقائق أساسية واضحة: الفوارق الهائلة في القوة، الانقسام الفلسطيني، تصميم حماس على مواصلة "التحرش" بإسرائيل كي لا تسمح لها بالتمتع بهدوء أمني، ثبات أنماط عمل قوة مدى نجاعتها موضع شك، المعرفة بأنه يوجد لأنماط استخدام القوة طبيعة تصعيدية؛ وبالتالي فإذا لم يطرأ تغيير في السياسة فإن سيناريو التصعيد الأمني مُحتم.

المصلحة الإسرائيلية ليست هزيمة حماس، بل هدوء أمنى في الحاضر وتقليص متواصل لإمكانية التهديد من قطاع غزة في المستقبل. يواصل الكاتب: يتبع تحقيق هذه المصلحة لقواعد العمل حيال العدو، بمعنى الاحتمال الأدنى للتعاون الطوعي وعلى أساس مشاعر الود الصادقة. وعليه، فيجب تبني سياسة سخية، وإلى جانبها - إذا ما استجيب هذا السخاء بالرفض - سياسة أمنية حازمة جدًا. كما أنه من الصحيح الاستيضاح ما هي الأعمال المتعلقة بنا، والعناصر الأخرى التي ليست حماس، والتي بوسعها أن تعمل على تحقيق المصلحة الإسرائيلية؟

السياسة السخية حيال حماس معناها تحسين البنى التحتية والقدرة الاقتصادية في قطاع غزة، ليس الميناء هو الأساس؛ بل توسيع قدرة إنتاج الكهرباء أو توريدها من إسرائيل ومصر ومعالجة عاجلة لشبكات المياه والمجاري. وبالتوازي، من الصحيح توسيع قدرة كسب الرزق لسكان القطاع، حتى لو انطوى الأمر على فتح سوق العمل الإسرائيلي، فبضع آلاف من العمال الغزيين الذين سينتقلون إلى إسرائيل يوميًا عبر معبر ايرز - الذي يقف اليوم مقفرًا - يُمكنهم أن يساهموا في تثبيت هدوء أمني.

إضافة إلى ذلك، من الصواب مواصلة التعاون الأمني الجيد مع مصر؛ بل وتحسينه بحيث لا يُمكن إدخال وسائل قتالية، مواد خطيرة وأناس يحرثون الشر. من الصواب أيضًا مواصلة تحصين الحدود مع غزة على الأرض، من تحت الأرض ومن فوق الأرض، بحيث أنه حتى لو استجيبت نوايانا الطيبة بعمليات "إرهابية وبأعمال إخلال بالنظام" يكون الجواب الأمني الدفاعي في أفضل حالاته.

ويتابع بالقول: لا ينبغي أن نتوقع من السلطة الفلسطينية أن تكون جزءًا من حل المشكلة، إذا كان ثمة شيء مؤكد ومستقر في منطقتنا فهو بالذات مدى الانقسام الفلسطيني. ماذا سيحصل إذا لم تتعاون حماس، وواصلت "إزعاج" سكان الغلاف وبادرت إلى أعمال "الإرهاب"؟ في مثل هذه الحالة، على إسرائيل أن توقف فورًا المساعدة المدنية وتنتقل إلى قتال نشط ضد حماس في ظل تدمير قدرتها العسكرية. الضرر المدني لن يؤثر على حماس وفقط، الضرب لقوتها القتالية سيؤدي إلى كيّ وعي الفشل الذي ستصل معه إلى تبني نمط علاقات آخر.

قتال نشط كهذا يستوجب قتالًا بريًا وتحت الأرض في داخل قطاع غزة وبحجم كبير. في العقود الأخيرة، يوجد لدينا ميل لتعظيم قدرة العدو والتقليل من قدراتنا، على خلفية هذه الظاهرة يُمكن أن نفهم الخوف الشديد من الدخول إلى المدن الفلسطينية أثناء الانتفاضة الثانية، والخوف الشديد من المناورة في جنوب لبنان؛ وفي الحالتين تكشفت قدرات العدو بأنها أدنى كثيرًا ممّا اعتقدنا قبل القتال، وعلى حد فهمي فهكذا صحيح أيضًا بالنسبة لحماس في قطاع غزة. فضلًا عن ذلك، فإن عملية برية فقط يُمكنها أن تقلص التهديد على الجبهة الداخلية بشكل سريع، كما هو مطلوب من جيش يتعيّن عليه أن يُدافع عن شعبه.

وفي نهاية مقاله، يختم غولان بأن على القيادة الإسرائيلية أن تعد شعبها والساحة الدولية بسياسة جديدة تتضمن جزرة حلوة وسمينة إلى جانب عصا غليظة وشديدة. من واجبنا تجاه سكان غلاف غزة ان نحقق سياسة فيها أمل لواقع أمني ومدني محسن ومستقر، واستعداد للقتال والتضحية كان وسيكون مطلوبًا.

كلمات دلالية