العالم العربي والانتخابات في "إسرائيل".. اسرائيل اليوم

الساعة 12:11 م|14 ابريل 2019

بقلم

(المضمون: ينبغي بالتالي الافتراض بان الميل الذي شهدناه في العقد الاخير، من حيث تعزز التعاون بين اسرائيل والعرب، سيتوثق ويتعاظم في ظل الحكومة القادمة ايضاً).

سارع زعيم حزب الله، حسن نصرالله، وقد كان من القلائل في العالم العربي ممن عقبوا على نتائج الانتخابات، الى التحذير من أن فترة صعبة بانتظار منظمته وشركائه في "محور الشر"، ايران وسوريا: "نحن نقف امام مرحلة جديدة من التعاون غير المسبوق بين امريكا واسرائيل بقيادة نتنياهو وترامب".

بالنسبة لنصرالله ورفاقه، تبشر نتائج الانتخابات باستمرار بل وربما بتفاقم السياسة الاسرائيلية الحازمة والمصممة، باسناد امريكي وبموافقة بالصمت من جانب موسكو، بهدف منع تثبيت تواجد ايران في سوريا. عن مزاج الايرانيين ومزاج قادة حزب الله لمحت التقارير من الاشهر التي سبقت الانتخابات في أن في طهران هناك من يسعون الى التأثير على نتائج الانتخابات من خلال اشعال النار في غزة وربما ايضا في جبهات اخرى. غير ان الخطوة الايرانية، اذا كان ثمة شيء كهذا بالفعل، فانها لم تنجح. فاسرائيل، وكذا شركاؤها العربيات، لم تقع في الفخ الايراني، ولم يتبق لطهران وبيروت غير استشراف المستقبل بقلق.

ان قلق وتخوف نصرالله واسياده في ايران جديران بالاشارة بالذات على خلفية حقيقة أن الانتخابات في اسرائيل كادت لا تبعث على الاهتمام في العالم العربي، الغارق حتى الرقبة في مشاكله الخاصة. ففي الاسابيع الاخيرة عاد لينشب من جديد احتجاج "الربيع العربي" في عدة دول عربية وأدى الى انصراف الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقا، بعد عشرين سنة من الحكم، والرئيس السوداني عمر البشير بعد ثلاثة عقود في الحكم. الى جانب هاتين الدولتين اللتين اعتبرتا حتى وقت أخير مضى رمزا للاستقرار بعد أن تجاوزهما "الربيع العربي" في بداية العقد، تواصل العربدة حرب اهلية مضرجة بالدماء في ليبيا وفي اليمن، بل وفي سوريا يثور احتجاج يخيل انه قمع من نظام بشار الاسد.

في هذا الواقع الذي يكون فيه العالم العربي ممزق ومشتت، ويغرق في مشاكله، فان اسرائيل بالذات تعد عنصرا مستقرا، مصداقا وذا قوة وبالتالي فان الكثيرين من حكام المنطقة يختارون الاعتماد عليها في مساعيهم لضمان الهدوء والاستقرار.

لقد درج العالم العربي في الماضي على متابعة الحملات الانتخابية في اسرائيل عن كثب. وقد حظيت هذه بتغطية واسعة في وسائل الاعلام العربية، ولم يخف الحكام العرب لمن يعطون تأييدهم. فقد فضل هؤلاء الحكام في الغالب تأييد اولئك الزعماء الاسرائيليين الذين اعتبروا في نظرهم كشركاء في الطريق، وبالاساس في الصراع ضد المتطرفين والجهود لتحقيق السلام. مثال بارز على ذلك هو تأييد الرئيس المصري أنور السادات لمناحم بيغن، شريكه في اتفاق السلام، في انتخابات 1981.

غير أن هذه المرة افترض الكثيرون في العالم العربي بان ما كان هو ما سيكون، بمعنى ان الانتخابات في اسرائيل لن تجلب أي تغيير. فضلا عن ذلك، يبدو بان اعادة انتخاب نتنياهو لم تثر أي عاصفة ويمكن الافتراض بان بعض الحكام العرب تنفسوا الصعداء حين تبين لهم انه سيبقى رئيس الوزراء. يسعى هؤلاء الحكام إلى الاستقرار ويخافون من أي تغيير. كما أنهم لا يخفون رغبتهم في قيادة اسرائيلية تعتبر حازمة بل ومقاتلة حيال إيران، بل وقيادة مقبولة في البيت الابيض وقادرة على تمثيل وتحقيق مصالحهم في واشنطن.

يرى هؤلاء الحكام العرب إذن تماثلا للمصالح بينهم وبين اسرائيل، ولهم مصلحة في اسرائيل مستقلة بل وقوية. هذا تطور عظيم الاهمية في علاقات اسرائيل والعالم العربي، وينبغي بالتالي الافتراض بان الميل الذي شهدناه في العقد الاخير، من حيث تعزز التعاون بين اسرائيل والعرب، سيتوثق ويتعاظم في ظل الحكومة القادمة ايضا.

ان غياب الاهتمام العربي في الانتخابات، واكثر من ذلك – الرغبة في تواصل الوضع القائم، يشهدان كالف شاهد ايضا على انعدام الاهمية والمركزية للقضية الفلسطينية. فالكثير من الانظمة العربية لم تعد مرة اخرى مستعدة لان تكافح، وبالتأكيد لن تضحي بمصالحها، من اجل القضية الفلسطينية.

مثل هذا الواقع كفيل بان يساعد في تقدم مبادرات سلام اقليمية ودولية، وعلى رأسها "صفقة القرن" اياها التي ستضعها ادارة ترامب على طاولتنا في الزمن القريب القادم. للعديد من الانظمة العربية مصلحة في الاستقرار وفي السلام، ويحتمل أن تكون مستعدة أكثر من أي وقت مضى للضغط على الفلسطينيين كي تحقق هذا الهدف.