عند رؤية صورة جمجمة إنسان ينتابنا للوهلة الأولى الخوف والامتعاض نتيجة الفطرة التي بداخلنا عن حقيقة تلك الصورة التي رُسمت في وجداننا، وهي دالة على أن هناك خطر قد يحصل لك إذا اقتربت من هذا الشيء.
الطالبة ضحى عطاالله غيرت تلك المفاهيم لدى الناس وجعلتهم يقتربون منها أكثر وبكل ابتسامة وأريحية، عبر لوحة فنية تحاكي جمجمة إنسان توضح من خلالها المفاهيم الطبية بمجرد ملامستها عن قرب.
"على جدران المَعرض لعرض المواهب عَلقت الطالبة لوحتها الفنية وسط إقبال حار من المشاركين على صورة جمجمة الإنسان التي ابدعت بها، إلى جانب بعض الأعمال الفنية الأخرى" تقول عطاالله لوكالة فلسطين اليوم.
صورة هيكل الإنسان وكأنها من تصوير أشعة سينية، جعلت الأشخاص المشاركين في معرض الاتحاد الفلسطيني لطلبة الطب يقتربون منها، وتضيف عطاالله بأن صورة الهيكل _بالون الأسود والأبيض_ أخذت حيزاً كبيراً لدى المشاركين بمجرد النظر إليها والتعرف على طبيعة الإنسان.
الطالبة عطاالله حازت في الثانوية العامة على معدل 95%، مما دفعها إلى الالتحاق في كلية الطب _طب الإنسان_ في جامعة الأزهر في غزة، وهي بذلك انهت المستوى الثالث من الدراسة الأكاديمية.
وتُتابع الطالبة، : "بأنها امتلكت الموهبة الفنية منذُ نعومة أضافرها في الرسم بشكل مبدئي على اللوحات الخشبية والأوراق البيضاء، ثم توسعت في موهبتها من خلال وجود محفزات تشجيعية من قبل الوالدين والزملاء في الدراسة في رسم الرسومات الطبيعية والجمالية الهادفة".
وعن الرسومات الفنية، أضافت بأنها شاركت بأكثر من 10 لوحات فنية متنوعة الرسومات في عدة معارض محلية في غزة، موضحةً بأن آخر مشاركة لها كان في معرض نظمه الاتحاد الفلسطيني في جامعة الأزهر.
وأشاد أساتذة جامعة الأزهر وطلبة كلية الطب في المعرض بأعمال الطالبة في رسم اللوحات الفنية الجميلة وخاصة التي توضح مفردات الطب، حيث جعلت الأشخاص يتقربون إلى عالم الطب والخيال من خلال تلك الرسومات الهادفة في إيصال المعلومة بطريقة فنية هادفة.
الرسومات الطبية التي تميزت بها عطاالله من خلال شرح المفردات بلمساتها الوردية في نشر الابتسامة وحُب الحياة لدى الأطفال وعرضها في المدارس ورياض الأطفال أثناء العمل الميداني؛ التي تهدف إلى الحفاظ على صحتهم والإعتناء في مستقبلهم المُشرق.
أما عن الرسومات الفنية في رسم الطبيعة والخيال استعرضت الموهوبة أعمالها الفنية، ومن أبرزها لوحة "حديث الصباح والمساء"، مكونة من شقين _نصف يأخذ شق الليل والآخر في النهار_، ليجسد للجمهور والمشاهدين حُب الحياة وجمال الطبيعة الخلابة.
لوحة الصباح والمساء عُرضت في مَعرض نظمه كُتاب وقُراء في غزة، مما دفع عطاالله إلى إضفاء لمسات جذابة في رسم الحياة عن قرب _ من شروق الشمس والأشجار الخضراء والطريق الممهدة لعبور الناس حتى غَسق الليل_ بها تَسر الناظرين إليها في سعيهم لطموحهم المستقبلي.
رسومات دلالية
تجسيد الواقع اليومي، دفع بالطالبة إلى إطلاق العنان في رسم صورة "كيف ستكون النهاية؟"، من خلال إسقاط رموز دلالية عليها عبر رسم شخص يقف في طريق طويل أمامه سماء باللون الأزرق الدال على تفائل الحياة واللون الأسود الدال على أشغال الحياة المجهدة.
صورة "كيف ستكون النهاية" جاءت فكرتها من عَبق الحياة اليومية التي تواكب المرءُ طيلة حياته، كما تقول عطاالله، :"بان اللوحة الجميلة هي تعبير عن أعمال وطموحات الإنسان التي يسعى إليها وكيفية تحديد طموحاته بطريقة صحيحة ودقيقة".
وخلال الحرب "الإسرائيلية" على غزة في عام 2014، وأمام لحظات اشتداد القصف على المدنيين العُزل، امتطت الطالبة أقلامها رغم كل الضغوط النفسية لترسم بيددها لوحات فنية متنوعة، جسدت من خلالها نوع من التفريغ النفسي للهروب من واقع الحرب.
ورغم كل مآلات الحرب التي عاشها سكان القطاع خلال تلك الفترة، أضفت بأقلامها من _الفحم والُباد_ رسومات شخصية وخيالية، كان أبرزها صورة القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الدالة على الثورة الفلسطينية والقضية العادلة في الدفاع عن أرض فلسطين.
وعن مستقبلها الفني التي سعت إليه، تقول الطالبة، :"بانها تعمل بكل اجتهاد من أجل تحقيق طموحها الفني بجانب التعليم الإكاديمي الطبي"، مضيفةً بانها تواصل التَعلم عبر مشاهدة مقاطع الفيديو على الانترنت والاحتكاك بالفنانين الآخرين لكسب وتعزيز أدائها الفني.
عن أبرز المعوقات التي واجهتا، قالت، :بأن إغلاق معبر رفح البري العائق الأساسي بعدم مشاركتها في المعارض الدولية لعرض موهبتها الفنية، إلى جانب عدم الاهتمام من قبل المؤسسات المعنية بالفن في تنمية موهبتها.
وطالبت ضحى عطاالله جميع المؤسسات والمراكز الثقافية بالاهتمام بها لتعزيز وتطوير موهبتها، ودعت المجتمع الدولي إلى فتح معبر رفح البري الوحيد لكي تشارك في عرض أعمالها الفنية في المحافل العربية والدولية لإيصالها لأكبر جمهور ممكن من العالم.
تحفيز وتشجيع
وأكد والد الطالبة د.أحمد عطاالله بأنه اكتشف موهبة ضحى منذُ الصغر من خلال الرسم على اللوحات بطريقة بسطية ومبدئية في إخراج صور جميلة وجذابة.
وقال د.عطاالله، :" بإن منذ اكتشاف الموهبة شجعَ ابنته على استثمار الجهد في توفير كافة مستلزمات الأدوات الفنية لتعزيز وتطوير أداؤها الفني في رسم الرسومات".
وأضاف بأنه يتابع على الدوام معها في كسب المزيد من المهارات الفنية وإرشادها نحو الأفق الأكبر للوصول إلى القمة المرجوة، بأن تصبح فنانة قديرة تصل برسوماتها إلى جمهور أكبر وفي المعارض الدولية.
لدى عطالله أربعة أبناء وهم :( معاذ_وضحى_وندى_ولمى)، وجميعهم متفوقون في دراساتهم الأكاديمية في الجامعة والمدرسة، ولدى أبناءه الأربعة مواهب متعددة، فيما يدرس الابن هندسة حاسوب وضحى وندى طب أسنان ولمى من الطالبات المتفوقات في المدرسة.
يشار إلى أن شريحة الموهيبين في قطاع غزة، يعانون من الحصار الاسرائيلي على القطاع منذ ما يزيد عن 11 عاماً، في إغلاق المعابر وتقييد حركة السفر ونقل الخبرات والتجارب مع العالم الخارجي.