بقلم ناحوم برنياع
نتنياهو انتصر. ليس بالنقاط – بل بالضربة القاضية. لقد كانت الانتخابات استفتاء شعبيا على استقامته، أهليته، ضرورته في الحكم، والشعب قال قولته. يمكن ملء كتاب بالشكاوى على افعال المخادعة، الاكاذيب، التلاعب والتشهيرات التي ميزت حملته الانتخابية، اما معنى الحسم فلا يمكن تغييره. هذه قواعد اللعب؛ هذا هو الحسم الديمقراطي. من يشكو من الشعب يقع في خطيئة قول مناهض للديمقراطية بل والغباء ايضا. ليس لدينا شعب آخر؛ ليس لنا ديمقراطية اخرى.
دار في الشبكة امس بوست ناخبة من اليسار تحتج على التصويت في بلدات الجنوب. فقد كتبت تقول: "لا اريد أن اسمع كلمة من سكان سديروت الذين سيقضون السنة القادمة ايضا في الملاجيء. (43.5 في المئة لبيبي)؛ تغريدة واحدة لم تخرج من سكان عسقلان عن كم صعبا الركض مع الاطفال في منتصف الليل للغرفة المحصنة (42.6 في المئة لبيبي). ديمونا، اوفيكيم، نتيفوت: (من ناحيتي) فلتواصلوا الازدهار مع نسبة البطالة الاعلى في الدولة (42 في المئة بالمتوسط لبيبي). انا مستعدة لان اعيش مع خسارة في الانتخابات. ما لست مستعدة بعد اليوم لان اسمعه هو الناس الذين يصرخون في الاخبار كي يعترفوا بمعاناتهم وبعدها، عندما يصلون الى الصندوق، يفعلون العكس تماما. انتصرتم. خذوا بيبيكم. ولكن تذكروا، ولا كلمة".
لقد أجاد البوست في تلخيص ما سمعت وقرأت من اناس غير قليلين منذ لحظة اغلاق الصناديق. هو أصيل ومكتوب جيدا وبالتالي فهو مغيظ ومثير للحفيظة أكثر. فالسكان في الغلاف يدفعون ثمنا باهظا على قرب بلداتهم من قطاع غزة. اكثر من السفر الى هناك في الفترات القاسية. واحيانا تكون الصرخة التي يطلقها السكان مشوشة: ثمة من يفسرها كاجتياز للخطوط السياسية. بعد ذلك يذهبون الى الصناديق ويصوتون للحزب القريب من قلبهم: في الكيبوتسات للوسط – اليسار؛ في بلدات التطوير لليمين. هذا حقهم. تصويتهم لا يقلل بهذه الصفة من واجب التضامن معهم.
مثل قرارات كثيرة في الحياة، فان القرار اي بطاقة تنزل الى الصندوق هو ايضا عاطفي. هكذا كان وهكذا سيكون. فقرار الكيبوتسي للغلاف ليس عقلانيا اكثر من القرار المعاكس لجاره المديني. فما بالك أن ايا من الاحزاب ليس لديه حل مقنع لمشكلة غزة. لا لنتنياهو، الذي يسعى لشراء الهدوء بالمال، لا لغانتس، لا لليبرمان، لا لبينيت.
خذوا ايلات مثلا. قبيل الصيف يفترض أن يغلق مطار دوف في تل أبيب. القرار يضرب الايلاتيين مرتين، مرة بسبب فقدان الاتصال السريع والمتوفر لديهم مع الخدمات التي توفرها المدينة الكبرى، والمرة الثانية بسبب السياح الاسرائيليين الذين لن يصلوا. كافح رئيسا البلديتين، تل أبيب (العمل) وايلات (الليكود) ضد القرار، عبثا. ومع ذلك، صوت 43.3 في المئة من الايلاتيين لليكود، مثل سكان بئر السبع، عسقلان، كريات آتا والعفولة.
ميخائيل بيتون كان رئيس بلدية محبوب في يروحام. وقد وضع في مكان واقعي في أزرق أبيض. حزبه حصل على 10.5 في المئة في يروحام. اكثر بكثير مما كان سيحصل بدونه. ولكن اقل بكثير من الليكود (42 في المئة).
لا يوجد شيء مفرح اكثر من تبديد الشكوك، قال حكماء اكثر مني. لا يوجد فرح بنتائج الانتخابات، لا لمن تمنى نتيجة اخرى، ولكن حكمة الجماهير قد تكون موجودة. النتيجة الواضحة، القاطعة، افضل من التعادل، الذي كان من شأنه ان يدخل الساحة السياسية الى أزمة عضال مثلما في ايطاليا او الى طريق مسدود، بائس، مثلما في بريطانيا في الجدال على البريكزيت.
يدخل نتنياهو الى الولاية التالية كمنتصر، ولكن الوحل الذي جمعه على الطريق يبقى معه. هذا هو الوقت للنظر الى الامام، الى الحكومة التالية. عن الحكومة المنصرفة قيل انها الحكومة الاكثر يمينية التي شهدتها الدولة؛ وعلى افتراض ان الحكومة التالية ستستند الى ذات الاحزاب، فانها ستكون اكثر يمينية واكثر دينية. في الائتلاف المنصرف كان لموشيه كحلون، مع عشرة مقاعده، قدرة على استخدام الفيتو على مشاريع قوانين مناهضة للديمقراطية وعلى محاولات تقليص صلاحيات المحكمة العليا. اما في الائتلاف القادم، مع أربعة مقاعد، فقد تقلصت قوته. وبدلا من البيت اليهودي، الذي برئاسة بينيت تبنى جدول أعمال صقري، قومي متشدد، غير ديني، ستجلس في الائتلاف كتلة تربط معا الكهانيين، الاصوليين المتدينين وبواقي المفدال. وسيكون الحاخام بيرتس ورقة التين لها. فيما سيسود سموتريتش.
سيكون هذا من شبه المؤكد حزبا كهانيا جديدا، يرى دوره في فرض التدين، الاحتقار للقانون والقضاء، في الابتزاز المالي من الدولة، في دعم جرائم الكراهية وفي السعي الى المواجهات العنيفة مع الفلسطينيين. أما العدو فسيكون الجيش، المخابرات، المحكمة العليا، الاعلام. عن ايتمار بن غبير يرون أنه كهانا؛ سموتريتش يختبيء في صورة مستوطن معياري من كدوميم، فايغلين خفيف. في الحياة الحقيقية هو سياسي ذكي، داهية ومتهكم تام، عديم الكوابح. وهذا الخليط يمكن ان يكون فتاكا.
خصم لدود
وبينما كنت أتجول بين الصناديق في روش هعايم، في يوم الانتخابات، اسمع في المذياع يوآف كركوبسكي، رئيس الدائرة السياسية في هيئة البث، يروي عن الشريط الذي رفع الى موقع الليكود على التويتر. الشريط لا يصدق، قال كركوبسكي. سارعت لمشاهدته بنفسي. بالفعل، لا يصدق. وزير السياحة يريف لفين التقطت له الصور قرب سور طويل، ملون بالازرق، مرصع بغيوم بيضاء. كان عاصفا. في يده اليسرى كان يحمل هاتفا نقالا، اما يده اليمنى فكانت ترتفع وتنخفض وتمد الى الامام، واصابعه تنضم الى قبضة، واصابعه تفتح بتحذير مثلما في محاكمة القت. عيناه تلمعان من خلف النظارة. "انتم لا تصدقون ما وصلت اليه يداي قبل بضع دقائق"، بشرنا قائلا. "الحقيقة! ليس ما يرويه لبيد وغانتس لنا بل ما يعدون به الجمهور العربي.
"بني غانتس موقع على منشور موجه للماكثين غير القانونيين في اسرائيل ممن يتواجدون هنا بلا حق مواطنة. وهم يعدونه بالامر التالي"، وهو يقرأ من الورقة: "سنوات طويلة اختارت حكومات اسرائيل الا تمنحهم حق الاقتراع. اخرجوا ابناء عائلاتكم ممن لهم حق اقتراع للتصويت، اخرجوا اصدقاءكم للتصويت ونحن سنهتم بتغيير هذا. نحن سنهتم بتعديل هذا وسنعطيكم حق الاقتراع. هذه هي الحقيقة!".
لم يري المشاهدين اي وثيقة تؤكد اقواله، ولا حتى الوثيقة التي قرأ منها. ولكنه لم ينسَ الاستنتاج: "اليوم انتم ملزمون بالخروج للتصويت – ملزمون بالتصويت لليكود ولنتنياهو".
لقد ظهرت القصة قبل ساعة في أحد مواقع الليكود. وكانت هاذية وهامشية ومدحوضة لدرجة انها لم تثر الاهتمام حتى في القاعدة. حتى اليوم سجلت نحو 4.500 مشاهدة ليس أكثر. في تلك الساعات احتل نتنياهو مواقع الليكود، بمناجياته الكاذبة. وشاهدها عشرات ومئات الالاف. من لفق القصة وسوقها كان يعرف ان ليس فيها حقيقة. بالنسبة للفين انا متأكد أقل. فلفين هو الرجل الذي اصبح استعداده للاطار اداة عمياء في ايدي الاخرين، او ما يسمى الان الرجل الالي.
لفين مرشح لان يكون وزير العدل في الحكومة التالية. وهو يعد نفسه لهذا المنصب منذ سنين، يسب ويشتم قضاة المحكمة العليا بتعابير لو كان يقولها في قاعة المحكمة لكان ادين بالتحقير. ليس هناك السياسة من يشبهه في مجال الشتم، ولا حتى يئير نتنياهو. عندما يهاجم بيتان وامسلم المحكمة العليا فانهما يفهمان بان هذا جزءا من اللعبة. اما لفين فيقصد. آييلت شكيد، الوزيرة المنصرفة قالت لي منذ زمن بعيد أنت تعرف من سيـأتي الى وزارة العدل بدلا مني. أهذا ما تريده؟.
شكيد هي تمار زندبرغ بالمقارنة مع يريف لفين.