معجزة قادتها للنجاة

بالصور "هديل" ترسم مستقبلها بالألوان وتكتب أحلامها بالشعر

الساعة 08:45 ص|11 ابريل 2019

فلسطين اليوم

الرسائل الربانية لا تأتي عبثاً والأحلام لا تخلق من الفراغ، عمق شخصيتها جعل منها شخصاً استثنائياً يؤمن أن الإنسان هو صنع ذاته، تراها كثيراً ما تغرق في ملكوت هذا الكون كأن عالمها مرسوم في نص أدبي لشاعر وطني أو في لوحة فنية بألوان تعكس روحها. كان شعارها بالحياة أن الإنسان نتاج معاركه، استوقفتني كلماتها كما الصدمة، فالهدوء المنعكس على وجهها لا يوحي بشيء من المعارك.

هديل أبو عيشة البالغة من العمر اثنين وعشرين عاماً ترسم مستقبلها بألوان تمزجها فرشاتها وتكتب أحلامها قصيدة عربية حرة من قيود الوزن والقافية، تعانق السماء في تأملها لإزرقاق لونها. أما أحلامها فيمكن ملاحظتها من الحوار الأول. تعيش هديل في قطاع غزة منذ ميلادها، لكن السماء وهبتها ما هو حر رغم حصار المكان، تقول:" أعلم أن هذا المحيط الذي نعيش فيه يحده الأسلاك من كل جانب، لكنّي حرة طليقة بأفكاري، بما أكتب وما أرسم وما أشعر، حرة بكوني أنا".

مضمار الحياة طويل ويستحق المغامرة وهذا ما أثبته هديل في سيرتها، منذ نعومة أناملها كانت تحتضن الحياة وتتشبث بها أكثر كلما حاولت إفلاتها، أُصيبت هديل بإلتهاب السحايا في أعوامها الأولى؛ لكن معجزة قادتها للنجاة.

ابتسامة خفيفة وعيون دامعة كست وجهها وهي تتذكر أيام طفولتها ومعاناتها مع مرضها الذي كاد قد يفقدها القدرة على الإدراك أو فقد إحدى حواسها ولكن بفضل الله تعالى انتصرت عليه ولم تفقد أي شيء واستعادت صحتها. 

 وتقول:" ما كان خلاصي عبثاً ولا محض صدفة، أنا أؤمن أن رسالة ما أحملها وأن معجزة السماء إنما حدثت لسبب كما كل شيء في هذا الكون".

في مراحلها الدراسية المتتابعة أثبتت أنها خير مثال للطالب المتفوق المجتهد، في كل عام كانت تحصد المراكز الأولى، بدعم عائلتها المتواصل وتشجيع معلماتها أثبتت أن تفوقها يستحق حياةً أكثر.

لم تقتصر على تفوقها الدراسي بل وعلى صعيد الحياة الاجتماعية فتعلمت الفنون الكشفية في مراحلها الأولى واستطاعت المشاركة في مسابقات عديدة للرسم والكتابة الإبداعية و كان أهمها لوحة "حقوق الإنسان" برعاية الأونروا و مؤسسة الميزان لحقوق الانسان و لوحة "المرأة الريفية" لبرنامج الدعم الزراعي الفلسطيني و غيرها.

في منزلها ثمة حائط مليء بالإنجازات المتنوعة من شهادات التفوق والتقدير والدروع إثر المسابقات التي فازت فيها بالمراكز الأولى على مدار السنوات السابقة؛ تنظر إلى الحائط بكل فخر ورضا بما حققته ووصلت إليه حتى الآن.

وفي حديث مع والدتها، وصفت هديل بالمميزة من بين اخوتها، بحكمتها وذكائها وصبرها وتحملها للمسؤولية والاعتماد على نفسها، مشيرة إلى شخصيتها الخاصة بها وعشقها للرسم من صغرها، ومحاولتها إبراز الجمال والحياة.

تخرجت هديل من الثانوية العامة لتثبت أكثر أن هناك متسع لتحقيق النجاح على هذه الأرض فقد حصلت على معدل ٩٨.٢٪؜ ، و الجدير بالذكر أنها على عتبات التخرج في الأيام القليلة المقبلة من قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر بغزة حاصدةً معدل ينافس أوائل القسم .كما تعمل حاليًا على تخريج كتاب ضمن المساقات الجامعية (أساسيات في نقد الأدب الانجليزي) بإشراف أ. د. عبد الله كراز، يُدرس في الجامعة بمجرد تخرجها، وهو من إعداد الطالبة هديل كامل أبو عيشة.

كانت تسرق نظراتها وهي تتحدث عن مساندة أهلها لها في مسيرتها التعليمة والوقوف بجانبها وتخطي كل الصعوبات التي واجهتها وايمانهم بقدراتها على النجاح والوصول إلى ما تريد.

 تمكنت من السفر للولايات المتحدة الأمريكية والمشاركة في مؤتمرات عديدة من الفترة ما بين نوفمبر٢٠١٨ حتى نهاية فبراير ٢٠١٩، لتمثيل الشعب الفلسطيني وحقوقه ودعم القضايا التعليمية والتحدث عن معاناة الطالب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة المحاصر، وتؤكد أمام جميع الحضور أن الطالب في فلسطين لديه القدرة العلمية الكافية لكن تنقصه الفرصة فقط ف الحصول على وظيفة بعد تخرجه من الجامعة.

تضيف هديل: "حاليًا استعد لتجهيز لرسالة الماجستير في الولايات، للحصول على الماجستير في تطوير أساليب وأنظمة التعليم العالي، لأعود لفلسطين وأغير الأنظمة التعليمة الفاشلة التي تحتاج إلي تطوير وتحسين وتعديل من أجل أن يحصل الشعب الفلسطيني والطلبة المتفوقين على حقهم في التعليم".

 وفي نهاية حديثها تقول:" مؤمنة بأن الحياة تستحق الجهاد وأن رب الخير لا يأتي إلا بالخير وإنما الإنسان هو حقيقة واقعة على هذا الكوكب الذي يضج بالحياة، والفائز فينا من يثبت إنسانيته، أعلم أن ظروف وطني استثنائية، لكن لولا هذه الظروف لكان شعبي شعباً عادياً، لكن نحن استثناء".

فن (1)
فن (5)
فن (4)
فن (3)
فن (2)