تؤكد الاستطلاعات الأخيرة التي نُشرت في "إسرائيل"، وهي آخر استطلاعات يمكن إجراؤها بحسب القانون قبل الانتخابات التشريعية، الثلاثاء، أن معسكر بنيامين نتنياهو سيحصد مجتمعا 64 مقعدا في الكنيست الجديد. وبحسب الاستطلاعات، فإن الخريطة التي يمثلها هذا الرقم أيضا، تعني كثرة في أحزاب يمين صغيرة تُشكّل مجتمعة بين 20 و22 مقعدا، تضاف إليها مقاعد الحزبين الحريديين "شاس" و"يهدوت هتوراه"، لضمان الائتلاف لنتنياهو.
لكن هذا الرقم يشمل أيضا ويحمل في طياته ائتلافا متعبا لنتنياهو ومرهقا لجهة طلبات ونزوات قادة أحزاب اليمين الصغيرة، مثل تحالف أحزاب الفاشية الدينية الثلاثة "البيت اليهودي" و"الاتحاد القومي" و"عوتصماه يهوديت"، ناهيك عن أن قائد حزب "زيهوت"، (أي هوية)، موشيه فيغلين، الذي قد يكون مفاجأة الانتخابات، يكرر تصريحات بأنه ليس بالضرورة في جيب نتنياهو.
هذا كله يفتح أفقا آخر نحو احتمال حكومة وحدة وطنية بين "الليكود" بقيادة نتنياهو، وحزب "كاحول لفان" بقيادة الجنرال بني غانتس، خصوصا أن الأخير لم يُسقط هذا الخيار كليا، لا سيما أن ما بعد يوم الانتخابات لا يثبت بالضرورة ما قبله، وقد تكون النتائج الرسمية بمثابة كلام ليل يمحوه النهار، وتصريحات بهدف الدعاية تتبخر عند ساعة الحقيقة.
يعني هذا أنه على الرغم من أن فرص نتنياهو بتشكيل ائتلاف مع شركائه السابقين هي وافرة وقوية، لكن من شأن نتنياهو أيضا، في حال تمترس فيغلين أو مجموعة "عوتصماه يهوديت" (ضمن التحالف الثلاثي لأحزاب اليمين الديني بقيادة البيت اليهودي)، خلف مطالب مبالغ بها، أن يتجه إلى خيار تحالف مع حزب غانتس، خصوصا أن الفجوة بين مواقف "الليكود" ومواقف حزب غانتس في القضايا الجوهرية، القدس والمستوطنات والجولان وغور الأردن، تكاد تكون معدومة. وقد سبق لأرئيل شارون أن قال مرة بعد انتقاله من مقعد المعارضة إلى مقعد رئيس الحكومة لتبرير تغيير بعض مواقفه: "ما نراه من هنا لا نراه من هناك".
أيا يكن السيناريو الذي ستفرضه نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقررة الثلاثاء، فإنه من المفيد جدا التذكير بمقولة اعتاد فلسطينيو الداخل وأحزابهم السياسية على ترديدها في الماضي في سياق التنبيه والتحذير من أوهام كانت تُعلّق على حزب "العمل"، بالقول إن "العمل" و"الليكود" وجهان لعملة واحدة. لنتنياهو، نكرر بتعديل بسيط، أن الاثنين وجهان للاحتلال نفسه وللسياسات العنصرية والعدوانية نفسها.