تشير التحليلات "الإسرائيلية" إلى أن هناك عدة قضايا ينوي رئيس الحكومة "الإسرائيلية"، بنيامين نتنياهو، مناقشتها اليوم في موسكو مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وهي في الغالب ذات الصلة بالتطورات في سورية.
وينوي نتنياهو بداية تقديم الشكر لموسكو لجهودها في استعادة جثة الجندي "الإسرائيلي" زخاريا باومل المفقود منذ معركة سلطان يعقوب عام 1982، ومناقشة التموضع العسكري الإيراني في سورية، وتعزيز التنسيق الأمني بين الجيشين "الإسرائيلي" والروسي، وإقناع روسيا بعدم نقل التحكم بصواريخ "إس 300" من القوات الروسية إلى القوات السورية، وإقناع موسكو بضرورة إبقاء بضع مئات من الجنود الأميركيين في سورية.
وبحسب المحلل العسكري لموقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، فإن الموضوع الأهم، الذي سيناقش اليوم الخميس في موسكو، هو "حقيقة أن الإيرانيين يواصلون جهودهم لإقامة بنية عسكرية تتيح لهم فتح جبهة شمالية شرقية أخرى ضد إسرائيل".
وبحسبه، فإن قائد "فيلق القدس" في حرس الثورة، قاسم سليماني، استجاب للضغوطات الروسية، ونقل نشاطه إلى المناطق البعيدة عن الحدود مع "إسرائيل"، بناء على تفاهمات بوتين مع نتنياهو في لقاءات سابقة. وبناء عليه فإن طائرات الشحن الإيرانية التي تنقل مقاتلين وصواريخ لحزب الله والقوى العراقية والأفغانية الموالية لإيران لا تهبط في مطار دمشق، وإنما جرى نقل النشاط الإيراني في سورية إلى شمالي وجنوب شرقي العاصمة.
ويشمل النشاط الإيراني، بحسب بن يشاي، مخازن كبيرة من الصواريخ وغالبيتها صواريخ دقيقة وبعيدة المدى، والتي يفترض أن يتم تسليمها لحزب الله، أو تستخدمها القوات الإيرانية والقوى الموالية لها في حال اندلاع حرب مع "إسرائيل".
وادعى أيضا أن إيران تحاول التموضع في ميناء اللاذقية، الأمر الذي يصعب على "إسرائيل" استهدافه بسبب قربه من القواعد الروسية. كما ادعى أن هناك أنباء تشير إلى أن إيران أرسلت سرا وحدات من حزب الله وقوى أخرى موالية لها إلى المناطق الحدودية القريبة من "إسرائيل" والتي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن معارضة قوات النظام السوري لذلك أفشل الخطة، التي تشكل خرقا لتفاهمات نتنياهو وبوتين بشأن إبعاد الإيرانيين مسافة 80 – 100 كيلومتر عن الحدود، مقابل تقليص الهجمات الإسرائيلية على سورية إلى أدنى حد ممكن.
وكتب أيضا أنه من الجائز الافتراض أن نتنياهو سوف يدعي أمام بوتين أنه إذا كانت موسكو تريد التهدئة والحل الدبلوماسي في سورية، فإن "إسرائيل" على استعداد للانضباط وتقليص الهجمات "الإسرائيلية" قدر الإمكان، مقابل الالتزام الروسي بالتفاهمات والضغط على إيران لمنعها من إقامة بنى تحتية عسكرية والاقتراب من خط وقف إطلاق النار مع "إسرائيل".
صواريخ "إس 300"
ويتوقع أيضا أن يناقش نتنياهو في موسكو التفاهمات بشأن تطوير وتنجيع التنسيق الأمني بين سلاح الجو "الإسرائيلي" ونظيره الروسي في الأجواء السورية. ومن الممكن أن يتم التوقيع على اتفاق جديد يمنع حصول أخطاء أو حوادث غير مرغوب بها، كما حصل لدى إسقاط الطائرة الروسية في أيلول/ سبتمبر الماضي، والتي وجهت فيها موسكو إصبع الاتهام لإسرائيل بالمسؤولية عن إسقاطها.
ومن المتوقع أن يكون على جدول أعمال زيارة نتنياهو نقل التحكم ببطاريات اعتراض الطائرات والصواريخ من طراز "إس 300" إلى الجيش السوري. وهذه الصواريخ القادرة على إسقاط طائرات فوق "إسرائيل" تم تسليمها لسورية في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية، ولكن التحكم بها لا يزال بيد القوات الروسية، بينما تقوم قوات سورية بإجراء تدريبات في روسيا على تفعيلها بما يشكل خطرا على سلاح الجو "الإسرائيلي"، سواء في أجواء سورية أم لبنان أم "إسرائيل" نفسها، بحسب المحلل العسكري.
من جهته يدعي جيش الاحتلال "الإسرائيلي" أنه قادر على تدمير بطاريات الصواريخ هذه إذا اقتضت الضرورة، ولكن "إسرائيل" تتجنب "إحراج روسيا والمس بمكانة صناعة الأسلحة الروسية" بما يسيئ للعلاقات بين الطرفين. وعليه، فمن المتوقع أن يطلب نتنياهو من بوتين عدم نقل التحكم ببطاريات "إس 300" إلى أيد سورية حتى لا تضطر "إسرائيل" إلى تدميرها.
تواجد القوات الأميركية في قاعدة التنف
أما الموضوع الرابع الذي يتوقع أن يطرح في اللقاء فهو تواجد القوات الأميركية في سورية، حيث أن روسيا معنية بخروجها بشكل تام، في حين أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أعلن أنه سيبقي نحو 400 جندي في قاعدة عسكرية في منطقة التنف جنوب شرقي سورية، والتي تتحكم بأحد الممرات البرية من طهران إلى دمشق، ومن هناك إلى لبنان، لمنع الإيرانية من نقل أسلحة ومقاتلين عن طريق شاحنات.
ولذلك، فإن "إسرائيل" معنية ببقاء القوات الأميركية في سورية، خلافا لرغبة روسيا وإيران والنظام السوري، وسيحاول نتنياهو إقناع بوتين بضرورة إبقاء هذه القوات لأن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال ينشط شرقي نهر الفرات، ولا يزال هناك حاجة لقوة أميركية صغيرة لتقديم المساعدة في قتالهم.
وأشار المحلل العسكري في هذا السياق، إلى أنه في اللقاء الأخير بين نتنياهو وبوتين تم الاتفاق على تشكيل لجنة بشأن تواجد القوات الأجنبية في سورية، والتي تعتبرها "إسرائيل" قناة سياسية مع الروس للحوار بشأن القوات الإيرانية والقوى الموالية لها في سورية، كما أن موسكو أيضا معنية بهذه اللجنة التي يمكن بواسطتها الضغط على الأميركيين للخروج من سورية.
ولفت إلى أن قرار ترامب الاعتراف بالسيادة "الإسرائيلية" على الجولان السوري المحتل قد أثار مشكلة مؤخرا، حيث أن السوريون يطلبون من روسيا مطالبة "إسرائيل" بالانسحاب من الجولان، وبالنتيجة فإن هذه اللجنة ستكون كجهاز بيد الروس لمطالبة "إسرائيل" بذلك.
إلى ذلك، ونظراً لأن اللقاء بين الطرفين قد جرى ترتيبه بسرعة خلال 48 ساعة، فإن المحلل العسكري استبعد أن يكون ذلك بهدف جمع أصوات أكثر لنتنياهو في الانتخابات المقبلة، وادعى أن القضايا العاجلة هي التي حددت التوقيت.
ويخلص إلى أن زيارة نتنياهو تهدف إلى الدفع بالمصالح "الإسرائيلية"، وتعزيز التعاون بين إسرائيل في سورية بما يلائم مصالح "إسرائيل".