"أنا بكرا رايح أستشهد، حطيلي أنشودة وداعًا أيها البطل"، هكذا ودع الشهيد الشاب تامر أبو الخير أمه قبل يومٍ من ارتقائه برصاص الاحتلال الصهيوني في مليونية يوم الأرض شرق مدينة غزة.
لم يكن يمازح أمه، بل كان جادًا جدًا، فقد أحس الشاب باقتراب الشهادة منه، فخرج يوم الجمعة مستبشرًا وملبيًا لنداء الله والوطن، ليعود "عريسًا" محمولًا على أكتاف أصدقائه وأحبائه، وسط زغاريد أمه التي منَّ الله عليها بالصبر والجلدة.
تامر كان قمرًا من بين أربعة أقمار ارتقوا خلال "يوم الأرض" وهي الذكرى الأولى لانطلاقة مسيرة العودة الكبرى على الحدود الشرقية لقطاع غزة، بعد أن خرج مع الآلاف من أبناء شعبه يطالبون بالعودة لديارهم التي هُجروا منها، وبفك الحصار الظالم عن القطاع.
جاء الاتصال لأمه أن تامر قد أصيب برصاص الاحتلال، فتراءى في ذهنا سريعًا رسالته التي أرسلها، وقالت في نفسها، طلب الشهادة ونالها، وخرجت مسرعة إلى المستشفى، وخلال ساعات الانتظار أمام غرفة العمليات كانت تعي جيدًا أن الله اصطفى ابنها ليكون شهيدًا.
زفَّ الأطباء نبأ استشهاده فما كان من الأم الصابرة إلا أن ابتسمت لـ"عريس الجنة"، وما سُمع منها إلا كلمات الرضا والحمد لله، قائلةً: "أتشرف أن يكون ابني شهيدًا، وأدعو الله أن يتقبله، فأنا راضية بقضاء وحكم الله عز وجل".
وفي لحظة وداعه أضافت: "قدمت واحدًا من ستة أبناء فداءً للوطن وفلسطين، ونحن صابرون على قضاء الله، وقد دعيت له كثيرًا في سجودي أن يمن الله عليه بما طلب وتمنى".
وأكدت الوالدة المحتسبة أن قضيتنا قضية مؤمنين وقضية عادلة، مشددةً أن الشعب الفلسطيني سيبقى شوكةٌ في حلق الاحتلال الإسرائيلي حتى تحرير الأرض كاملةً.
وطالبت جميع أبناء الشعب بعدم التخاذل والمشاركة كل جمعة في مسيرات العودة، لافتةً أنها لن تترك جمعة دون المشاركة في المسيرات ورفع صوت فلسطين وغزة، مضيفةً: "نحن وأزواجنا وأولادنا وشبابنا مشاريع شهادة".
وعن الشهيد البطل روت والدته: "كان حنونًا جدًا، لا يرفض لي طلبًا، وكان إذا أردت شيئًا وكان بالعمل يترك ما بيده ويأتيني مسرعًا".
كما ودعته بكلمات مؤثرة زوفته إلى الجنان قائلةً: "أحلى عريس يمّا أحلى عريس يا حبيبي، فزت يا حبيبي بالشهادة، فزت ورب الكعبة".