"أم الثُوار".. "الدينمو".. "الشُعلة".. القابٌ تطلق على مُسِنةٍ فلسطينيةٍ من قطاع غزة نذرتْ نفسها لتحضير وتجهيز الأدوات اللوجيستية للشباب الثائرين، ولإثارة الحماسة في قلوبهم في سياق مسيرة العودة الكبرى، إنها عطاف وادي (55 عاماً).
إذا ما قادك حُب الوطن نحو السياج الفاصل شرق قطاع غزة، فحتماً ستصطدم بخيمة المُسنة وادي التي يلتف حولها الشباب الذين ينادونها بـ "يمَّا"، على باب الخيمة ستجد "جبلاً شامخاً" يعتمر غطاء راس من الكوفية الفلسطينية، ويرتدي عباءة مُفصلة من العلم الفلسطيني، وستسمع صوت المُسنة وادي يصدح بأصوات التكبير التي تثير حماسة الشباب المشاركين في المسيرة.
المُسنة وادي المُهجرة من بلدة (بيت داراس) تشارك يومياً منذ بداية حراك مسيرات العودة الكبرى في 30/مارس، تقول أثناء تغطيتها لرأس شابٍ طلب منها تغطية راسه بالكوفية "أتواجد في هذا المكان منذ بداية المسيرة، أجمع الحجارة، والكاوتشوك، واقدمها للشباب الثائرين".
وادي التي كثيراً ما تضطر لقطع اللقاء الصحفي لتأمين طلبات الشباب الثائر، تضيف بحرقة "نحنُ نحب السلام، ومن منا لا يحب السلام ويكره الحروب غير الإسرائيليين الذين يحاربوننا على مدار اللحظة منذ النكبة الفلسطينية، اليوم جئنا لنوصل رسالة للعالم أننا مصرون ومصممون على استكمال المشوار حتى تحرير بلادنا".
وتعبر وادي عن سعادتها البالغة في المشاركة في المسيرة، إذ تقول وهي تشير بيدها المُغبرة من آثار جمع الحجارة :"اشعر بسعادة بالغة وفخر كبير أثناء مشاركتي إلى جانب الشباب في مقارعة المحتلين (..) الحمدلله الذي أمدَ بعمري وجعلني أشارك اهلي هذا اليوم الكبير".
وعن دافع الاستمرارية في المشاركة رغم تقدمها بالعمر، قالت بصوت جهوري "حُب الوطن.. والدفاع عن الأقصى.. والتصدي للقرارات التصفوية هو دافع الاستمرارية في المسيرة".
وأضافت: بيتي في بيت داراس يبعد حوالي 30 كيلومتر عن السياج الفاصل، وأنا تواقةٌ للعودة إلى قريتي، وهذا ما نص عليه قرار الأمم المتحدة 192 الذي ينص صراحة على عودة المُهجرين إلى قراهم وبلادهم التي هُجروا منها قسراً".
وتُقسِمُ المُسنة وادي بالله ثلاثاً أنها ستظل ترفع لواء المقاومة ومقارعة الاحتلال حتى يحقق الله لها النصر أو الشهادة في سبيله، مشيرةً إلى أنها لا تخشى الإصابة ولا الاعتقال ولا الاستشهاد، قائلة "كله فداءً لفلسطين ومسرى نبينا محمد صلى الله وعليه وسلم".
ومن مخيمات العودة أرسلت "وادي" رسالة لرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب الذي أعلن القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، والذي ينقل سفارة بلاده اليوم بكل تبجحٍ إلى القدس المحتلة، قالت فيها "هذا وعد من لا يملك لمن لا يستحق.. إنه وعدٌ مشؤوم.. هل يسمح ترامب أو الامريكان أن يأتي شخص وان يقول مثلاً نيويورك أو واشنطن عاصمة لكوبا أو روسيا.. فلماذا نحن نقبل (..) نحن مصممون على التصدي للقرار إلى ما لا نهاية".
وروى الشباب عن موقفٍ يعبر عن جسارة "أمُ الثوار" إذ أنها حملتْ في إحدى المرات علماً وتوجهت صوب السلك الفاصل وهي تردد بصوت عالٍ "هذه أرضي بدي أدخلها"، وعلى الرغم من نداءات الشباب عليها "يا حجة تعالي عدهم قنصوكِ"، إلا أنها وصلت السياج وغرست علم فلسطين في باطن الأرض، وغرست معه حلمها بالعودة على مرأى جنود الاحتلال وهي تتوشح بالكوفية الفلسطينية وبالثوب التراثي.
تركنا المُسنة وادي وهي تصدح بصوتٍ عالٍ والشباب الثائر يرددون من ورائها "ع القدس رايحين شهداء بالملايين .. بصوت عالي يا شباب ع القدس رايحين شهداء بالملايين ..".
واصيبت المسنة وادي أكثر من مرة جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على مسيرات العودة وكسر الحصار،
ويشارك الفلسطينيون بكثافة في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار التي انطلقت فعالياتها في 30/مارس في ذكرى يوم .الأرض، للمطالبة بعودة اللاجئين، وكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة المتواصل منذ 12 عاماً.