بقلم: شلومو بتركوفسكي
(المضمون: بينما انشغلنا بقلق بالتصعيد، في واشنطن وقع حدث تاريخي وهذا ليس مجرد حدث رمزي بل يعني انه يمكن ضم أرض سبق أن احتلت لدولة اسرائيل - المصدر).
معجزة سياسية وقعت هنا هذا الاسبوع، ونحن نكاد لا ننتبه لها. لا. لا لاننا غير مكترثين أو لان هذا لا يثير انفعالنا. لم ننتبه لان قلبنا كان، وعن حق، مع أبناء عائلة وولف الذين اصيبوا بالصاروخ في موشاف مشميرت ومع سكان الجنوب الذين شهدوا أياما غير بسيطة من صافرات الانذار، الصواريخ والخوف غير البسيط. ولكن، في الوقت الذي تابعنا فيه جميعنا بتوتر الانباء من غلاف غزة، فعلى مسافة الاف الكيلومترات من هنا حصل شيء ما قبل بضع سنوات فقط كان يخيل لنا كالحلم. فالولايات المتحدة التي لا تزال القوة العظمى الاقوى والاكثر تأثيرا في العالم، اعترفت بسيادة دولة اسرائيل في هضبة الجولان. قد يبدو هذا في الوهلة الاولى كخطوة رمزية، ولكن الحقيقة هي أن هذا موضوع غير رمزي على الاطلاق بل ذو مغزى كبير جدا.
من يحسن فهم هذا هو بالذات أمين عام حزب الله حسن نصرالله، الذي حذر في خطابه من السابقة التي يثبتها ترامب بهذه الخطوة. فقد قال نصرالله انه مع أنه يدور الحديث حاليا عن اعتراف بالسيادة الاسرائيلية في هضبة الجولان، ولكن في المستقبل غير البعيد من شأن خطوة مشابهة أن تقع في شرقي القدس بل وحتى في مناطق يهودا والسامرة. واذا كان هذا يبدو لكم متعذرا، فكروا ماذا كنتم ستقولون عن اعتراف امريكي بسيادة اسرائيل في هضبة الجولان قبل بضع سنوات فقط، لنقل في عهد ادارة اوباما، او حتى في عهد إدارة بوش قبله. فحتى دخلت سوريا الحرب الاهلية المضرجة بالدماء والتي تعيش فيها منذ بداية العقد، فان الضغط على اسرائيل للانسحاب من هضبة الجولان في اطار اتفاق سياسي لم ينتهِ مفعوله بعد. فعندما كنت طفلا شاركت في اكثر من مظاهرة واحدة أو اثنتين ضد امكانية النزول من الجولان، والذي كان في تلك الايام امكانية ملموسة جدا – وها هي اليوم القوة العظمى الاكبر والاقوى في العالم تعترف بان هذه أرض اسرائيلية.
نصرالله قلق وعن حق، لان هذه السابقة تقرر مبدأ: أرض احتلتها دولة اسرائيل يمكنها في ظروف معينة أن تصبح لها. وهذا بالتأكيد ليس في كل شرط وبالطبع ليس في كل أرض. ولا يزال، فان هذه ثورة فكرية – ليس اقل – في كل ما كان دارجا التفكير فيه في العالم على مدى عشرات السنوات الاخيرة عن تثبيت الحدود السياسية.
ولكن لماذا السير بعيدا حتى العالم؟ فالحقيقة هي ان حتى دولة اسرائيل خافت على مدى عشرات السنين من الاعتراف امام نفسها بانها ضمت هضبة الجولان. في قانون الجولان استخدم عن قصد اصطلاح غامض، "احلال القضاء، الحكم والادارة لدولة اسرائيل"، وليس كلمة ضم. وذلك، بالمناسبة، بخلاف ما حصل في شرقي القدس، حيث نفذ ضم رسمي دون ادعاء ودون استدراك. وكنتيجة لموقف اسرائيل الغامض من الجولان، حتى في الخرائط الرسمية لوزارة الخارجية، لا يظهر الجولان حتى في السنوات الاخيرة كجزء لا يتجزأ من دولة اسرائيل. والان، كل هذا بدأ يتغير الان. فمن كان يصدق؟