تمكن العلماء من استخدام تكنولوجيا جديدة قد تؤدي إلى التغلب على الجغرافيا في المجال الطبي وتجعل العالم بأكمله وحدة جغرافية واحدة، ما يعني أن المريض والطبيب لن يكون أي منهما في المستقبل في حاجة للسفر أو التنقل بين البلدان من أجل العلاج.
ومن المعروف أن ملايين المرضى في الدول النامية أو الفقيرة يسافرون سنوياً من بلدانهم إلى الدول المتقدمة بهدف الاستفادة من الرعاية الطبية وإجراء العمليات الجراحية على أيدي أطباء مهرة وفي مستشفيات مجهزة بأحدث الأدوات، فيما يفشل كثيرون في السفر إلى الدول المتقدمة لتلقي العلاج لأسباب تتعلق بتكاليف السفر الباهظة أو عوائق الحدود والهجرة أو بسبب بلوغهم حالة صحية متردية لا يستطيعون معها السفر أو التنقل لمسافات طويلة.
وبفضل التكنولوجيا الجديدة التي تم استخدامها بنجاح في الصين فان حاجة المرضى إلى السفر قد تختفي في المستقبل القريب. حيث أجرى جراح صيني أول عملية جراحية دماغية عن بُعد في العالم، مستخدماً التكنولوجيا الجديدة المسماة تقنية “5G” فيما كان المريض بعيداً عن الطبيب المعالج مسافة تزيد عن ثلاثة آلاف كيلو متر.
وقالت شبكة “روسيا اليوم” في تقريرها إن الدكتور لينغ تشيباي قام بزراعة منبه عصبي عن بُعد في دماغ المريض في العملية التي أجراها يوم السبت السادس عشر من آذار/مارس الجاري.
وتحكّم الجراح بالمعدات الموجودة في مستشفى “PLAGH” ومقره بكين، من عيادة في جزيرة هاينان الجنوبية، الواقعة على بعد 3 آلاف كم.
وحسب التقرير فإن العملية استمرت ثلاث ساعات فقط وانتهت بنجاح، كما يشعر المريض الذي يعاني من مرض باركنسون، بحالة جيدة بعد خضوعه لهذه العملية الرائدة.
واستخدم الطبيب جهاز كمبيوتر متصل بشبكة “G5” (الجيل الخامس) التي طورتها شركة هواوي الصينية. وقال الدكتور لينغ: “بالكاد تشعر أن المريض متواجد على بعد 3 آلاف كم”.
ولا تسمح شبكات “4G” التقليدية بإجراء العمليات الجراحية، بسبب تأخر عملية التحكم عن بُعد. ويقول الجراح إن التكنولوجيا الجديدة حلت هذه المشكلة على ما يبدو.
وأجرت المؤسسات الطبية في جميع أنحاء العالم مجموعة من التجارب المتعلقة بآلية “الجراحة عن بُعد” ويمكن القول إن نظام جراحة دافنشي الأمريكي هو أبرز مثال على ذلك. ولكن التكنولوجيا لم تُحدث تأثيرا تجاريا كبيرا، حيث انتُقدت الأدوات الحالية بسبب وجود عدد من المشكلات في الأداء.
ويمكن أن تسمح الجراحة عن بُعد للمرضى في المناطق البعيدة أو الفقيرة، وكذلك ضمن مناطق الحرب، بالحصول على مساعدة فورية من كبار الأطباء في جميع أنحاء العالم. وبسبب عرض النطاق الترددي الكبير ووقت الاستجابة المنخفض (الكمون) تمكّنت تقنية “5G” من تحقيق “تأخير” تشغيلي منخفض للغاية أثناء الجراحة، كما تقول الشركة المصنعة.
وتجدر الإشارة إلى بدء استخدام “5G” لأول مرة في الجراحة عن بُعد في كانون الثاني/يناير الماضي، عندما نجح طبيب صيني في إجراء عملية جراحية على كبد حيوان في جامعة “فوجيان” الطبية، على الساحل الجنوبي الشرقي للصين.