محور النفط: الطريق للاعتراف الامريكي..هآرتس

الساعة 03:47 م|22 مارس 2019

فلسطين اليوم

هآرتس

بقلم: الوف بن

(المضمون: احد اسباب أن ترامب مستعد لكسر طابو آخر فيما يتعلق باسرائيل هو الاستقلالية في الطاقة التي وصلت اليها الولايات المتحدة والتي اضعفت تأثير دول الخليج على السياسة الامريكية - المصدر).

 

عن تغيير السياسة الامريكية في الشرق الاوسط هناك شخص واحد مسؤول لم يحظ حتى الآن بالاعتراف المطلوب من زعماء اسرائيل: جورج ميتشل. لا، ليس السناتور السابق الذي حاول ذات مرة التوسط بين بنيامين نتنياهو ومحمود عباس وفشل، بل مهندس ورجل اعمال من تكساس، الذي اصبح ثريا من حفر آبار النفط. ميتشل صمم، وخلافا للرأي الذي كان مقبول في حينه في الصناعة، أنه يمكن استخراج الطاقة من الصخور العميقة بتقنية التكسير الهيدروليكي، بسعر اقتصادي معقول. حاول مرة تلو الاخرى الى أن حقق قبل عشرين سنة تقريبا اختراقة تكنولوجية، أدت الى استخراج تجاري للنفط والغاز الطبيعي بواسطة التكسير.

 

اكتشاف ميتشل حول في السنوات الاخيرة الولايات المتحدة الى مستخرجة النفط الكبرى في العالم، ومنحها استقرال في الطاقة وحررها من اعتمادها المخيف على السائل الاسود من الشرق الاوسط. لقد انتهى الخوف من أن احتياطي النفط سينفد، ازمة الطاقة انتهت وانتقلت من تقديرات الاستخبارات الى كتب التاريخ، والانباء السيئة استبدلت بأنباء متفائلة عن زيادة تصدير النفط الامريكي. النتيجة تمثلت بسرعة في السياسة الخارجية. الميل لشن حروب وارسال قوات الى الشرق الاوسط استبدل باعادة الجنود الى البيت، والسياسة الامريكية في المنطقة تحررت من القبضة القمعية للسعودية، التي سيطرت على سوق النفط العالمي خلال عشرات السنين وحظيت بنفوذ كبير في واشنطن.

 

براك اوباما استغل هذه الفرصة من اجل التقرب من ايران على حساب السعودية واسرائيل، لكنه لم ينجح في احداث ثورة اساسية في العلاقة مع طهران، خلافا للاتفاق على المشروع النووي. دونالد ترامب اختار أن يغامر من جديد مع ايران، وفوق كل ذلك، أن يقطع التوازن الذي سار فيه كل اسلافه منذ 1948 بين القوة الاسرائيلية والقوة السعودية في السياسة الامريكية. ترامب قرر في السنة الماضية أن ينقل السفارة الامريكية الى القدس، وأمس اعترف بسيادة اسرائيل في هضبة الجولان. في الحادثتين كسر الطابو الذي استمر سنوات كثيرة في السياسة الخارجية الامريكية دون أن يخشى من ردود غاضبة من دول الخليج، والتهديد بالمقاطعة واحراق العلم الامريكي في العواصم العربية.

 

هكذا وصفوا ذات يوم النتائج على بوادر حسن النية الامريكية لاسرائيل. ترامب لم يسارع الى نشر خطته للسلام، وأن يطرح تنازلات اسرائيلية على الفلسطينيين، أو أن يتبنى مبادرة السلام السعودية من العام 2002 مقابل الهبات التي يغدقها على رئيس الحكومة نتنياهو.

 

عند عودته الى السلطة قبل عقد تحدث نتنياهو عن الاهمية السياسية لتقليص الاعتماد على النفط، وحتى أنه شجع ابحاث اسرائيلية لتطوير طاقة بديلة. لقد كان يأمل أن الاستغناء عن النفط سيضعف القوة السياسية للعرب وتأثيرهم على الدول الغربية. تحليله الاستراتيجي تبين أنه دقيق، لكن تقديره التكنولوجي كان متشائما. هو لم يتخيل ذلك، أن استقلال الطاقة الامريكي كان ينتظره قريبا في الزاوية، وأنه حتى في ولايته ستتغير كثيرا السياسة العالمية. يجدر، وبسخرية تاريخية، أن يسمى الشارع الرئيسي الذي يخترق الجولان باسم "شارع النفط".

 

ماذا سيحدث الآن؟ مثلما أن نقل السفارة الامريكية الى القدس لم يؤد الى موجة دولية من نقل للسفارات، يمكن الافتراض ايضا ان تغريدة الاعتراف لترامب بالجولان كجزء لا ينفصل من اسرائيل، كاسم الحملة لسكان الجولان بقيادة شمعون شيفيس التي قادت الى قانون الضم من قبل حكومة بيغن في 1981 – لن تجر خلفها الاتحاد الاوروبي ودول كبيرة اخرى لاعتراف مشابه. سيتمسكون بسياستهم القديمة، التي ترفض تطبيع الاحتلال الاسرائيلي في حرب الايام الستة بدون موافقة الجانب العربي.

 

في الساحة الداخلية، في المقابل، سيكون للاعتراف الامريكي بضم الجولان تداعيات هامة جدا. اليمين سيزيد ضغطه لسريان القانون الاسرائيلي على مناطق ج في الضفة الغربية التي توجد فيها كل المستوطنات والتي يوجد فيها عدد قليل من الفلسطينيين. نتنياهو وجهاز الامن الذين رفضوا حتى الآن الضم الرسمي للمنطقة وفضلوا سيطرة اسرائيلية زاحفة، سيجدون صعوبة متزايدة في الادعاء بأن "العالم لن يسمح". المستوطنون ومن يؤيدونهم سيسألون لماذا يعترف ترامب بكتسرين وعين زيفان ولا يعترف باريئيل وبيت ايل. ها هي اسرائيل في الجولان غيرت موقفها من تسوية جغرافية الى ضم، وهذا نجح. حول ذلك سيجري النقاش السياسي في ولاية الحكومة القادمة. واسرائيل ستواصل الغرق في تخليد النزاع مع جيرانها بدل البحث عن مخرج منه.