خطة محكمة لمفاجئة والدتها

"يوم الأم".. ذكريات مؤلمة تركتها "ملاك الرحمة"

الساعة 06:20 م|21 مارس 2019

فلسطين اليوم

في مثل هذا اليوم من كل عام كانت تختلق لوالدتها مشوارًا خارج البيت؛ لتنفيذ خطتها السنوية وتفاجأ والدتها بما يسرها، الأمر الذي يدمع العين من شدة الفرح، ويُبهج تقاسيم وجه أمها من كثرة الابتسامات والضحكات، هذه المشاهد لن تتكرر مطلقاً فقد ذهبت مع صعود روحها إلى بارئها.

"تزين المنزل بأحلى زينة، وتصنع الكيكة الشهية، وتضبط ايقاع الموسيقى على نغمة (ست الحبايب ياحبيبه، يااغلى من روحي ودمي، ياحنينة وكلك طيبة...) لتحتفل بأمها في يوم الأم إنها الشهيدة المسعفة رزان النجار.

رغم ما نعانيه كشعب فلسطيني من الجراح والآلام التي تركته آلة الإرهاب الإسرائيلية إلا أننا كباقي شعوب العالم نحتفل بـ"الأم" ونكرمها ليس في يوم محدد فقط بل في كل أيام العام، فكانت النجار تتخذ من "يوم الأم العالمي" مناسبة لتجمع إخوتها لإدخال الفرحة بشكل جماعي في قلب والدتها.

تركت الشهيدة رزان جرحاً لا يندمل في قلب والدتها، وذكريات محفورة في مخيلتها لا يمكن نسيانها، وتقول والدة الشهيدة رزان النجار (45 عاماً) لمراسلنا: "هذا اليوم من أصعب الأيام التي تمر عليَّا، ففيه يُفتح الجرح والآلام والذكريات الجميلة التي تركتها رزان؛ ولكن أحاول قدر المستطاع أن أخبئ دمعتي ووجعي عن أطفالي فهم لا ذنب لهم ويستحقون الفرحة والبسمة".

وأضافت: "رزان كانت تفاجأني في جميع المناسبات، تطلب مني مغادرة البيت وأن اعود إليه مع غروب الشمس، وخلال فترة غيابي تزين المنزل بالبلالين والزينة الجميلة وتصنع الكيكة الشهية، لتحتفل معي بيوم ميلادي أو يوم الأم أو غيره من الأيام الجميلة".

استذكار ما تفعله رزان في "يوم الأم" جعل والدتها تشعر بالأم والوجع والفقدان، إلا أنها تماسكت بقوة وقالت بمعنوية أم الشهيد العالية: "في الساعات الأولى لعيد الأم هذا العام شعرت بخنقة في صدري؛ لكن يجب أن نظل أقوياء وأن ندخل الفرحة في قلوب أطفالنا فليس لهم ذنب وحقهم علينا ان نسعدهم ونمارس حياتنا الطبيعية وأن لا ننكسر أمام الاحتلال".

"صحيح باستشهاد رزان فقدتُ الفرحة والبسمة والسعادة في البيت، لكنني أشعر بالفخر والعزة لاستشهاد فلذة كبدي في الميدان وهي تقدم المساعدة الإنسانية للجرحى، فقد كُتب علينا نحن نساء فلسطين الجهاد والرباط إلى يوم الدين ونحن نرضى بما قدره الله لنا" قول والدة الشهيدة النجار.

وأشارت إلى أن أمهات فلسطين أعظم أمهات العالم فلا يوجد أم إلا وقدمت إما شهيد أو جريح أو أسير أو تكون نفسها شهيدة أو جريحة أو أسيرة، مبينة بأن الاحتلال على مدار الصراع يحاول أن يضعف عزيمة وقوة وإرادة نساء فلسطين كونهن أساس استقامة البيت فإذا انهارت اساساته وقع البيت.

وأضافت: "إن إرادة أمهات فلسطين قوية ومتماسكة لا يمكن أن تنهار مهما فعل الاحتلال الإسرائيلي وقتل فلذات أكبادنا".

ووجهت ام الشهيدة النجار رسالة إلى نساء فلسطين قالت فيها: "كل عام وأنتن بخير وأتمنى لكن حياة سعيدة فأنتن أعظم نساء العالم فما تقدميه من تضحيات من أجل الدين والوطن يدفع العالم أجمع للانحناء امامك تعظيماً وتقديراً لما تقدميه".

وطالبت النجار، نساء فلسطين لممارسة حياتهن بشكل طبيعي ومواصلة طريق أبنائهم الشهداء في الجهاد والاستشهاد وعدم الاستماع إلا لصدى قلبك، محذرة النساء من الاستماع إلى ضعاف القلوب ومحطمي الإرادة في مواصلة طريق أبنائهم الشهداء.

واستشهدت المسعفة رزان النجار في تاريخ (1/5/2018) في شهر رمضان المبارك برصاص قناص إسرائيلي شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة أثناء ممارستها عملها الإنساني في تقديم الإسعافات الأولية لجرحى مسيرات العودة وكسر الحصار.

كلمات دلالية