بدأ العد التنازلي لإحياء الذكرى الأولى لانطلاق مسيرات العودة الكبرى وفك الحصار على حدود قطاع غزة، مما يعيد للذاكرة الزحف الجماهيري الكبير جدًا الذي شهدته انطلاق المسيرات لأول مرة في الثلاثين من مارس 2018.
منذ ذاك الوقت إلى الآن شكلت مسيرات العودة الكبرى شكلًا جديدًا في النضال الفلسطيني، أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة من جديد، وسلطت الضوء على الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 12 عامًا.
وبعد أن راهن الاحتلال على أن المسيرات ستكون مجرد زوبعة في فنجان، تفاجئ بقدرة الشعب على الصبر والاستمرار في المطالبة بحقه على مدار عامٍ كامل دون كلل أو ملل، ليس ذلك فحسب، بل تطويرات أدوات النضال السلمي والشعبي بشكل كبيرٍ أرَّق جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وانطلقت مسيرة العودة في 30 مارس/ آذار 2018، تزامنًا مع الذكرى الـ42 ليوم الأرض، بعدما نصبت الهيئة الوطنية العليا "خيام العودة" على بعد نحو 700 متر من السياج الفاصل في خمس نقاط رئيسة: شرقي مدينتي رفح وخان يونس جنوب القطاع، وشرق المحافظة الوسطى، وأخرى شرق مدينة غزة، وخامسة شرق جباليا شمال القطاع.
المسيرة في نقاطها الخمس أجبرت العالم على توجيه كاميراته إلى قطاع غزة، لتسلّط الضوء على ما يعانيه أكثر من 2 مليون مواطن يرزحون منذ 13 عاما تحت حصار خانق.
وبدأت الاستعدادات للمليونية الجديدة للعودة على الأرض، وهذا ما أكده عضو الهيئة الوطنية للمسيرات محمد الحرازين، إذ أن التجهيزات بدأت منذ نحو شهر، من خلال اللجان المختلفة، والفصائل الفلسطينية، بعقد ورشات عمل وحلقات نقاش لتقييم المسيرات.
وأشار الحرازين إلى أن ظهر الثلاثين من مارس القادم، سيشهد فعاليات متنوعة بمخيمات العودة الخمسة المعروفة، على طول المناطق الشرقية لمحافظات قطاع غزة، مشددًا على الاجماع الشعبي والفصائل على ضرورة الحفاظ على استمرارية وتصعيد المسيرات.
ونوَّه إلى أن "التجهيزات تشمل توسيع نطاق المخيمات، وتجهيز دورات عامة للمياه، وتلبية كل ما يحتاجه المشاركون بالمسيرات، في هذا الزحف الكبير".
وفي وقت سابق، أعلنت الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار عن انطلاق مليونية "الأرض والعودة" يوم 30 مارس الجاري، الموافق لذكرى يوم الأرض، ودخول المسيرات عامها الثاني، داعيةً لاعتباره يوم إضراب شامل في كل محافظات الوطن.
وقال رئيس الهيئة خالد البطش: "ندعو أبناء شعبنا بكل أماكن تواجدهم لإطلاق إحياء ذكرى يوم الأرض الخالد وإسناد مسيرة العودة التي ستدخل عامها الثاني وهي أشد صلابة وقوة وإصراراً على تحقيق أهدافها".
في الوقت ذاته بدأت الاستعدادات الطبية للزحف البشري إلى الحدود مع الاحتلال، وأكد مدير دائرة الأطباء بوزارة الصحة بغزة أحمد شتات, أن مستشفيات القطاع بطواقمها الطبية رفعت حالة جهوزيتها للتعامل مع الاصابات المحتملة استعدادا للثلاثين من مارس الجاري, و الذى يتزامن مع الذكرى الأولى لمسيرة العودة الكبرى.
وأوضح شتات أن جميع الكوادر الصحية في المستشفيات على أتم الاستعداد للتعامل مع الاصابات و عمليات الفرز و سد الفجوات لتحسين الاداء و تقديم الخدمة الصحية كاملة للحفاظ على حياة المصابين, من خلال تقليل مدة الانتظار في أقسام الطوارئ و تقديم الخدمة السريعة و الامنة للتخفيف من المضاعفات والوفيات.
و شدد خلال اجتماعاته المتكررة مع الطواقم الطبية على توحيد العمل و التكامل بين مقدمي الخدمة من جراحي الاوعية الدموية و العظام, الى جانب توحيد الاداء والتعامل مع اصابات الاطراف السفلية بما يحقق أعلى مستوى آمن من الخدمة والحفاظ على الأطراف.
ونوه الى أنه جاري اعادة توزيع بعض الكوادر الصحية على بعض المستشفيات لسد الاحتياجات، بالإضافة إلى دعمها بطواقم طبية من الوافدين الأجانب.
وخلال عامٍ كامل من المسيرات شهد النضال الشعبي الفلسطيني تطورًا كبيرًا في الأدوات والأفكار النضالية، التي أرهقت المحتل، حيث تعدد أشكال الفعاليات، وأساليب النضال ومواجهة المحتل الغاصب.
وتنوعت أماكن ومواقيت مسيرات العودة، ففيوم الجمعة تكون على الحدود الشرقية لقطاع غزة، في مناطق خمس حددتها اللجنة الوطنية العليا لمسيرات العودة، فيما تنظم مسيرات بحرية نحو البحر في وسط كل أسبوع.
أما الارباك الليلي فكان له أثر كبير على حياة المستوطنين، الذين اضطروا للهروب بسبب ارباك الشبان الليلي لهم فحرمتهم النوم في الليل، بإشعال الإطارات المطاطية، وإصدار الأصوات المزعجة عبر مكبرات الصوت العالية، وتفجير الألعاب النارية.
على الجانب الآخر يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لمسيرة "مليونية العودة" التي أعلنت الفصائل الفلسطينية والهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، عن إطلاقها في الذكرى الأولى لانطلاق المسيرات العام الماضي.
وذكرت صحيفة ”يديعوت أحرونوت“ العبرية، أن الجيش الإسرائيلي عكف على الاستعدادات اللازمة للتعامل مع السيناريوهات المتوقعة لانطلاق "مليونية العودة" في ذكرى يوم الأرض الموافق 30 مارس /آذار الجاري.
ولم تُخفِ الصحيفة العبرية مخاوف الدوائر الأمنية الإسرائيلية من تطور المسيرة إلى تصعيد عسكري بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل"، في حال تطورت الأحداث الميدانية وأدت إلى سقوط ضحايا.
ووفقًا للصحيفة، فإن جيش الاحتلال سيضاعف عدد جنوده القناصة على حدود غزة إلى 3 أضعاف، بالإضافة لعدد من كتائب المشاة لمنع اختراق الحدود، متوقعًا مشاركة أكثر من 50 ألف فلسطيني فيها، في ظل دعوة "حماس" وحرصها على حشد كم هائل من المتظاهرين.
وتخشى "إسرائيل" من سقوط عدد كبير من الضحايا، وخاصة في ظل توقعات بحضور آلاف المشاركين في المسيرة، ما سيؤدي بلا شك لمواجهة عسكرية، وخاصة أن عددًا من المناسبات الوطنية الفلسطينية تأتي بعد ذكرى يوم الأرض، مثل ذكرى النكبة ويوم الأسير الفلسطيني.
وقالت الصحيفة إن الخيار الأفضل لتجنب التصعيد هو التوصل سريعًا لتفاهمات جزئية مع حركة "حماس" بوساطة مصرية، تتمثل في توسيع مساحة الصيد، وإدخال المزيد من الأموال القطرية والوقود لمحطة الكهرباء.