الاوقاف تفقد السيطرة على الازمة- هآرتس

الساعة 01:23 م|13 مارس 2019

فلسطين اليوم

بقلم: نير حسون

(المضمون: مجلس الاوقاف الاسلامية بدأ الازمة الحالية، لكنه لا يقف من وراء احراق مركز الشرطة في الحرم، وهو يوجد الآن بين مطرقة اسرائيل والسندان الفلسطيني. واذا حاولت اسرائيل حل الازمة بالقوة فهي ستفقد المزيد من سيطرتها على الموقع - المصدر).

 

مركز الشرطة في الحرم هو رمز منذ سنوات طويلة للسيادة الاسرائيلية في الحرم، وكذلك لضعفها. المركز يوجد داخل منطقة الحرم، قرب قبة الصخرة. عدة مرات في السابق هوجم المركز الصغير اثناء فترات التوتر في الحرم. الحادثة الاكثر خطورة حدثت في 1990 عندما طوق آلاف الفلسطينيين رجال الشرطة الذين حبسوا داخل مركز الشرطة على خلفية نية أمناء جبل الهيكل وضع حجر اساس الهيكل الثالث. قوة من حرس الحدود اقتحمت الحرم لانقاذهم، استخدمت النار الحية وفي نهاية المطاف تم احصاء 17 قتيل فلسطيني في الحرم. المرة الاخيرة التي أحرق فيها كانت في 2014 بعد ثلاثة اسابيع من قتل الفتى محمد أبو خضير: في ليلة القدر، يوم الصلوات العامة في الحرم قبل نهاية شهر رمضان، الشرطة غادرة المركز للجماهير الذين اقتحموه وأحرقوه.

في صباح يوم الثلاثاء ظهر وكأن التوتر في الحرم خفت، حيث أخذ الطرفان عدة ايام اخرى من اجل حل الازمة حول باب الرحمة. قاضية محكمة الصلح، دوريت فاينشتاين، التي كان من شأنها أن توقع على أمر الاغلاق الذي طلبته الشرطة قررت تأجيل القرار بشأن اعطاء الامر ازاء ما نشر عن مفاوضات بين اسرائيل والاردن. ولكن في الظهيرة ألقى شاب فلسطيني زجاجة حارقة على باب مركز الشرطة وأحرقه. في الحريق اصيب اصابة طفيفة احد رجال الشرطة والحريق تسبب بأضرار كبيرة للمركز. ردا على ذلك قامت الشرطة باخلاء مئات المصلين المسلمين الموجودين في الحرم بالقوة وبسرعة واغلقت ابوابه. بعد فترة قصيرة اغلقت ابواب البلدة القديمة جميعها. هكذا نشأت عدة نقاط احتكاك جديدة واندلعت مواجهات في مناطق مختلفة حول البلدة القديمة بين الفلسطينيين ورجال الشرطة.

في اليمين سارعوا لمهاجمة الاوقاف على اعتبار أنهم هم الذين بادروا الى الهجوم وقادوه. مقر منظمات الهيكل، حزب "القوة اليهودية" واتحاد احزاب اليمين، سارعوا الى الدعوة الى تحقيق السيادة في الحرم وطرد الاوقاف. في المقابل، ذوي النظرة الثاقبة لاحظوا أن من سارع الى الموقع لاطفاء الحريق كانوا رجال الاوقاف.

 

خلافا للصورة المتطرفة التي توجد للاوقاف لدى الجمهور الاسرائيلي فان الامر يتعلق بجسم مؤسسي جدا، محافظ ومعتدل جدا، بالتأكيد مقارنة مع القوى الاخرى التي تعمل في الحرم. الاوقاف هي ذراع حكومي اردني، لذلك فان لاسرائيل مصلحة في تعزيزها امام القوى الاخرى؛ وهي ايضا تعمل من خلال حقوق منحت لها من قبل اسرائيل في اتفاق السلام في 1994.

مجلس الاوقاف الجديد بادر الى فتح مبنى باب الرحمة قبل ثلاثة اسابيع، في خطوة بدأت بها الازمة الحالية، لكنها فعلت ذلك بعد سنوات من محاولات التحادث الهاديء مع اسرائيل. ومهما كان الامر، الاوقاف فقدت منذ ذلك الحين السيطرة على الاحداث. والادعاء بأنه كانت للاوقاف مصلحة في احراق مركز الشرطة أو أنها تقف من ورائها، مناقض للمنطق.

في الازمة الحالية الاوقاف توجد بين المطرقة والسندان: اسرائيل تتهمها بمساعدة الارهاب وتطالب باغلاق المبنى، وفي المقابل، الشارع الفلسطيني ينسب اليها التنازل وحتى التعاون مع السلطات. الشخصيات الكبيرة في الاوقاف يضطرون الى مواجهة تهديدات واتهامات شديدة بسبب "خيانة الاقصى". وفي الاسبوع الماضي قدم المدير العام للاوقاف، الشيخ عزام الخطيب، استقالته. فقط بضغط من الاردن بقي في وظيفته. بسبب الضغط الداخلي اضطرت الاوقاف الى الغاء لقاء خطط له مع قائد لواء القدس في الشرطة، المفتش دورون يديد. ونقلت المحادثات بشأن حل الازمة الى المستوى السياسي في عمان.

مع ذلك، في اليمين في اسرائيل محقون في الادعاء بأن اسرائيل لا تستخدم بالفعل السيادة على الحرم، كما لاحظ ذلك قبل سنوات البروفيسور اسحق رايتر من معهد القدس لابحاث السياسيات. في كل مرة تحاول فيها الدولة فرض سيادتها بالقوة على الحرم، فانها تنتهي بسيادة أقل مما كان قبل هذه المحاولة. هذا ما حدث عند فتح النفق في 1996، وعند زيارة اريئيل شارون الى الحرم في ايلول 2000، وعند محاولة وضع البوابات الالكترونية في 2017.

القوة فقط لم تساعد في هذه المرة. اغلاق المبنى سيجبر الشرطة على وضع قوة دائمة في نقطة اخرى في الحرم، الامر الذي سيخلق فقط نقطة احتكاك اخرى والمزيد من العنف. في المقابل يمكن التوصل الى تفاهمات مع الاردن حول اعادة ترميم شاملة وطويلة المدى للمبنى من قبل الاوقاف. ولكن هذا يقتضي القليل من العقل السليم وضبط النفس من جانب السياسيين، والقليل من التنازل في كل ما يتعلق بشعارات فارغة من المضمون حول الكرامة الوطنية. وهذه ثلاثة امور معدومة تماما في فترة الانتخابات.