بقاء فاخر-معاريف

الساعة 03:01 م|11 مارس 2019

فلسطين اليوم

بقاء فاخر-معاريف

بقلم: بن كسبيت

(المضمون: نتنياهو الكائن السياسي الاكثر تطورا في الحارة، لاحظ زاوية اخرى يمكن أن تعلق عليها المقاعد: الاقلية الذين لا يزالون يؤمنون بالتعايش في هذه البلاد - المصدر).

كل شيء يسير حسب الخطة: الصرخة على روتم سيلع، في مستهل جلسة الحكومة، لم تفت عن بنيامين نتنياهو. فهذه لم تكن زلة لسان. كان هذا قولا مخططا بعناية. ففي محاولة للعثور على الجربوز التالي لليسار، لا يتردد نتنياهو في شيء. فهو سيقفز على أي قول غير ناجح وسيجني منه ربحا سياسيا، كعادته. وعليه، فان العاصفة التي نشبت بعد ذلك ايضا لا يفترض أن تفاجئه. فقط قدر انه آجلا أم عاجلا ستنضم الى سيلع اصوات اخرى سيكون ممكنا التحريض ضدها هي ايضا.

 

نتنياهو، الكائن السياسي الاكثر تطورا في الحارة، لاحظ زاوية اخرى يمكن تعليق المقاعد عليها: القليلون من بيننا ممن لا يزالون يؤمنون بالتعايش في هذه البلاد. اواخر المؤيدين للمساواة الحقيقية. اولئك الذين لا يزالون يصدمون حين تشتم وزيرة في حكومة اسرائيل 20 في المئة من مواطنيها، ستخرجهم عن الصفوف وتوقفهم في الزاوية، في السلاسل، في ظل اصوات التأييد من الجمهور.

 

أنا لا اعترف روتم سيلع ولم يسبق لي ان تحدثت معها. اقدر، بحذر، انها لم تتحدث عن "دولة كل مواطنيها" بالمعنى السياسي للكلمة. يخيل لي أنها ليست من مؤيدي ضم المناطق وجعل الدولة اليهودية والديمقراطية دولة الشعبين، اليهودي والفلسطيني. فليس كل شيء سياسيا. اقدر بان ما أثار سيلع كانت الاقوال الفظة، العنيفة، المميزة التي بصقتها ميري ريغف في منتهى السبت في التلفزيون.

 

في المرة السابقة، كان هذا سهلا نسبيا. فأمام بوجي وتسيبي كان يكفي نثر اكاذيب بسيطة ("حماس تؤيد هرتسوغ") كي يصار الى دفع المقترعين نحو الصناديق. اما هذه المرة، حين يقف ثلاثة رؤساء اركان في المقابل، فهذا اكثر تعقيدا بعض الشيء. وبالتالي فانهم الان يتجهون نحو "كتلة مانعة مع العرب"! يا حفيظ. أما حقيقة أنه لا يوجد شيء كهذا في واقع الامر، فلا تغيروا في الامر من شيء لاحد. فصفحة الرسائل الرسمية للحزب الحاكم في اسرائيل يجعل 20 في المئة من سكانها اعداء مقصيين عن العملية السياسية. لقد جعل الليكود عرب اسرائيل سوطا يفترض أن يعيد المقاعد الى المكان الذي جاءت منه: حمام بيبي. ولكن يتبين أنه لا يزال يوجد هنا اناس يصعب عليهم سماع هذا.

 

يلتقي الاسرائيلي العادي عرب اسرائيل في كل مكان تقريبا. في الصيدلية، في الكراج، في المستشفى، في المجمع التجاري، في السوق، في الجامعة، في المطعم. معظم هذه اللقاءات ايجابية. يوجد هنا تعايش اكثر بكثير مما يخيل لنا. أبعد بكثير مما يبث سياسيونا، وكذا سياسيوهم، في الميدان. لشدة الحظ، لا يزال يوجد هنا اناس يصعب عليهم التسليم بالاخراج الجماعي، المنظم، المنهاجي لهؤلاء الاشخاص الذين يعيشون معنا وفي داخلنا من دائرة الشرعية. لا يزال بيننا اناس يسمحون لانفسهم بان يأملوا، حتى بينهم وبين أنفسهم، بانه يحتمل أن يكون هنا حال مختلف. انه يمكن الوصول الى الشراكة والمساواة الحقيقية، بدون، ولكن حقا بدون تعريض الحقيقة غير القابلة للشك بان اسرائيل هي دولة الشعب اليهودي للخطر. لا يزال يوجد هنا بعض الناس ممن لديهم ما يكفي من الثقة بالنفس كي يفهموا بان المساواة الحقيقية للاقلية وللساكن الذي يعيش بين ظهرانينا لا تأتي على حساب من نحن. بل ربما العكس.

 

نتنياهو؟ هذا النقاش يهمه كما يعنيه طرف السيجار. فهو يهتم بالمقاعد الان. وهو ملزم بالعرب اذ بدونهم ليس لديه من يهددنا بهم. وهو ملزم بيساري استعمالي ما يرفع كل هذا الى الاعلى ويسمح له بان يرقص مرة اخرى على الدم. وقد عثر امس على روتم سيلع وانضمت اليها بعد ذلك رفيقتاها مايا دغان وشلوميت مالكا. وفي غضون دقائق بدأت رقصة الشياطين في الشبكات، والمقصيات الثلاثة اكتشفن بانهن ضممن بغير ارادتهن الى "البقاء الفاخر". هذا الصراع ليس صراعهن فقط، بل صراعنا نحن أيضا.

كلمات دلالية