"التغريبة الفلسطينية".. هي حكاية معاناة الشعب الفلسطيني على مدار الـ70 عاماً الماضية، جراء تهجيرهم قسراً من ديارهم على أيدي العصابات الصهيونية، ليشتت أمرهم في أصقاع الأرض.
الفنان التشكيلي إسماعيل كلوب، أراد إحياء تلك الذكرى على طريقته الخاصة في لوحة فنية بفكرة عميقة وأسلوب بسيط للفت أنظار العالم.
لوحة "التغريبة الفلسطينية" لها مذاقٌ آخر، لما تحوي من معاني قيمة ودلالات كبيرة رسخت في أذهان الفلسطينيين؛ فكروم العنب تدل على خيرات البلاد المتنوعة وبساطة المعيشة واستقلال ساكنيها، والثوب الفلسطيني والقومباز شاهد على الهوية الفلسطينية المتجدرة، أما مفتاح العودة فهو الأمل الباقي لدى الملايين من المهجرين في العودة إلى ديارهم المسلوبة يوماُ ما.
"الدلالات الرمزية (العنب، الثوب الفلسطيني، مفتاح العودة...)، أضفت لمسات على اللوحة الفنية في تجسيد حياة الشعب الفلسطيني واستقلاليته وتكاثف النسيج المجتمعي رغم بساطتها قبل النكبة، والهدف من اللوحة لفت أنظار العالم إلى معاناة شعبنا والتضامن معه" كما يقول كلوب ل"وكالة فلسطين اليوم".
ويضيف، بأنه شارك اللوحة الذي قام بإعدادها لمدة 3 أيام، في معارض فنية محلية ودولية، بالشراكة مع وزارة الثقافة ومركز رواسي للفنون والثقافة، للتعبير عن حق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم المسلوبة، الذي كفلته كافة القوانين والمواثيق الدولية بحسب قانون 194 في الأمم المتحدة.
ومنذُ الـ30 من مارس الماضي، دعت الهيئة العليا الوطنية أبناء شعبنا في المشاركة الحاشدة داخل خيم العودة على طول الشريط الفاصل في المحافظات القطاع الخمس، التي تطالب بحق العودة كسر الحصار، إلا أنها قُمعت من قبل جنود الاحتلال بالقوة، ما أدى لإرتفاء 256 شهيد وإصابات العشرات بجروح مختلفة.
ويستطرد الرجل الإربعيني عن موهبته الفنية، بأنها جاءت موروثة عن أباه زكي لأبنائه الأربعة (إسماعيل- يوسف-أحمد- دلال)، الذي مهد لهم الطريق في صقل مهاراتهم بالرسم على لوحات بدائية، من الطبيعة والجمال بكل فرحها وألوانها.
وترعرع الرسام أبان اندلاع الانتفاضة الاولى عام87، في منطقة الفاخورة بشمال قطاع غزة، وأخذَ في هذه الحبقة الاستقلالية بتجسيد الواقع المرير الذي عاشه في تلك الفترة، بلوحات فنية هادفة ومشاركتها في معارض محلية ودولية، لإبراز حجم انتهاكات الاحتلال ضد شعبنا الأعزل، ورفع معنويات الثوار.
ويروي، بأنه عزز موهبته الفنية في رؤيته المستقبلية، عند التحاقه في تخصص تربية فنية في جامعة الأقصى بغزة عام 2001م، ويعمل مدرس في احدى المدارس الحكومية في غزة، منذُ أكثر من 19 عاماً.
يتحدث كلوب، بأنه شارك في العديد من البرامج الفنية المختلفة في عرض أعماله، منها النحت على الخزف والنحت على الفخار، والرسم الزيتي والرسم التشكيلي وعلى الجدار لإبراز المواضيع المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وعن أبرز المواقف التي تأثر بها الرسام، يقول: " بأنه تأثر في رسم صورة للشهيد الطفل محمد نجم أثناء إخراجه من تحت ركام منزلهم المستهدف في الحرب الأخيرة على غزة، أودى بحياة جميع الأسرة المكونة من 7 أفراد، مضيفاً بأنه وثق هذه الجريمة وكان شاهداً عليها، على لوحة قماش لفضح جرائم الاحتلال
وخاض جيش الاحتلال الاسرائيلي حرباً شرسة على قطاع غزة، الجرف الصامد) عام 2014م، استمرت لـ51 يوماً، ارتكب خلالها الاحتلال جرائم ضد الإنسانية، ارتقى أكثر من ألفي شهيد وإصابة العشرات من المواطنين.
ويصف الفنان بأن الصورة الفنية، تعبير عن واقع المحيط به هو ما يعرف بـ"المدرسة الواقعية"، لذلك يضفي على لوحاته أبرز معاناة الشعب الفلسطيني على مدار السنين، من تنكيل واغتصاب للأراضي وفرض حروب ضد شعبنا، معتبراً بأن الرسام جزء لا يتجزأ عن العمل المقاوم لفضح جرائم الاحتلال.
وفي الايام المقبلة القليلة، يحيي الشعب الفلسطيني مناسبة يوم الأرض في الثلاثين من مارس الحالي، ويؤكد كلوب، أنه يجري التخطيط للعمل على رسم لوحات فنية هادفة لإحياء الذكرى، قائلاً:" أنه سيتم مشاركة أعمال فنية حية لإحياء ذكرى يوم الأرض في المعارض والاحتفالات التي ستقام في القطاع.
يوم الارض الفلسطيني، يحييه الشعب الفلسطيني في 30 آذار/مارس في كل عام، وتعود أحداثه عام 76، بعد أن قام الاحتلال الاسرائيلي بمصادرة آلاف من الدونمات بالداخل المحتل.
وعن أعماله الفنية الخاصة، تحدث بأنه يرسم لوحات عدة منها شخصية أو طبيعية وجمالية، والمشاركة في رسم لوحات بألعاب الصيفية الترفيهية والطبيعية، مشيراً إلى أن بيع اللوحات تعود عليه بالمردود المالي الخاص كدخل على أسرته.
وعن أبرز الصعوبات التي يواجهها أثناء عمله الفني، يقول كلوب: " أن العائق الأول هو الحصار الاسرائيلي على القطاع، الذي منعه من المشاركة في المعارض الدولية، والتواصل مع الفنانين في دول العالم، وعرض رسوماته الفنية ".
أما العائق الثاني، هو قلة الدعم المالي للفنانين ورعاية مواهبهم والاهتمام بها، علاوة على احتكار بعض التجار أإقلام الألوان ما يزيد عن سعر القلم الواحد لضعفين.
أما العائق الثالث، عدم وجود معارض وأماكن مختصة يجمع مهارات الفنانين وعرض أعمالهم في المزاد العلني، والاهتمام بأعمالهم، ودعمهم معنوياً.
يشار إلى أن الاحتلال الاسرائيلي يفرض حصار خانق بحق زهاء مليوني مواطن في قطاع غزة، منذ ما يزيد عن 11عاماً، مما أكثر على جميع القطاعات العاملة في القطاع منها شريحة الفنانين الرسامين.