خبر غزة بعد الهجوم.. الأسلحة استراحت والمسعفون منشغلون

الساعة 07:48 م|19 يناير 2009

فلسطين اليوم - غزة

استراحت الأسلحة في قطاع غزة, لكن المسعفين الفلسطينيين لا يعرفون الراحة. فمنذ الاحد, سحب هؤلاء من تحت الانقاض عشرات الجثث.

 

ويقول عبد شرفي (40 عاما) الذي يعمل مسعفا منذ خمسة عشر عاما "نواصل العمل منذ السادسة صباحا". مع زميله بسام ابو عطايا (46 عاما), يتوجه في سيارة اسعاف بيضاء وحمراء الى بيت لاهيا في شمال قطاع غزة.

 

ويوضح "سحبنا 15 جثة تعود لاطفال ونساء من تحت انقاض المنازل". ويضيف هذا المسعف الذي لم يتردد يوما في نقل مصاب او قتيل رغم كثافة القصف الاسرائيلي "كانت الجثث في حال مزرية الى درجة لا يمكن التمييز بين طفل وطفلة. بعضها ظل تحت الانقاض طوال خمسة عشر يوما".

 

 

ويتابع "الاسرائيليون اطلقوا علي النار ثلاث مرات فيما كنت انقل مصابين. شاهدنا امورا كثيرة. واليوم, نسحب الجثث التي لم نتمكن من الاقتراب منها, وما اكثرها".

 

فخلال بضع ساعات من إنهاء وقف إطلاق النار, سحب المسعفون في قطاع غزة 95 جثة من تحت انقاض منازل دمرت جراء الهجوم الاسرائيلي. وعثر على غالبيتها تحت ركام بيوت في جباليا وبيت لاهيا بشمال قطاع غزة, وكذلك في حي الزيتون داخل مدينة غزة.

 

وعلى مدى 22 يوما, اسفر الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة عن مقتل 1300 فلسطيني على الاقل, بينهم 410 اطفال و108 نساء, فضلا عن اكثر من 5300 جريح, بحسب اجهزة الاسعاف والطوارىء في غزة.

 

وعلى طول الطريق المؤدية الى بيت لاهيا, تستعيد الحياة نبضها ببطء. عاد بعض باعة الزيوت والوقود الجوالون. كذلك, فتحت بعض المتاجر ابوابها فيما يستقبل حلاق اول زبون له منذ وقف اطلاق النار.

 

جهاز الراديو داخل سيارة الاسعاف يبث اصواتا غير واضحة. يطلب عبد من بسام التوقف امام احد الكاراجات, مضيفا "سنترك السيارة هنا لان الطريق لا يمكن سلوكها".

 

ويسلك الرجلان طريقا زرعها الجيش الاسرائيلي قنابل. في كل مكان, يبحث رجال ونساء واطفال عن اشيائهم وسط ركام البيوت المدمرة. ثم يحملون حقائب وبطانيات واثاثا على ظهور دواب او مستعينين بعربات او حتى سيرا.

 

وتقول نجاة مناح, وهي ام لثلاثة اطفال, حاملة علبة من الارز عثرت عليها بين ركام منزلها "لم يعد لي منزل, خسرت كل شيء". اما ابنتها سميرة (عشرون عاما) فتقول مبتسمة "نجحت في انقاذ جزء من دروسي".

 

بدوره, ينقب نجدي سلام (53 عاما) في الركام عله يصادف شيئا, ويعلق "الجنود الاسرائيليون اتوا على كل شيء ولا ادري من اجل ماذا. لقد دمروا المنازل ثم سووها بالارض بواسطة جرافاتهم. ثمة جثث كثيرة لفلسطينيين لن يتم العثور عليها".

 

يقف عبد على هضبة صغيرة لمعاينة مشهد مؤلم. اعداد لا تحصى من البيوت تحولت كومة حجارة وحديد, بعدما كانت بالامس القريب حيا يقطنه اكثر من خمسين الف شخص.

 

يناديه رجل ويرشده الى انقاض. فيتبعه عبد وينحني ثم يكم انفه. "ثمة جثث هنا. سابلغ عن الامر", ويضيف "لن نعثر عليهم جميعا, ويا للاسف". يغادر عبد وبسام المنطقة. هذان المسعفان يعلمان ان عملا كثيرا ينتظرهما.