اسرائيل تنتحر- هارتس

الساعة 03:23 م|18 فبراير 2019

فلسطين اليوم

بقلم: روغل الفر

بعد الكارثة كان يمكن أن نرى بقانون العودة وسيلة قانونية وشرعية لانقاذ حياة اليهود. في 2019 هذا القانون تحول الى قانون انتحاري. يتبين أن اسرائيل تسرع الخطى في مسارين للتدمير الذاتي متوازين. الاول هو الدولة ثنائية القومية التي خلقتها بأيديها من خلال رفضها انهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية – التي ستكون نهايتها حرب اهلية. الثاني هو الموت خنقا.

حسب معطيات تقشعر لها الابدان نشرتها ميراف ارلوزوروف ("دي ماركر"، 6/2)، الاكتظاظ الشديد الذي تعاني منه اسرائيل الآن – في الشوارع وفي الصفوف الدراسية وفي المستشفيات – هو الاعلى في الدول المتقدمة. مواطنو اسرائيل (باستثناء اسرائيل كاتس) يشعرون بذلك على جلودهم كل يوم.

بالنسبة لاكتظاظ السكان في الكيلومتر مربع اسرائيل توجد في المكان الثالث من بين الدول المتقدمة، وحتى العام 2035 ستتحول الى الدولة المتقدمة الاكثر اكتظاظا. الحديث يدور عن دولة صغيرة جدا مع نسبة مواليد عالية بدرجة مخيفة. السكان هنا يتكاثرون بوتيرة 2 في المئة سنويا، مقابل متوسط 0.5 في المئة في الدول المتقدمة. هذه زيادة طبيعية تميز العالم الثالث. حتى العام 2065 ستكون اسرائيل الدولة الاكثر اكتظاظا بين الـ 180 دولة في العالم، باستثناء بنغلاديش. جودة الحياة ومستواها ستتدهور بشكل فظيع. نحن نوصي باستيعاب التوقعات: اذا لم تحدث تغييرات كبيرة في التوجهات الحالية في هذين المسارين للتدمير الذاتي، فبعد 46 سنة سيعيش اولادنا في دولة ابرتهايد ثنائية القومية مشبعة بالعنصرية والاصولية من الجانبين، وستكون الدولة الثانية الاكثر اكتظاظا في العالم، ولن تكون هناك اماكن عمل (يبدو أن هذه لن تكون المشكلة الاكثر الحاحية).

سبب الاكتظاظ هو الوطنية المبالغ فيها لليهود. نسبة الولادة في اوساط العرب والدروز انخفضت بشكل حاد في العقود الاخيرة. القومية المتطرفة لليهود في اسرائيل ستضع الدولة في وضع محزن. اليهود هنا ينجبون الاطفال لأن هذا أمر الهي و/أو وطني كوسيلة للسيطرة على البلاد من اجل ملء صفوف الجيش (هناك ستسفك دماءهم ويقدم ضحية للحرب)، من اجل أن يكونوا يهود جيدين. هم ينجبون الاطفال الذين هدفهم أن يكونوا قبل كل شيء يهود، فقط بعد ذلك بشر لهم رغباتهم الخاصة. ونتيجة لذلك هم يقومون بتدمير دولة اسرائيل، يغرقونها في حشد بشري البلاد غير مستعدة لاستيعابه واعالته. الكارثة البيئية والاقتصادية هذه تنبع من القومية المتطرفة. اسرائيل تنتحر بواسطة مواطنيها الذين غسلت ادمغتهم، ويقتلونها من شدة حبهم لها والهذيان الامبريالي.

تخيلوا أن ملايين اليهود في ارجاء العالم جسدوا حقهم حسب قانون العودة وهاجروا الى اسرائيل، مثلما يتوسل لهم نتنياهو وبينيت وسياسيين آخرين أن يفعلوا. اسرائيل لم تكن لتقوى وتتعزز نتيجة ذلك، بل فقط ستغرق. جهنم الاكتظاظ القاتل كان سيسرع. خلافا للاوهام المرفوضة للمتطرفين القوميين المسيحانيين، فان تجمع كل اليهود في صهيون لم يكن ليقرب تأسيس مملكة الاله في اسرائيل، بل فقدانها بالآلام.

بكلمات بسيطة، اسرائيل غير مستعدة ماديا لأن تكون وطن يهود كل العالم. هي بصعوبة تستطيع أن تكون بيت اليهود الذين يعيشون فيها الآن – دليل آخر على أنها ليست الارض الموعودة لنا من قبل الله. الله، لو كان موجود، لم يكن ليفعل اخطاء اساسية كهذه في الهندسة والحساب. في الاصل اليهود يقولون إنه لا يوجد شريك للسلام. السؤال هو اذا كانوا هم في الاصل شركاء في وقف الانتحار الجماعي بواسطة الولادة وقانون العودة.