قمع النساء في السعودية الآن في التطبيق الصغير- هارتس

الساعة 03:17 م|18 فبراير 2019

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

أكثر من اربعين سنة مرت منذ أن تم اعدام الاميرة مشاعل بنت فهد برصاصة في موقف في مدينة جدة في السعودية. مشاعل التي كانت مقربة جدا من العائلة المالكة (عمها البعيد كان الملك خالد)، تم القاء القبض عليها في المطار عندما كانت في طريقها لمغادرة الدولة مع حبيبها، شقيق سفير السعودية في لندن. الأميرة العاشقة التي رفضت الزواج من الشاب الذي خصصه لها اهلها تخفت بملابس شاب سعودي وزورت وثائقها وبدأت رحلتها التي أدت الى موتها.

العاصفة الدولية كانت شديدة، قصة مشاعل تحولت الى فيلم وثائقي بعنوان "موت الاميرة" وعرض في بريطانيا، السعودية هاجت، اعادت السفير من لندن، طردت سفير بريطانيا من الرياض ومنعت الممثلين المصريين الذي مثلوا في الفيلم من الدخول الى اراضيها. المملكة نشرت رواية كاذبة تقول إن الاميرة غرقت في البحر، وحتى ارسلت بعثة للبحث عنها من اجل تعزيز هذه الرواية.

بريطانيا اعتذرت للسعودية، وشركة النفط "موبيل" نشرت ادانة على صفحات كاملة في صحيفة "نيويورك تايمز" والمملكة نفسها عرضت 11 مليون دولار من اجل وقف العرض. ولكن الصحافي البريطاني انطوني توماس من الاندبندنت الذي تواجد بالصدفة في موقع الاعدام الوحشي قام بتوثيق الحادثة بكاميرا صغيرة ونشره في العالم. رواية السعودية تم دحضها. ومنذ ذلك الحين تغيرت الامور قليلا. قتل الصحافي جمال الخاشقجي جر ادانات وحتى مقاطعات للمملكة، لمكانته كحاكم فعلي، محمد بن سلمان، حدث تدهور في الغرب. ولكن الخطر على الحياة والقيود التي تحلق فوق رؤوس النساء اللواتي تجرأن على العشق بدون صلاحيات أو مجرد الذهاب الى الخارج بدون اذن من ولي الامر الذكوري لهن، ما زالت سارية المفعول. وتطبيق هذه الوصايا ما زال آخذ في التطور.

أحد الاختراعات الاخيرة التي تم اعدادها لمراقبة النساء السعوديات اللواتي يردن السفر الى الخارج هو تطبيق "أبشر" الذي حظي بـ 11 مليون انزال فقط في "غوغل بلاي". هذا تطبيق حكومي يمكن المواطنين والاجانب من فحص، ضمن امور اخرى، مكانة التأشيرة لهن والعثور على خدمات طبية قريبة من البيت ومنح المرأة أو الفتاة اذن للسفر الى الخارج وتحديد مكان سفرها ومدته. هذه المعطيات تتم تغذيتها بنظام المراقبة الحكومي وحواسيب المطارات بحيث أنه في كل مرة تصل فيها امرأة الى مكتب فحص جوازات السفر تظهر على الشاشة بيانات الاذن الذي منحه لها الوصي عليها. اذا تبين أن زوجها أو شقيقها أو حتى ابنها منعودها من السفر فهي لا تستطيع المغادرة.

هكذا يمنح التطبيق للرجال السعوديين أداة توفر عليهم الحاجة الى تشغيل متعقبين وينقل الى الدولة مسؤولية الاشراف على خروج النساء من حدود الدولة. لذلك، من اللحظة التي تغذى فيها المعطيات في التطبيق، شرطة الحدود ملزمة بالعمل بحسبها. يمكن التقدير أنه لن يكون بعيد اليوم الذي ستفرض فيه الحكومة على كل وصي أو وصي محتمل استخدام هذا التطبيق كدليل على أنه ينوي القيام بواجبه فيما يتعلق بقانون الوصاية على النساء.

إلا أنه في هذه الاثناء يثير التطبيق عاصفة شديدة في الغرب، وليس من الواضح اذا كانت "آبل" و"غوغل" ستواصل طرحه في سوق التطبيقات لها. اعضاء كونغرس امريكيين طلبوا منها رفعه، ومن بينهم عضوة الكونغرس كاثرين كلارك التي وصفت التطبيق بـ "سلاح ذكوري يمس بحقوق الانسان"، والسناتور رون فايدن الذي كتب للمدراء العامين في غوغل وآبل بأن "شركات امريكية لا يجب عليها مساعدة أبوية الحكومة في السعودية". المديران العامان وعدا بفحص اذا كان التطبيق "يمس بسياسة الشركة".

ولكن أحد الخبراء الرفيعين لم يتوجه للحكومة السعودية نفسها بطلب الغاء قوانين الوصاية التي تعاني منه النساء في المملكة، وهذه القوانين ستواصل وجودها سواء مع التطبيق أو بدونه. ولي العهد محمد بن سلمان يعرض انفتاح واستعداد لتحسين مكانة النساء بدرجة ما، وقرار السماح لهن بقيادة السيارات اعتبر واجهة عرض لاظهار الليبرالية السعودية.

الملك سلمان نشر في العام 2017 أمر بالغاء الحاجة الى موافقة الوصي على منح النساء خدمات حكومية – باستثناء حالات شاذة. هذا الامر موجه بالاساس ضد المادة التي تمنع النساء من الحصول على العلاج دون موافقة ذكورية. ومؤخرا سمح للنساء بمشاهدة المباريات وعروض التسلية.

ولكن حتى هذه التسهيلات لا تنجح في مواجهة التقاليد والعادات المقبولة في السعودية، والتي تخلق اطار سلوكي مقيد، الذي يستخف بالقانون المكتوب، لأن نساء قليلات يتجرأن على تقديم دعوى قضائية ضد سجانيهن الذكور. منذ حادثة الاميرة مشاعل لا نعرف عن نساء سعوديات تم اعدامهن بسبب الهرب من بيوتهن، لكن نساء غادرت بيوتهن، سواء الى مدن اخرى في السعودية أو الى الخارج، تم القاء القبض عليهن ووضعن في ملاجيء حكومية تشبه السجون بدون امكانية للعفو وبدون موعد لاطلاق سراحهن. الآن بقي فقط اختراع تطبيق يمكن النساء من شطب القيود التي فرضت عليهن في التطبيق الذكوري.

كلمات دلالية