​مـواقـف لـهـا ثـمـن.. بقلم :خالد صادق

الساعة 12:32 م|18 فبراير 2019

فلسطين اليوم

بقلم :خالد صادق

تتمتع حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بتمايز كبير في مواقفها السياسية, وربما يدفعها هذا إلى دفع أثمان كبيرة لهذه المواقف, فالجهاد الإسلامي أول من طرح القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة العربية والإسلامية ودفع ثمن موقفه هذا, وهو الذي تحدث عن الوحدة من خلال التعدد وأيضا دفع ثمن موقفه هذا, وتحدث بمسؤولية كبيرة عن بوصلة الفلسطينيين التي لا يجب ان تنحرف عن وجهتها نحو الاحتلال كعدو أوحد, وأن البندقية الفلسطينية لا يجب ان تصوب إلى غير الاحتلال, وان الرصاص الصهيوني لا يفرق بين ابن حماس أو الجهاد أو فتح أو غيرهم, فهو رصاص أعمى يستهدف كل الفلسطينيين على حد سواء, ومن اجل هذه المواقف تخلت حركة الجهاد عن تمثيلها في أي حكومة فلسطينية, وتخلت عن مشاركتها في انتخابات المجلس التشريعي طالما أنها محكومة بسقف أوسلو المشئوم.

غريب موقف السيد عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وهو يتحدث عن اتخاذ قرارا بعدم المشاركة في أي اجتماع تشارك فيه حركة الجهاد الإسلامي، بسبب عدم توقيع حركة الجهاد على البيان الختامي الصادر عن الفصائل المشاركة في حوارات موسكو, ولا ادري من أين جاء الإحساس للسيد عزام الأحمد ان حركة الجهاد من الممكن ان توقع على بيان ينتقص من حقنا في فلسطين التاريخية من نهرها لبحرها, أو تتخلى عن القدس الموحدة كعاصمة لدولة فلسطين, أو تقبل بالمنظمة ان تكون ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني قبل تعديلها وتسوية أوضاعها وفق اتفاق القاهرة 2005م, أو اتفاق بيروت 2017م, فهذه المواقف لحركة الجهاد الإسلامي تعتبر من الثوابت التي لا تساوم عليها, وليس المقصود بالرفض هنا إحراج فتح أو فصائل المنظمة, إنما هذا الرفض مبدئي لدى الحركة مهما كان الطرف الذي يطرحه, حتى لو طرحته موسكو نفسها.

عزام الأحمد قال إن حركة الجهاد قالت إنها لن توقع على البيان، وبعد المداولات تم الاتفاق على شطب اسم الجهاد من الحضور، وبموافقة مندوب الجهاد حسب قوله, أي ان الجهاد لم ترد إفشال حوار الفصائل وآثرت الانسحاب من المشهد, ولو كان الغرض إفشال الحوار لأصرت حركة الجهاد على موقفها بتعديل البيان, وحرضت الفصائل عليه, لكن ورغم ذلك لم يتم التوقيع على البيان وإخراجه إلى الرأي العام, والسبب ليس الجهاد الإسلامي كما يزعم الأحمد, وليس حماس , إنما ما صرح به عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، الذي قال «توافقت الفصائل على بيان جيد وأُرسل للطباعة في السفارة الفلسطينية، وفوجئ الجميع بتوزيع للبيان، وفيه تغيير غير متفق عليه، ورفضت فتح تعديله، وأوضحنا للرأي العام الخلل، وتوافقنا على عدم إصدار بيان في المؤتمر الصحفي، وغضب الأصدقاء، وحملوا عزام المسؤولية».

إذا هذا هو السبب الحقيقي لفشل حوار موسكو, حيث أرادت فتح الاستفراد بالقرار الفلسطيني, والهيمنة على مواقف الفصائل السياسية, وهذا ما لم تقبل به الفصائل, ورفضته الجبهة الشعبية قبل ان ترفضه حماس والجهاد, ثم ان قرار الجهاد بعدم الاعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني, ليس معناه ان الجهاد لا تعترف بالمنظمة كما يحاول ان يروج عزام الأحمد, إنما تنتظر حركة الجهاد تعديل وضع المنظمة والتوافق على برنامجها السياسي, وإعادة تكوينها بدمج حماس والجهاد الإسلامي بها, حتى تكون جديرة بتمثيل الشعب الفلسطيني كله, وليس التنكر لجزء كبير وهام من الشعب, وهذا ما تم التوافق عليه سابقا, أما من يعتقد ان الجهاد الإسلامي يمكن ان يقبل بالقدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطين فهو واهم ولا يعرف الجهاد الإسلامي ولا منطلقاته وثوابته, وعليه إعادة قراءة فكر الحركة وإستراتيجيتها منذ نشأتها, ليفهم مواقفها من القضايا المصيرية التي لا تخضع للمساومة, ولا تقبل التكتيك الذي يفضي إلى التفريط, ونفس الأمر ينطبق على فلسطين التاريخية من نهرها إلى بحرها, ففلسطين كل فلسطين لنا, ونحن نقبل ان ننتزعها جزءاً جزءاً من بين أنياب الاحتلال, ولكن ليس بالتفاوض والتنازل عن حقوقنا في أرضنا التاريخية, إنما نقاتل ونحرر وطننا دون تنازلات, إلى ان نصل إلى التحرير الكامل لأرض فلسطين من النهر إلى البحر.

ما ختم به عزام الأحمد حديثه بعدم الجلوس مع حركة الجهاد الإسلامي مجددا لا يعنينا, فهو حر في مواقفه خاصة ان كانت صادرة عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كما يزعم, والجهاد يعلم ان موقفه هذا له ثمن, لكن على السيد عزام ان يدرك جيدا انه سينتظر طويلا قبل ان تغير حركة الجهاد موقفها, وان من الأفضل ان تغير السلطة الفلسطينية وحركة فتح مواقفها من التعامل مع الفصائل الفلسطينية, لأنها ان أصرت على منطقها السياسي الذي تسير عليه, فإنها ستخسر الفصائل الفلسطينية جميعها الواحد تلو الآخر, إلى ان تجد نفسها تغرد وحيدة خارج السرب وقد ضلت الطريق.

 

كلمات دلالية