سكان غزة: عن أيِّ حبٍّ تتحدثون؟

الساعة 06:00 م|14 فبراير 2019

فلسطين اليوم

في مثل هذا اليوم من كل عام تتجهز متاجر الورود والهدايا لاستقبال عدد كبير من الشباب في "يوم الحب" كما تم التعارف عليه، لكن الأمر هذا العام بات مختلفًا جدًا، وانعكست الصورة الشاحبة الموجعة التي يعيشها سكان قطاع غزة في الشوارع.

حركة اعتيادية لا جديد فيها، ربما تلمح هنا أو هناك لونًا أحمرًا، تارةً في وردةٍ من شابٍ لزوجته أو خطيبته، أو قميص لأحد الفتيان، لكن هذه المدينة أصبح فيها الحب نادرًا بعد كل الصدمات التي زخَّت على رأسها منذ 12 عامًا.

ناصر أبو حسنين صاحب متجر صغير للورد في مدينة خان يونس، يقف اليوم أمام متجره شاحبًا لا يجد من يشتري الورود التي أملت أن تتناقل معلنةً الحب في مدينة الوجع.

ويؤكد أبو حسنين، أن خسارات متاجر الورد كبيرة جدًا ليست في هذا الموسم فقط بل على مدار أعوام من الآن، لأن الوضع الاقتصادي سيء جدًا، ناهيك عن الوضع النفسي والإحباط الذي يعيشه الشعب.

وأوضح أن العديد من متاجر الورد قامت بإغلاق أبوابها، بسبب قلة إقبال الناس، لأن من يملك المال اليوم يوفره لشيء أساسي وأهم، مضيفًا: "كي يزورنا الحب ونحن نكره بعضنا، ونتقاتل في بيننا، وهناك احتلال يدك رؤوسنا ليلًا ونهارًا".

من جانبه قال الشاب رامي الأخرس لمراسل "فلسطين اليوم الإخبارية"، أن الركود الذي تشهده غزة في هكذا أيام يدلُّ على حجم المعاناة والقهر والفقر، إذ أن الناس لم تعد تلتف لمناسبات يعتبرونها ثانوية، في الوقت الذي تكابد العائلات من أجل توفير لقمة العيش.

وأضاف: "الحب يبدأ من داخلنا حينما نحب بعضنا البعض، ونحن للأسف نشاهد كل يوم حالنا من يسوء وينحدر بشكل كبير، والشباب يفرون، وغيرهم يحبسون بسبب الديون، والوضع أصبح لا يطاق".

وفي ذات السياق قال الشاب محمد أبو ندى: "أتممت خطوبتي منذ عامين، وحتى الآن لا أستطيع الزواج، والمشاكل والمصاعب تزداد، فقد كنت أعمل في أحد محلات الملابس التي أغلقت، والآن أنا عاطل عن العمل".

وأشار إلى أن غزة تحتاج إلى الانعاش لا الحب، مضيفًا: "نحن نتهرب من المناسبات لأننا لا نملك حتى ثمن أقل الهدايا، وحتى الرمزية منها، فانظر إلى وجوه الناس في الشوارع ستعرف أن الحب لم يزر هذه المدينة منذ زمن".

أما الشاب ناصر أبو وردة فكان الأمر لديه مختلفًا وعلق على الأمر ساخرًا: "غزة ملت من الحب من كثرته لذلك فهي لا تعطيه أي اهتمام في المناسبات الخاصة به، فالحب أصبح لدينا أمر اعتيادي يومي روتيني".

وأضاف أبو وردة بحسرة ووجع: "نحن نموت كل يوم ألف مرة، مرة في معاناتنا الشخصية، ومرة أخرى في النظر إلى معاناة أهلنا وجيراننا وأصدقائنا، فأي حبِّ الذي سنلتفت له، لقد قتلنا الحب ودفناه، وكل ما يهمنا اليوم هو العيش، فقط القدرة على العيش".

وأدى الحصار الإسرائيلي إلى ارتفاع كبير في نسبة البطالة، والفقر، والفقر المدقع في قطاع غزة، ووصلت نسب البطالة بين الخريجين إلى 73% وارتفعت نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى 69%.

وبحسب الإحصائيات فهناك 255 ألف عاطل عن العمل في قطاع غزة، فيما يوجد مليون شخص يعتمدون على المعونات الخارجية من المنظمات الأهلية الدولية، كما وصلت معدلات الفقر إلى 54.9% في نهاية هذا عام 2018

كما ساهمت العقوبات التي فرضتها السلطة الوطنية الفلسطينية في آذار 2017 على قطاع غزة، في انهيار الاقتصاد الفلسطيني، وزيادة معدلات الفقر والبطالة في قطاع غزة، إضافة إلى استمرار الانقسام الفلسطيني منذ عام 2007، مما أدى إلى زيادة من الفرقة وانعكس بالسلب على الحياة اليومية، وعلى مصالح العديد من العائلات في قطاع غزة.

وخلال عام 2018 قامت الولايات المتحدة الامريكية بتجميد 125 مليون دولار، من مساهمتها في ميزانية وكالة "الأونروا" مع بداية العام 2018، فيما قامت الأخيرة بتقليص خدماتها وإنهاء عقود العمل الدائمة للمئات من موظفيها، وتحويلها إلى عقود "مؤقتة"، مما فاقم من الأوضاع الكارثية بشكل أكبر.

كلمات دلالية