لخنق إيران.. معاريف

الساعة 12:17 م|14 فبراير 2019

فلسطين اليوم

(للجلوس المشترك بين اسرائيل والدول العربية في مؤتمر وارسو معان كبيرة. وكذا لحقيقة أن المسألة الفلسطينية لن تطرح فيه على الاطلاق).

في وارسو يعقد هذا الاسبوع مؤتمر دولي للسلام والامن في الشرق الاوسط، بمشاركة مندوبين كبار من 70 دولة، بما فيها اسرائيل والدول العربية السنية. ايران، بالطبع، لا تشارك في الحدث، كون هدفه المركزي هو عرضها بانها المشكلة المركزية للمنطقة والعمل على عزلها.

لقد كانت الولايات المتحدة هي التي بادرت الى المؤتمر، بقيادة وزير خارجيتها بومباو. لا ادري باي بيان ختامي سينتهي المؤتمر، واذا كان سيخلق ادوات عملية لصد ايران وعزلها على المستوى الدولي، ولكن هناك عدة نقاط بارزة في هذا اللقاء تجدر الاشارة اليها.

لقد كف الشرق الاوسط عن أن يكون منطقة حيوية للولايات المتحدة، اولا وقبل كل شيء لانها لم تعد متعلقة بنفطه. ولكن هذا لا يعني أنها تهجرها وتهجر حلفائها. وبخلاف ادارة اوباما، يرى ترامب في طهران عدوا ينبعي القتال ضده. والسلاح الاساس لامريكا ليس الجنود بل الاقتصاد: من خلال العقوبات، يبدأ بخنق ايران. من شهر ايار من هذا العام سيحظر شراء النفط من الدولة.

يوجد العالم العربي في حالة ضعف، دون قوة الابتزاز التي كانت له في الماضي بفضل البترودولارات. فهو منقسم، يسوده القتال في داخله، يخاف من الامبراطوريتين اللتين سيطرتا على اجزاء منه في الماضي: التركية والفارسية. اكثر، بالطبع، من الفارسية الشيعية القريبة من التركية السنية.

أما اسرائيل، كما اسلفنا، فستجلس مع هذه الدول العربية في مؤتمر وارسو. وهي تعتبر حليفتها في التصدي لايران. ولكن الجنود الاسرائيليين، وهذا واضح، لن يقاتلوا عن الدول السنية. اذا كانت راغبة بمساعدتنا، فعليها أن تدفع اثمانا سياسية. مثلا، ان تطير طائرات ال عال فوق السعودية.

هذا على ما يبدو هو المؤتمر الدولي الاول الذي يعنى بالشرق الاوسط والذي لا يطرح فيه الموضوع الاسرائيلي – الفلسطيني على البحث. ظاهرة طبيعية جديدة تماما، تعكس الواقع الذي تشكل في المنطقة. لقد كاد الموضوع الفلسطيني يشطب عن جدول الاعمال العالمي. والسلطة الفلسطينية التي دعيت الى المؤتمر، اعلنت بحمية غضب انها لن تأتي. فما الغرو ان المؤيدين القدامى لابو مازن من اليسار الاسرائيلي المتطرف بدأوا يتباكون لهجران الفلسطينيين ويقلقون من أن قضيتهم ستموت.

الدول العربية لا تزال تخاف من السير خلف مصر والاردن وتطبيع العلاقات معنا، أو على الاقل ان تكشف عنها على الملأ. ولكن واضح تماما أن المؤتمر يشكل تقدما صغيرا آخر في تطوير العلاقة بين اسرائيل والدول السنية، ولا سيما الخليج الفارسي.

اما الدولة التي كانت ذات مرة سوريا فبالطبع لن تأتي الى المؤتمر، ولكنها تشكل موضوعا مركزيا فيه، بسبب الصلة الايرانية. في هذه الايام يعقد لقاء قمة ثان، في سوتشي، للثلاثي روسيا، ايران وتركيا في موضوع مستقبل سوريا وحدودها. لكل هذه الدول مصالح متضاربة في سوريا وهي لا تأخذ بالحسبان اكثر مما ينبغي ارادة الاسد.

في هذه الاثناء توجد بين الحين والاخر صدامات دموية بين قوات الجيش السوري الموالي للروس وبين القوات الموالية لايران، وحتى حيال حزب الله. وفي اطار ذلك، وكأنه امر اعتيادي، تقصد طائرات الاسد سكانا مدنيين في منطقة ادلب، واحد لا ينبس ببنت شفه.