على أحمر.. معاريف

الساعة 12:14 م|14 فبراير 2019

​​​​​​​بقلم

(رغم ان شعبة الاستخبارات رفعت في السنة الماضية ايضا علما أحمر في كل ما يتعلق باحتمالات التصعيد في الساحة الفلسطينية، والتي تحققت بشكل جزئي فقط، فان احتمال المواجهة في قطاع غزة حيال حماس هذه السنة يرتفع درجة).

ظاهرا، بدت التقديرات الاستخبارية للجيش الاسرائيلي في السنوات الاخيرة على الدوام ذات الشيء – التهديدات الكبرى في الشمال حيال حزب الله، تثبيت الوجود الايراني في سوريا واحتمال التصعيد في الساحة الفلسطينية، ولا سيما حيال قطاع غزة. اما الفوراق بين تقديرات الوضع الاستخباري على مدى السنين فيجب أن نبحث عنها في البنود الصغيرة. فرغم انهم في شعبة الاستخبارات رفعوا في السنة الماضية ايضا علما أحمر في كل ما يتعلق باحتمالات التصعيد في الساحة الفلسطينية، والتي تحققت بشكل جزئي فقط، فان احتمال المواجهة في قطاع غزة حيال حماس هذه السنة يرتفع درجة.

ان سياقات التصعيد في القطاع يمكن ان نلاحظها في الميدان، حتى دون فهم عميق لسياقات الاستخبارات. ثمة لذلك بضعة اسباب، ومنها الانتخابات في اسرائيل، الربيع الذي على الابواب وارهاب النار الذي من المتوقع ان يتجدد. السيناريو معروف مسبقا. الحل السياسي لا يلوح في الافق، والفهم في اسرائيل هو أن حملة مسيرات العودة لن تتوقف الا في واحد من الشرطين التاليين – مواجهة عسكرية تكون بعدها تسوية جديدة، او تقدم سياسي.

في الظروف الحالية، المواجهة العسكرية اقرب من أي تسوية اخرى. اسرائيل تمتنع عن اتخاذ القرارات، لا في المستوى السياسي ولا من حيث طريقة العمل العسكرية، وعمليا تشتري الهدوء من اسبوع لاسبوع فيما أنه في الشرط الاساس لا يوجد تغيير. من جهة اخرى تتخذ اسرائيل ردودا عسكرية خفيفة، مثل اطلاق قذيفة دبابة نحو موقع فارغ لحماس بعد اطلاق قذيفة هاون على الاراضي الاسرائيلية. بالمقابل، المسيرة السياسية عالقة تماما.

في الوضع الذي علقت فيه اسرائيل، فان كل منحة طيبة في صالح حماس ستبدو، وعن حق، كابتزاز تحت التهديد. بالتأكيد في فترة الانتخابات، حين لا يكون بوسع رئيس الوزراء أن يسمح لنفسه بان يبدو كضعيف حيال حماس. من جهة اخرى، ليس لاسرائيل رغبة في التصعيد، وبناء على ذلك متدرجات الرد المنخفضة للجيش الاسرائيلي ايضا.

ولكن التقدير الاستخباري هذه السنة يشخص ايضا تغييرات في الساحة الشمالية. حرية عمل اسرائيل في سوريا وان كانت قلت بسبب التدخل الروسي، ولكنها لم تنتهي. القسم المتبقي مفتوحا يجلب معه مخاطر اكثر لردود فعل من جانب ايران وحزب الله على الهجمات المنسوبة للجيش الاسرائيلي.

وكما نشر هنا قبل نحو شهر، فان حزب الله وايران يطوران قدرات ايضا عبر عمليات قوات الميليشيا القادرة على ان ترد بعمليات محدودة ضد قوات الجيش الاسرائيلي أو باطلاق النار نحو الاراضي الاسرائيلية. احداث من هذا النوع يمكنها ان تقع بنار صاروخية نحو اسرائيل او بتنفيذ عملية على طول الحدود، في محاولة لاستقرار معادلة ردع حيال اسرائيل. في اسرائيل لا يساومون. حيال كل خرق تستخدم اسرائيل قوة عسكرية ذات مغزى مثلما كان اغلب الظن هذا الاسبوع ايضا. في محادثات غير رسمية يقول مسؤولون في الجيش الاسرائيلي انه محظور علينا ان نسمح لانفسنا بان يصبح خط الحدود في الشمال مثل ذاك في الجنوب.

في التقدير الاستخباري للجيش الاسرائيلي، فان الاحتمال لمواجهة عسكرية ذات مغزى حيال ايران، سوريا أو حزب الله، ليس عاليا على نحو خاص. ولكن في شعبة الاستخبارات يشيرون الى امكانية معقول لان تقع في السنة القادمة في الشمال ايام قتالية، محدودة في حجمها ولكن لا تزال لقوى اعلى من المواجهات السابقة التي كانت على طول الحدود في السنة الاخيرة. في الجيش الاسرائيلي يقدرون بان في حزب الله ايضا وفي قوة القدس لا يريدون الوصول الى تصعيد ذي مغزى حيال اسرائيل، ولكن يفهمون بان هناك نقطة توازن لا تسمح لهم بالتجلد بسبب المس المتراكم بكرامتهم ومحاولة بناء معادلة ردود فعل حيال اسرائيل.

وعليه فان المصلحة الاساسية لاسرائيل هي مواصلة سياسة الغموض، التي لا تستخدم الهجمات في سوريا كرافعة. وزير الدفاع السابق افيغدور ليبرمان هاجم هذا الاسبوع نتنياهو وقال ان الانتقال الحاد من سياسة الغموض الى سياسة التبجح يقرب بخطى واسعة مواجهة مباشرة بين اسرائيل وقوات المحور في الجبهة الشمالية. ثمة في ذلك حقيقة. سلوك نتنياهو في هذا الموضوع لا يرتبط الا باعتبارات الانتخابات، وبعيد جدا عن اعتبارات الامن.