لا يوجد مع من يمكن الحديث – معاريف

الساعة 12:30 م|13 فبراير 2019

فلسطين اليوم

بقلم: زلمان شوفال

وفقا لنبأ اذاعي، أبلغ رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن مجموعة من رجال الاعمال الاسرائيليين زارته في المقاطعة في رام الله انه بعد الانتخابات سيقترح استئناف محادثات السلام مع اسرائيل على اساس الاعتراف المتبادل. وعندما يتحدث ابو مازن عن الانتخابات، فانه لا يقصد، بالطبع، الانتخابات عنده في البيت، وبالاخص ليس لمنصب الرئيس الذي كان يفترض أن يخليه قبل قرابة عشر سنوات وعلى ما يبدو ايضا ليس لبرلمان، خشية ان تفوز فيه حماس بالاغلبية – بل الانتخابات في اسرائيل.

          صحيح أن النبأ تبخر بسرعة، ولكن يبدو أن نية هذا التصريح في هذا التوقيت كانت التدخل في الانتخابات في اسرائيل في صالح المحافل السياسية التي ترغب في اسقاط نتنياهو، سواء كانت هذه مبادرة الرئيس نفسه ام مبادرة رجال أعمال مجهولين. أي ان يقول لشعب اسرائيل: صوتوا لليسار، لانه مع مثل هذه الحكومة يمكن للفلسطينيين أن يتوصلوا الى السلام.

          ليست هذه هي المرة الاولى التي يتخذ فيها ابو مازن هذا النهج. هكذا كان في 2006، في لقاء عقده مع رئيس حزب العمل في حينه، عمير بيرتس حين صرح بانه يأمل بان تكون هذه بداية مسيرة سلمية، وكذا في مناسبات اخرى.

          صحيح أنه مشكوك فيه، في ضوء تجربة الماضي، بما في ذلك  الخازوق الذي جعله رئيس السلطة الفلسطينية لحكومة اولمرت – لفني بعد أن اقترحت عليه هذه العالم باكمله، ان يتضلل اسرائيليون كثيرون من محاولات التأثير المكشوفة هذه، ولكن يحتمل أن يكون ابو مازن يقول لنفسه: "لعل النجم الجديد هذا، غانتس، مع ذلك، سيرغب في أن يشتري بضاعته المستعملة؟".

          ان الاغلبية الساحقة من الاسرائيليين يفهمون اليوم، كما يبدو، مثلا، بما في ذلك من نتائج معهد بحوث الامن القومي، وهو ليس جسما يمينيا على نحو خاص، وكذا بعد حملات جون كيري التي لم تنقطع، بان السلام الحقيقي مع الفلسطينيين في المستقبل القريب، لشدة الاسف، ليس في متناول اليد طالما كانت القيادة الفلسطينية ترفض الاعتراف بحق وجود اسرائيل كالدولة القومية اليهودية، او التنازل عن مطالباتها في موضوع حق العودة.

          يمكن الافتراض بان رئيس  الوزراء، بعد أن يقيم حكومته الجديدة، لن يرد ردا باتا اقتراح ابو مازن للبدء في محادثات سياسية دون شروط مسبقة، وذلك ضمن امور اخرى كي يواصل توسيع العلاقات بين اسرائيل والعالم العربي والاسلامي، المسيرة التي تطورت جدا في عهد الحكومة المنصرفة.

          ولكن يبدو حاليا ان فرص تغيير الميل في الطرف الفلسطيني أدنى من أي وقت مضى، رغم الاقوال التي اطلقها ابو مازن في المقاطعة. هذا يتبين ايضا من الرفض العلني لقبول المساعدة المالية من الولايات المتحدة. وكما يذكر، فان الكونغرس الامريكي اجاز في هذه الايام، بدعم من كتلتيه، قانون جديد يدعى "قانون مناهضة الارهاب، الذي يفتح الطريق لدعاوى الاضرار في المحاكم الامريكية من جانب المواطين الامريكيين الذين تضرروا باعمال الارهاب الفلسطينية – طالما كانت السلطة تتلقى اموال المساعدة الامريكية. والنتيجة هي ان السلطة وقادتها يفضلون التخلي عن المساعدة كي لا يكونوا عرضة للدعاوى القضائي.

          ولكن معنى هذا الرفض ليس ماليا فقط؛ فوفقا للقانون الامريكي الجديد، ومثلما طالبت اسرائيل منذ زمن بعيد، فان الدفعات التي تصرفها السلطة لعائلات الارهابيين القتلة تعد أيضا، وعن حق، مساعدة للارهاب. ينشأ عن ذلك أن السلطة في واقع الامر تتبنى الارهاب ومنفذيه باثر رجعي.

          كيف يستوي هذا مع اقوال ابو مازن على السلام؟ هذه مسألة اخرى. وعلى أي حال، هذه وردة وفيها شوكة: فالوقف التام للاموال الامريكية من شأنه ايضا ان يؤدي الى وقف التعاون الامني مع السلطة – وهو عمل رغم نواقصه يؤدي دورا لا بأس به من ناحية اسرائيل ايضا.

          اسرائيل لا بد انها لا ينبغي لها أن تخف ايديها عن الكونغرس الامريكي، ولكن عليها أن تحاول ايجاد حل لهذه المشكلة.