من المسؤول عن هجرة "شباب الوطن"!

الساعة 07:34 م|10 فبراير 2019

فلسطين اليوم

من المسؤول عن هجرة "شباب الوطن"! بقلم أنور العامودي

لم تقف الهجرة القسرية بين بلدان دول العالم لحظة ما، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية  واشتدت الهجرة في القرن الواحد والعشرين الذي شهد كوارث دامية نتيجة النزاعات المسلحة وتردي الأوضاع الاقتصادية في عددٍ من بلدان العالم، وتشير احصائيات اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن أعداد المهاجرين حول العالم وصلت لنحو 230 مليون مهاجر تنقلوا بين أصقاع الأرض للأسباب آنفة الذكر، وفرضت الهجرة العشوائية (غير الشرعية) نتائج عصيبة على ملايين السكان المهاجرين لاسيما الذين يتنقلون بين الحدود بطريقة غير شرعية، ويتعرضون في سياق رحلتهم المحفوفة بمخاطر أودت بحياة أعدادٍ كبيرة.

هذا الانطباع المخيف كان هاجساً لدى الكثير من حكومات دول العالم، في حالات الكوارث الإنسانية والنزاعات المسلحة والحروب طويلة الأمد على الملايين من السكان، لذلك تجد منظمات دولية فاعلة مهمتها الأساسية حماية النازحين والمهاجرين، إلا أنّ الأرقام الكبيرة من المهاجرين أرقت تلك المنظمات في مساعيها الحثيثة في توفير أدنى الإمكانات والمتطلبات المعيشية لهؤلاء المهاجرين.

قطاع غزة لم يكن بعيداً عن هذه الظاهرة (الهجرة غير الشرعية) إذ شهدت الآونة الأخيرة هجرة أعداد كبيرة من الشباب معظمهم من أصحاب الشهادات الجامعية، الذين تقطعت بهم السُبل، جراء حكومة تمارس العنصرية والاضطهاد على أكثر من 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة مقرها "تل ابيب" بحصارٍ ألقى بظلاله على الظروف المعيشة للسكان، بالتزامن مع انقسام فلسطيني عطل مناحي الحياة ودفع شبابها للهروب من واقعهم المأسوي، وفشل المنقسمون من التوصل لحلٍ كان يمكن من خلاله حل جميع عقد المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الناتجة عن ذلك.

قد يَظن البعض منا أنّ مشروع الهجرة هو بمثابة الوصول إلى المبتغى الحقيقي لأي شاب خرج من ذاك السجن الذي لا تتجاوز مساحته 365 كيلو متر، غير أن الشباب اصطدموا بواقع كئيب بعد انّ ايقنوا أنه لا أفق يلوح في المستقبل القريب، في ظل تعنت الاحتلال بفرض الحصار وإغلاق المعابر الحدودية على القطاع، واستمرار الانقسام الفلسطيني البغيض.

مؤخراً، فجعنا بعدد من الحوادث التي نتجت عن قوارب الموت فطالعتنا الأخبار بوفاة الشبان عبدالله المصري ومنير أبو شرخ وحسام أبو سيدو غرقاً في البحر جراء انقلاب القارب بهم في أعماق البحار، وهذا يدّل على حجم الصعاب التي يمر بها أبناء شعبنا خلال تنقلهم بين الآلاف من الأميال البحرية وعبر الحدود الشائكة من تركيا واليونان وبلغاريا وصولاً إلى بلجيكا أو ألمانيا..، دون أي مسؤولية تقع على عاتق تلك الدول في السعي لإيجاد حلول لمساعدة المهاجرين.

المعاناة التي يمر بها عشرات المهاجرين الغزيين أثناء تنقلهم بين الحدود الدولية، حيثُ يتم ملاحقتهم من قبل الشرطة الحدودية ومهاجمتهم بعنف وإطلاق الكلاب صوبهم دون شفقة ورحمة تُذكر، وافتقار أدنى المتطلبات المعيشية والمكوث على الطرقات لأيام عدة دون النظر في أحوالهم، إلى جانب التكاليف الباهظة التي يدفعها شبابنا لرجال (المافيا) بمجرد عبورهم البحار للوصول إلى بر الأمان، وللأسف ينجو من ينجو ويغرق من تنقلب به السبلُ في عُباب البحار على مشهد ومرأى العالم.

حال غزة لا يخفى على أحد يكفي أن تطالع نشرة أخبار واحد لتخبرك إلى ما وصل حال غزة وسكانها، إذ أنّ الإحصائيات كافية للحديث عن مرارة عشرات الآلاف من الخريجين وأصحاب المهن الفنية (الصناعية) في القطاع العاطلين عن العمل الذين وصل عددهم لأكثر من230 ألف عاطل عن العمل، وأطلقت المؤسسات الحقوقية والإنسانية جرس الإنذار إزاء ارتفاع نسب البطالة والفقر المتفشي بين الشباب، ووفق آخر الإحصاءات الصادرة عن مركز الإحصاء الفلسطيني فإن نسبة البطالة تجاوزت الـ60% في قطاع غزة، علاوة على أنَّ أكثر من ثلث الشباب يفكرون بالهجرة بالخارج من أجل إيجاد فرص عمل، وجّلهم من أصحاب الشهادات الجامعية، وفقاً للإحصائية السابقة.

من حقي ومن حقنا جميعا أن أتساءل ونتساءل هنا، هل بالفعل أصبح شبابنا لقمة سائِغة للمافيا الحدودية؟!، من المستفيد من أن يصبح همَّ "شباب الوطن" فقط الرحيل من الوطن؟!، هل شبابنا رخيص لتلك الدرجة حتى تأكل أسماك القرش لحومهم في البحار؟!، هل يوجد خطط لدى حكوماتنا الراشدة للوقوف عند مسؤولياتها؟! أين الفصائل الفلسطينية مما يجري لشبابنا "عماد التحرير"؟!، هل.. هل..الخ.

على وقع المعاناة التي يعيشها شباب الوطن بدء القلم يَكتب ويصرخ في آذان وضمائر كل من له ذرة مسؤولية تجاه فلسطين والقضية، أقول لكم إن شبابنا قادرين على صناعة مستقبل باهر لو تم تقديم برامج حقيقية تهتم بهم وبشهاداتهم الجامعية وتوفر أماكن صناعية لأصحاب المهن الفنية من أجل إنقاذ الأجيال القادمة من الهجرة والحفاظ على أصحاب المواهب العقول الذكية!، فقط هم يريدون من يمد يده نحوهم ... انقذوا عماد الوطن يا مسؤولي الوطن.. والله من وراء القصد!

 

كلمات دلالية