قطع الرواتب فعل محرم - بقلم: خالد صادق

الساعة 10:25 ص|07 فبراير 2019

فلسطين اليوم

أكثر من خمسة آلاف فلسطيني قامت السلطة الفلسطينية بقطع رواتبهم جملة واحدة, ومن بين الذين قطعت رواتبهم أسرى ومحررون وذوو الشهداء وتفريغات 2005م , وجل من قطعت رواتبهم ينتمون لحركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس, والغريب ان هذه الخطوة أقدمت عليها السلطة في الوقت الذي أكد فيه رئيسها محمود عباس مرارا وتكرارا, انه لا مساس برواتب الشهداء والأسرى, وان الاحتلال لن يستطيع ان يملي علينا شروطه بقطع رواتب الشهداء والأسرى, لكن ما يقال يتنافى تماما مع الواقع, والسلطة أقدمت على ارتكاب فعل محرم بقطع رواتب خمسة آلاف فلسطيني, ويبدو ان هذا الإجراء ليس الأخير, بل هو بداية لإجراءات عقابية أخرى تمهد لها السلطة الفلسطينية لفرضها على قطاع غزة وفق أجندة محددة, والسؤال المطروح الآن, لماذا أقدمت السلطة الفلسطينية على هذه الخطوة في هذا الوقت؟!.

 

أولا: السلطة رفضت كل الوساطات والحلول التي طرحتها مصر عليها, حتى أنها رفضت وساطة روسيا لحل الخلاف الفلسطيني الداخلي, ومحاولة تقريب وجهات النظر بين فتح وحماس, وتفترض السلطة  بأن هناك مؤامرة عليها لتقويض دورها, والإنقاص من شرعيتها, وهذا الاعتقاد الخاطئ ادخلها في حالة مواجهة مع الجميع, لذلك أقدمت على تضييق الخناق على غزة بقطع رواتب الموظفين لخلق حالة فوضى في القطاع.

 

ثانيا: قدرة حماس والجهاد الإسلامي على فتح قنوات حوار مع جهات خارجية, ودعوة موسكو للفصائل الفلسطينية للحوار, واللقاءات المتكررة بين حماس والفصائل مع الوفد الأمني المصري المتواجد بشكل شبه دائم في قطاع غزة, والذي يسعى لحل المشكلات التي تعترض المصالحة الفلسطينية, فالسلطة لا تسعى للمصالحة بقدر سعيها لعزل حماس سياسيا, وفرض رؤيتها للحل والتي تتناقض مع رؤية حماس والفصائل.

 

  ثالثا: ظنت السلطة الفلسطينية ان انسحابها من معبر رفح الحدودي مع مصر, سيدفع لإغلاق المعبر بشكل كامل, والضغط على المواطنين بشكل اكبر للانقضاض على حماس, لكنها فوجئت بموقف مصر الرافض لإغلاق المعبر, حيث تم إعادة فتحه مجددا وعودة موظفي حماس لإدارته, مما أربك السلطة وجعلها تنتقد وتهاجم الموقف المصري, وهدد جبريل الرجوب بإعادة تقييم علاقة السلطة مع مصر من جديد.

 

رابعا: اندفاع السلطة لتشكيل حكومة جديدة على غير رغبة الفصائل, -حكومة اللون الواحد- التي سيتم فرضها على الفلسطينيين, حيث أوكلت لهذه الحكومة مهام عدة منها تضييق الخناق على قطاع غزة والتي وصلت إلى حد تهديد عزام الأحمد باعتبار القطاع «إقليماً متمرداً», وعدم تزويد الوزارات الحكومية بالميزانيات اللازمة, ووقف عمل سلطة النقد, ما يعني ان مهمة هذه الحكومة محددة مسبقا في اتخاذ خطوات كارثية ضد القطاع.

 

وبما ان هذه الخطوات والإجراءات تعدت كل الخطوط الحمراء, ولم تبق أي حالة لدى المتنفذين داخل السلطة للدفاع عن النفس, وحتى تتبرأ شخصيات قيادية فتحاوية والمتنفذين من إجراءات قطع أرزاق الموظفين والأسرى والشهداء , والإجراءات المنوي اتخاذها ضد قطاع غزة, فقد تبرأت العديد من الشخصيات الفتحاوية من هذه الإجراءات, وقالت أنها لا علم لها بها, وان الأسماء التي لم تتقاض رواتبها أدرجت في ملف الرواتب من طرفهم, إذا فمن الذي قام بقطع هذه الرواتب, انه هو نفس الشخص أو نفس الفئة التي تعمل دائما على إفشال جهود المصالحة الفلسطينية, ونفس الشخص أو الجهة التي تلغي اتفاقات المصالحة بعد ان يتم التوقيع عليها من كل الأطراف, وهى نفس الفئة التي تمنع إدخال حماس والجهاد الإسلامي في منظمة التحرير الفلسطينية, ونفس الجهة التي تمنع إعادة انتخاب وتشكيل مجلس وطني فلسطيني, هى نفس الفئة التي أفشلت اتفاق مكة, واتفاق القاهرة 2011م, واتفاق الشاطئ, وكل الاتفاقات التي أوصلت المصالحة إلى حلول مرضية لكل الأطراف.

 

من يعملون على الإفشال والتوتير معروفون تماما للجميع, وربما يأتي الوقت الذي سيحاسبون فيه على مواقفهم من الشعب الفلسطيني, وربما يتكشف عما قريب لصالح من يتجند هؤلاء, لكن هؤلاء البلهاء لا يدركون ان كل مؤامراتهم ستتحطم على يد متظاهر فلسطيني يحمل حجره ومقلاعه ويتوجه به للحدود الشرقية لقطاع غزة ليسيء به وجه بني صهيون, أو ثائر فلسطيني في الضفة أو القدس يحمل سكينه ليواجه جندياً مدججاً بشتى أنواع السلاح, ان شعبنا يجيد الانتصار في المعارك مهما كان نوعها, وحتما سيتغلب على تلك العقوبات التي يفرضها الاحتلال أو السلطة .