الـعـقـوبـات بـالـرزم

الساعة 02:28 م|30 يناير 2019

الـعـقـوبـات بـالـرزم

كتب: خالد صادق

 

رزمة عقوبات جديدة ستفرضها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة, فالعقوبات على غزة تفرض بالرزمة وليست عقوبات تدريجية, ذلك لأن غزة أثبتت مناعتها ضد العقوبات وقدرتها على الصمود أمامها, مما أصاب خصومها بالغضب الشديد وجعلهم يفرضون العقوبات بالرزم دفعة واحدة, حتى تجني ثمارها ويكون مردودها سريعا ومؤثرا, العقوبات هذه المرة أخذت طابعا اقتصاديا لأن الوضع الاقتصادي متردٍ للغاية في القطاع, وهو الحلقة الأضعف التي يجب الطرق عليها حتى تتصدع وتنكسر, فنسبة الفقر في القطاع تجاوزت الـ 65% , أما نسبة البطالة فبلغت 45% ما يعني ان الأمور قابلة للانفجار في وجه حماس حسب تقديرات السلطة الفلسطينية.

وبالتالي يجب استمرار الطرق بقوة على الجانب الاقتصادي حتى يتحقق المراد, وربما تستطيع الحكومة الجديدة المنوي تشكيلها إدارة الأوضاع في الضفة والقطاع على حد سواء, وهو الحلم الذي يراود السلطة الفلسطينية كي تثبت للجميع سلامة وجهة نظرها بأن مزيد من العقوبات هو الكفيل بإرجاع غزة إلى حضن الشرعية, وليس فتح معبر رفح, وإدخال الأموال القطرية, وضخ الوقود لمحطة توليد الكهرباء وإدخال البضائع عبر معبر رفح الحدودي, فكل هذا اضعف السلطة في مواجهة حماس, وعطل الانفجار. 

هذا هو التفكير الذي يغزو عقل السلطة, وهذا ما يدور في خلدها, وستبقى تلعب هذا الدور رغم سيل الاتهامات الموجهة لها من كل الفصائل الفلسطينية, فالسلطة تلعب دورا خطيرا في تغذية فصل قطاع غزة عن بقية أرجاء الوطن, عبر فرض عقوبات جديدة على القطاع, كما تقوم بتسهيل تمرير ما تسمى بصفقة القرن من خلال الضغط على فصائل المقاومة الفلسطينية ومساومتها على تسليم سلاحها, وإسقاط الخيار العسكري لمواجهة الاحتلال الصهيوني والتصدي له وإحباط مخططاته وأهدافه العدوانية, وانتهاج خيار السلام كخيار استراتيجي ووحيد للحوار مع الاحتلال الصهيوني, ورفض أية خيارات أخرى حتى تلك الخيارات السلمية, فالسلطة ترفض مثلا المسيرات السلمية في قطاع غزة, وترفض السماح للفلسطينيين في الضفة بالوصول إلى مناطق التماس مع الاحتلال وتفجير انتفاضة شعبية في وجهه, وأوقفت كل الفعاليات السلمية بكافة أشكالها, خوفا من ان تؤدي في النهاية إلى إحراج السلطة وتفجير شكل من أشكال المواجهة مع الاحتلال, لا تضمن نهايته ولا ترغب به أو تسعى إليه, لأنه يعرضها إلى عقوبات من سلطات الاحتلال الصهيوني.  

دور السلطة انحصر اليوم في تفجير الصراع مع غزة, وفرض العقوبات عليها, في محاولة لإخضاعها والتحكم فيها, لذلك بدأت السلطة اليوم تروج لعقوبات جديدة على قطاع غزة تتمثل في التالي:

أولا: الضغط على مصر لأجل منع إدخال البضائع المصرية عبر معبر رفح وإغلاق المعبر في وجه المسافرين الفلسطينيين إلى حين إعادة موظفي رام الله للمعبر بالشروط التي حددتها السلطة.

ثانيا: وجود مراسلات بين سلطة النقد في رام الله وعدد من شركات تحويل الأموال، فحواها إنهاء أو تقليص عملها في غزة قبل بداية آذار/ مارس المقبل، وقد بدأت بعض شركات التحويل تنبيه عملائها إلى أن عملها في القطاع قد يتوقف خلال الأشهر المقبلة. فالسلطة تريد خنق غزة مالياً، وتقليص حجم حوالات الأفراد بعدما تمكنت من إيقاف جزء كبير من التحويلات التي تصل إلى المؤسسات والجمعيات الخيرية عبر البنوك، وهي الآن تعمل على تقييد عمليات التحويل للجمعيات الكبرى بـ«إجراءات غاية في التعقيد.

ثالثا: إحالة خمسة آلاف موظف الى التقاعد قبل منتصف العام الحالي، في خطوة تسعى من خلالها السلطة إلى تقليص فاتورة الرواتب التي تُصرف لغزة.

رابعا: رفع قيمة «التعلية الجمركية» (ضريبة إضافية فوق الجمارك) على البضائع التي تدخل القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، وتأتي هذه الزيادة بعد شهرين من زيادة الرسوم على الشاحنات الواردة إلى غزة بنسبة تزيد على خمسة أضعاف ما كانت عليه سابقاً.

هذه الإجراءات وغيرها تسوق لها السلطة الفلسطينية وتحاول ان تؤثر من خلالها على الشارع الغزي, في وقت ينتفض فيه الفلسطينيون بمسيرات العودة الكبرى في وجه الاحتلال, فلمصلحة من هذه الإجراءات العقابية يرحمكم الله, ولماذا في هذا الوقت تحديدا؟!. 

كلمات دلالية